جرو أنور / رائد عبدالرحمن حجازي

جرو أنور
كعادتهما محسن وأنور يلهوان ويمرحان في كرم المختار الغربي وفجأة يسمعان صوت ليس بغريب عنهما فيقول محسن اسمع يأنور خوف الله انه صوت جرو ، فيجيبه أنور قائلاً: اه والله والتوت داي من تلات الهُبدة (اه والله والصوت جاي من تلاة الهُبجة)
“الهُبجة : هي حفرة كبيرة نسبياً تشكلت إما بفعل الطبيعة أو بفعل الإنسان”
يتقدما بإتجاه الصوت ليجدا جرو كلب , وما أن شاهدهما حتى ركض بإتجاههما. طبعاً أنور رقد على ركبتيه وفتح له ذراعيه ليستقر الجرو بحضنه وقال لمحسن : بدي البي عندي (بدي اربي عندي) . وفي هذه الاثناء حضر مرعي البُعط واستفسر عن الجرو ليتم إخباره بالتفاصيل . فيوجه مرعي السؤال الاتي لأنور : أنور هو هاظا الجرو بنبح ولا بعده بهتور مثلك ؟ يستشيظ أنور من الغضب ويقول لمرعي : تبعت بهالتلت تدول انه بتن بدلة معتلّة (سبعك بهالكرش تقول انه بطن بقرة المعشّرة). ويزداد الجدل ليتحول لعراك بالأيدي بين أنور ومرعي , والمسكين محسن يحاول أن يفصل بينهما ولكن لا حول ولا قوة له أمام عصبية أنور وحركات يديه العشوائية من جهة وكرش مرعي الذي كان يعمل كحائط صد من جهة أُخرى . استمر العراك لبضعة دقائق حتى استنفذ كل منهما طاقته والدماء تسيل من وجهيهما وابتعد كل واحد عن الأخر عدة خطوات إلا أنهما بقيا يوجهان الشتائم لبعض .
حضر رسمي (أبو الضباع) الذي استنجد به محسن كون داره أقرب دار لمكان العراك فنهر رسمي كل من أنور ومرعي وقال : سبعك انت واياه فعلاً يعني هيتش احسنلكوا دماياكوا حماياكوا , قوموا انقلعوا وكل واحد ينخم بداره . لكن أنور كونه شعر بالظلم أراد أن يدافع عن نفسه فقال لرسمي : هو اللي حتالي الدلو بهتول متلت (هو اللي حتشالي الجرو بهتور مثلك ). وما كان من رسمي إلا أن ازداد غضباً وقال لأنور : ئي .. دمالة الدمالة .. ولك امشي انقلع انت واياه عاد , لكن أنور لم يُعجبه كلام رسمي وبقي في مكانه ودموعه تنهمر وقد رسمت مساراً متعرجاً على طبقة الغبار على خديه فما كان من صديقه محسن إلا أن راح يواسيه ويطيب خاطره ببعض الكلمات ومن جهة أُخرى كان يوجه العتاب واللوم لمرعي (البُعط) . هنا أيقن رسمي بأن أنور مظلوم فاقترب منه ومسح على رأسه وقال : اللهم اخزيك يا شيطان خلص عمو خلص حقك عليّ ثم أدار وجه بإتجاه مرعي وقال : ولك مرعي تعال حِب على راس أنور , اقترب مرعي مع ابتسامة صفراء واصطلح مع أنور ليغادروا الصبية معاً وكأن شيئاً لم يكن . طبعاً الجرو كان من نصيب أنور .
الصحيح أن أنور لم يضعف أمام تهديد رسمي أبو الضباع وكان بإمكانه مغادرة المكان بمجرد ما نهره رسمي ولكنه بقي ودافع عن نفسه لأنه لم يرضى بالظُلم , والأجمل من ذلك أن أنور قد عظُم في عيني رسمي أبو الضباع بعدما أيقين الأخير بأنه على حق وكرامته لم تسمح له بأن يُهان .
كُثر من هُم أمثال أنور ورسمي أبو الضباع في مجتمعنا ؟ لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سيسلكوا نفس سلوكهما ؟
رائد عبدالرحمن حجازي

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى