الأطماع العثمانية في بلادنا!!

الأطماع العثمانية في بلادنا!!
د. خالد حسنين

هل لتركيا أطماع في بلادنا العربية؟ الجواب نعم بالتأكيد، فهذا هو منطق السياسة، وواحد من بدهيات الصراعات الاستراتيجية، ولكن مهلا: فالصهاينة لهم أطماع في بلادنا منذ نشأ كيانهم حتى اليوم، والإيرانيون طامعون في الهيمنة كذلك، واستطاع مشروعهم الاستعماري التمدد بدءا من العراق مرورا بسوريا ولبنان، ولن ينتهي في اليمن. والروس والفرنسيون كذلك، ها هم يعبثون في المنطقة صباح مساء، أما أميركا فهي تصول وتجول في بلادنا العربية كصاحب بيت وليست ضيفا، ولا تحتاج إلى أية أطماع، فقد بذل العرب في سبيل رضاها أكثر مما تتوقع هي نفسها.

تصريحات الدكتور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية الاماراتي، حول “رفض العالم العربي لاستباحة سيادته وحدوده من قبل الدول الاقليمية” ويقصد تركيا، يدعو للشفقة، لأن صاحب القرار في سوريا والعراق ولبنان لم يكن عربيا منذ سنوات، والدول العربية مستباحة من قبل روسيا وايران ودولة الكيان كذلك، فلماذا يستغرب الوزير تدخل تركيا في المسألة الليبية بعد أن أدخلت دولته روسيا وفرنسا جنبنا إلى جنب مع مصر والسعودية في دعم خليفة حفتر؛ الذي كان يمثل إلى وقت قريب الحصان الرابح الذي راهنت عليه الإمارات لسحق الحكومة الوحيدة المعترف بها دوليا في ليبيا.

أين كانت مصر السيسي، الخائفة اليوم على ليبيا والخائفة منها، والتي تركض مسرعة نحو الجامعة العربية، منددة بالتدخل التركي ووصوله إلى سرت، ويبدو أن هدفها (بحسب أصحاب سوء الظن) أن تحظى بجزء من الكعكة الليبية خشية أن تستولي تركيا وحدها على النفط الليبي، وتعزز من سيطرة حكومة الوفاق على كامل التراب الليبي.

مقالات ذات صلة

ماذا ستناقش الجامعة العربية يوم غد في اجتماعها، هل ستدين تركيا وتطالبها بالانسحاب من ليبيا؟ وكيف لها أن تفعل ذلك في ظل وجود اتفاق بين تركيا من جهة وبين حكومة شرعية تعترف بها جميع الدول العربية؟ أليس الأولى أن تطلق الجامعة مبادرة تقودها (الجزائر مثلا) وتجمع فيها كافة الفرقاء الليبيين على طاولة واحدة، وتصل بهم إلى اتفاق سياسي يتيح اقرار الدستور، وإجراء انتخابات تمثل الليبيين جميعا؟ أليست الجامعة العربية أولى بفعل ذلك من ألمانيا ومؤتمر برلين؟

المشكلة في العقلية الرسمية العربية أنها لا تعترف بوجود الشعوب العربية، ولا بحقها في امتلاك السلطة والثروة، فالشعوب في نظر معظم القادة العرب هم مجرد رعايا وأتباع، ياكلون ويشربون ويعيشون بعيدا عن التدخل في السياسة، وهذا ما يفسر العداء الشديد لفكرة الثورة وحق الشعوب في تقرير مصيرها، والعداء الشديد لحكومة مستضعفة تمكنت مع مجموعة من (المليشيات) غير المنظمة تنظيما محكما من هزيمة مشروع رعته أربع دول عربية وفرنسا وروسيا (واسرائيل في الخفاء) في مواجهة تشبه المعجزة.

لن أدافع عن تركيا ولا عن سعيها وراء مصالحها في المنطقة، ولكنها دولة تستحق الاحترام، فقد دعمت الثورات العربية والشعوب العربية الساعية للحرية ورفضت الانقلابات وقتل الأبرياء، في حين تخلّت دول النفاق الغربي وعلى رأسها أميركا ودول الاتحاد الأوروبي عن دعم “الديمقراطية” “وحقوق الانسان” بل إن تلك الدول اعترفت ودعمت عودة الدكتاتوريات في العديد من الدول العربية.

أتمنى لو كان لدينا مشروعا عربيا ديمقراطيا ناجزا، بحيث تكون البوصلة واضحة في رفض كافة المشاريع الأخرى، والتحدث حينئذ بلغة قرقاش أو أي زعيم عربي آخر…

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى