روبن هود الانجليزي / د.رياض ياسين

روبن هود الانجليزي والشُطّار في العصر العباسي والنواب الأردنيون

تشير قصص “روبن هود” عموما الى محاولات دائمة من اجل النيل من الاغنياء والارستقراطيين وتحصيل ما يمكن تحصيله منهم لإطعام الفقراء والجائعين، وكذلك كانت فئة الشُطار في بغداد بالعصر العباسي قد نهجت طريقا مشابها، وهذا مايفعله بعض نواب الأمة الجدد المتحمسين لتسجيل مواقف على حساب دائرة الحاجة والعوز والجوع التي تتسع في المجتمع الاردني نتيجة امتداد ابراج الأسياد والارستقراطيين بصورة عمودية للاعلى،فالقاعدة تقول ان امتداد الأبراج العاجية للأعلى يزيد من الفجوة الأجتماعية ويصعب الرؤية ووضوح الصورة.

يلهث الناس بحثا عن الوفرة في الحصول على سلع أساسية، ولا يفكرون في السلع الثانوية من منطلق أولويات الحياة الضاغطة ،ويتأهبون مع موسم شتاء قارص ببرده جاف بعطائه المطري ، وهم يعدون العدة وكانهم داخلون الى معترك حياة جديدة للاستعداد لموجة غلاء وارتفاع اسعار المواد الاساسية وزيادة في الرسوم على العديد من السلع ناهيك عن مخالفات السير وغرامات مرتبطة بمركباتهم واستحقاقات اقساط تدريسية مع نهاية الفصل الاول وبداية الفصل الثاني.وتستعد الحكومة ربما بالتشارك مع لجان المجلس النيابي المتخصصة الى تمرير ما يمكن تمريره من قرارات غير شعبية مرتبطة بالإصلاح الاقتصادي عنوانها الأساسي المزيد من الرفع والدفع.

النواب الكرام في المجلس 18 الحالي متحمسون ومع ذلك مانحون للثقة لحكومة الملقي التي تجابه تحديات على الصعيد الخارجي الإقليمي والدولي لا يقل عن تحدياتها الداخلية المفروضة بحكم التراخي والتراكم وترحيل الكثير من المشاريع والخطط الى المجهول في المستقبل،ويقف نوابنا الكرام بخطاباتهم الحماسية ليتحدثوا بالنقد واتساع الفجوة الاجتماعية الكبيرة بين فئات المجتمع الاردني الذي بات طبقيا على مايبدو مقسما بصورة عمودية، ونسي هؤلاء النواب او تناسوا أن معظمهم لم يكن قادرا على الوصول الى كرسي النيابة بدون روافع مالية متينة ودعم ورضى بعض الجهات،فالنواب يدركون ان وجودهم تحت القبة لم يكن يتأتى لولا تلك الاشتراطات،والآن هم على موعد مع الشراكة مع الحكومة التي ستتيح لهم العبور الى سدة المنافع والمزايا، فليس مطلوبا منهم ان يكونوا معارضين حقيقين ليقفوا سدا مانعا امام توجهات الحكومة،لكن على الأقل أن يقفوا بوجه سياسات من شانها أن تنال من قوت المواطن.

مقالات ذات صلة

ليس مطلوبا من النواب الكرام ان يكونوا مثل “روبن هود” والشطار في العصر العباسي أي ليس مطلوبا منهم ان يتحملوا المخاطر ويحصلوا حقوق الغلابا والصامتين الحامدين المسالمين من ابناء المجتمع الطيب،وإنما عليهم أن يقوموا بتنظيم خطابهم ومتابعة قضايا مجتمعهم بامانة واقتدار ملتحمين مع القضايا موجودين في اتون ساحتهم الاجتماعية مع ناخبيهم، وقد تبين أن العديد من النواب المحترمين لديه شخصية اجتماعية بسيطة تستطيع ان تتحسس مطالب وحقوق ومظالم الناس.
الشكوك كبيرة حول قدرة النواب أن يلعبوا دورا ايجابيا لصالح المواطنين، وربما سيكونون ايضا ضمن شراكة لحكومة تريد ان تبقى مع عمر المجلس اربع سنوات خاصة انها مع هذه الأيام تتحضر لسلسلة مثيرة من القرارات الاقتصادية غير الشعبية بذريعة الإصلاح الاقتصادي.يبدو أن حكومة الملقي ستتمكن من الهروب الى الامام أمام اعين النواب الذين على مايبدو لن يكونوا أكثر من متفرجين ومجرد مراقبين أكثر من متدخلين ومشاركين في تعطيل توجهات حكومية بمن فيهم نواب الحركة الاسلامية الذين على مايبدو لن يستطيعوا التحرك بشكل كاف نتيجة المعطيات الإقليمية والدولية،وبالتالي سيكوناوا ضمن فريق التشاور وإن ابدوا اعتراضات على بعض الملفات ،فهم كغيرهم سيكونوا جزءا من الاستقرار السياسي الحكومي والنيابي لمدة اربع سنوات قادمة.

الملقي لديه توجهات واضحة ولديه ثقة جلالة الملك وسيحصل على ثقة النواب،وهذا يعني أنه سيمضي مرتاحا دون حواجز عالية لحكومته، فإنه سيكون مستعدا لطرح أوراق رابحة في وجه البرلمان إرضائية أو تجميلية أقصد إجراء تعديلات وزارية كلما اقتضى الامر ذلك.ونوابنا الكرام سارعوا الى الانتصار لقضايا الناس وانتزاع حقوقهم ليس بالبطولات الكلامية والتنظيرات الهلامية،بل بالعمل والجد والاجتهاد،وهاي الميدان يا حميدان.
rhyasen@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى