(المساكنة) / جروان المعاني

(المساكنة)
الاردنيون اعتادوا على كل اشكال الرضا، كالرضا بالمقسوم والرضا بالمرسوم، وتعاملوا دوما مع هذا الرضا بعقل متوازن، ودوما كان تبريرهم لهذا الرضا انهم فداءً لله والوطن والملك مستخدمين واو العطف والمعية دون تمييز، فالاردنيون محبون للسلام والهدوء حريصون على البلد واهله.
المدهش الذي ما عاد يدهش ان غالبية الحكومات التي تولت ادارة الدولة ما اهتمت يوما بارضاء الله والوطن، ودوما كان جل همها تزيين الواقع ليصل لجلالة الملك على ان الامور على خير ما يرام، واننا كأردنيين نعيش سلماً اهلياً ولدينا ما يكفي من الخبز وان الشعب باكمله يرفع يديه للسماء شاكرين لها على هذه النعم وخاصة نعمة الامن والامان.
بعيدا كل البعد عن المخططات الدولية التي نراها واستسلامنا لها سواء تلك المتعلقة بالزحزحة السكانية من العراق وسوريا وتضاعف عدد سكان المملكة خلال العشرين عاما الماضية.
بعيدا عن التفاهم مع اسرائيل على توسيع قاعدة تعليم اللغة العبرية في الجامعات (وربما قريبا في المدارس).
بعيدا عن مسرحية زيادة رواتب العسكر وارتفاع سعر النفط غير المبرر بعيدا عن كل اسباب الرضا والقبول بالمساكنة والمعايشة وما تفرضه اجندة ايران بالمفاخذة وبناء الزوايا والمزارات.
بعيدا عن كل شيء اسأل حكوماتنا ممثلة بكل اجهزتها ماذا لو (صحت القرية) ولبت نداء الفقراني الساكن الكرك الذي ينادي(اصحي يا قرية) ؟
ماذا لو سأل الشعب عن سر انتهاء انتاج القمح في البلاد وعجز عن شراء الخبز وشاءت امريكا ان لا تمنحنا القمح ومنعت نزوله بميناء العقبة ؟
ماذا لو سأل جلالة الملك الحكومة عن سر خراب الطرق في المملكة وسر الباص السريع وماذا حل بمشاريع العبدلي والابراج الملعونة فيها؟
كثيرة هي الاسئلة التي تحتاج الحكومة ان تجيب عليها، لكنها مطمئنة فليس هناك من يجروء على مساءلتها، فالشعب خائف والنواب حالهم محزن والضحية دوما الامن والامان .
لاحظت على نفسي انحسار المد العربي بداخلي، نعم اشعر بمصيبة اخواننا باليمن وليبيا والعراق وسوريا لكنه كشعور الصيني وحزنه على تفجيرات اسطنبول هو حزن ساعة فقط .
لاحظت على نفسي اني انفخ ببوق لا صوت له واني كبقية كل من يكتبوا لا يتعدى اثر كلماتهم جدران المواقع الالكترونية وصفحات الفيس بوك وانه هناك دائما من يشعرك انك تقترب من الخطوط الحمراء وكانه يقول لي (خاف الله بالبلد لا تخليش القرية تصحى).
لاحظت على نفسي اني اساكن في عمارتي التي تقع في منطقة شبه عسكرية سوريين وعراقي، وكثيرا ما احتل مكان وقوف سيارتي سيارات تحمل لوحات خليجية لا اعرف اصحابها، وحين شككت باحدها لانه يخفي راية داعش وبلغت عنها قبل اشهر، وريبتي من كثرة من يدخلون ويخرجون من تلك الشقة، ارتعبت وخفت اني قد اكون ظلمته..!!؟
كثيرة هي الامور التي لاحظتها على نفسي واكاد الحظها على غالبية من اعرفهم، نعم، راضين بما قسمه الله لنا في هذا البلد، راضين بفقرنا وبمساكنتنا لاخواننا وها انا انتظر اثر توسع تعليم اللغة العبرية لابناءنا مقتديا بقوله تعالى(قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) ولكني لا اضمن ان تبقى القرية راضية لمدة اطول اذا لم تضمن لها الحكومة الخبز.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى