بومبيو يشن هجومًا لاذعًا على “حزب الله”

سواليف _ في زيارة حملت الكثير من الرسائل في شكلها ومضمونها، وصل وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو إلى العاصمة اللبنانية بيروت، ظهر اليوم، حيث التقى عدداً كبيراً من المسؤولين اللبنانيين، واضعاً أكثر من ملف على الطاولة، لعل أبرزها الدور الإيراني في المنطقة، ودور “حزب الله” في لبنان، الذي وصفه بأنه “حزب إرهابي ومجرم” على مسمع من مضيفيه المسؤولين اللبنانيين.
واعتبر بومبيو في مؤتمر صحافي في ختام لقاءاته الرسمية مع نظيره اللبناني جبران باسيل أن “حزب الله حزب إرهابي مجرم يقف عائقاً أمام آمال الشعب اللبناني ويتظاهر بدعم الدولة”. وأشار إلى أن “ايران لا تريد الاستقرار في لبنان لأنه تهديد لطموحاتها في الهيمنة، و”حزب الله” يسرق موارد الدولة”، داعياً الشعب إلى “الوقوف بوجه اجرام حزب الله” وبوجه “العدوان الايراني”.

وعلى الرغم من اتهام بومبيو للحزب بسرقة الدولة إلا أنه في المقابل جدد التأكيد على استمرار دعم المؤسسات الشرعية اللبنانبة، مقابل تقديم “حزب الله” وإيران ما أسماه “التوابيت والأسلحة” للدولة، متهماً قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني بـ”تقويض المؤسسات الشرعية اللبنانية” والشعب اللبناني، ومتوعداً بـ”الضغط على ايران لوقف سلوكها الارهابي، لأن دعمها لحزب الله يشكل خطرا على الدولة ويقوض فرص السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين” على حد تعبيره.

وخيّر بومبيو شعب لبنان بين “المضي قدماً أو أن يسمحوا لطموحات ايران وحزب الله بأن تهيمن”، مشيراً إلى أن “الضغط الذي نمارسه يهدف لقطع التمويل عن ايران. لكن باسيل استبق تصريحات بومبيو بالقول إن حزب الله “حزب لبناني منتخب وليس إرهابياً” مشدداً على مسمع ضيفه، أن مقاومة الاحتلال حق مشروع.

في المقابل، شدد باسيل على أن حزب الله “حزب لبناني غير إرهابي”، مؤكّدا أن تصنيفه في القوائم الأميركية إرهابياً “لا يعنينا”.
وأكد وزير الخارجية اللبناني، على “حق لبنان المقدس” في الدفاع عـن أرضه وشعبه، مشددا، في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الأميركي، على أن “حزب الله” هو “حزب لبناني غير إرهابي، تم انتخابه بنسبة كبيرة من قبل الشعب”.

وكانت الولايات المتحدة قد أدرجت “حزب الله” على لائحة “الإرهاب”، وفرضت عليه عقوبات. ويشغل الحزب ثلاث حقائب وزارية في الحكومة اللبنانية التي أعلن عن تشكيلها أخيرًا، أبرزها وزارة الصحة.

وعلّق باسيل على القرار الأميركي أمام بومبيو، بالقول إن “”حزب الله” بالنسبة لنا لبناني منتخب، وتصنيفه ضمن لائحة الإرهاب لا يعنينا”، مؤكدا التزام بلاده بالقرار 1701، لكنه شدد على “حق لبنان في مقاومة الاحتلال”.

وأضاف وزير الخارجية اللبناني: “بحثنا مسألة الحدود، وأبدى لبنان إيجابية انطلاقا من احتفاظه بحقوقه (..) لبنان يؤكد الالتزام بالحفاظ على الهدوء في الجنوب”. وأشار باسيل إلى أن “لبنان لم يعد يحتمل تواجد لاجئين على أرضه”، مضيفا: “تحدثت مع بومبيو عن خطر اللاجئين على وجود لبنان كدولة، وقد طرحنا قضية عودة اللاجئين غير الطوعية”.

من جهتها، قالت الرئاسة اللبنانية إن الرئيس ميشال عون أبلغ وزير الخارجية الأميركي أن “”حزب الله” حزب لبناني له قاعدة شعبية”.

وتابعت الرئاسة اللبنانية على “تويتر” أن عون قال لبومبيو: “الحفاظ على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي هو أولوية لنا، و”حزب الله” حزب لبناني منبثق من قاعدة شعبية، تمثّل واحدة من الطوائف الرئيسية في البلاد”.

وانشغل الداخل اللبناني بالزيارة وسط اجراءات أمنية مشددة في العاصمة بيروت. وكان بومبيو وصل ظهراً إلى مطار رفيق الحريري الدولي من دون أن يستقبله أحد من المسؤولين اللبنانيين، في خطوة علم “العربي الجديد” أنها جاءت بطلب من الجانب الأميركي، من دون معرفة الأسباب. وفي خطوة غير مسبوقة منذ سنوات بالنسبة لوزراء الخارجية الأميركيين الذين يزورون لبنان، يبيت بومبيو ليلته في لبنان في مقر السفارة شديد التحصين، في منطقة عوكر، شمال شرقي بيروت، على أن يستكمل لقاءاته ليلاً في مقر السفارة مع شخصيات لبنانية سياسية وروحية، قبل أن يغادر غداً.

وتشعبت الملفات التي طرحها وزير الخارجية الأميركي في لبنان، لكن أبرزها كان وفق معلومات “العربي الجديد”، ثلاثة: أولاً ملف “حزب الله” والعقوبات المفروضة عليه، وضرورة التزام لبنان بتعهداته الدولية لجهة تنفيذ القرارات الدولية، اضافة إلى سلاح “حزب الله”، والنفوذ الإيراني، وثانيها ملف ترسيح الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل. وثالثها ملف اللاجئين السوريين في لبنان. اضافة إلى ملفات أخرى حضرت على هامش اللقاءات منها ضرورة التزام لبنان بما تعهد به في مؤتمر “سيدر” وكذلك المساعدات الأميركية للمؤسسات الأمنية اللبنانية.


أبرز الملفات التي طرحها بومبيو وفق معلومات “العربي الجديد”، ثلاثة: أولاً ملف “حزب الله” والنفوذ الإيراني، وثانيها ملف ترسيح الحدود البحرية والبرية بين لبنان وإسرائيل، وثالثها ملف اللاجئين السوريين في لبنان


وحضر ملف ترسيم الحدود البرية والبحرية في كل لقاءات بومبيو تقريباً، إلا أنه كان رئيسياً في اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتحول إلى مادة خلافية بينهما، على الرغم من التوافق على “ضرورة معالجة الحدود البحرية والتي تشمل المنطقة الاقتصادية الخاصة للبنان”، بالتعاون مع الأمم المتحدة.

وسمع الضيف الأميركية وفق معلومات “العربي الجديد” كلاماً موحداً مما التقاهم، وخصوصاً من بري الذي أسهب في شرح “التعدي” الإسرائيلي على المياه اللبنانية، وحقوق لبنان، مؤكداً رفض خطة هوف التي طرحت في العام 2012، والتي حاولت الترويج لتسوية تضمن اعطاء لبنان نحو 60% من المنطقة المتنازع عليها، وابقاء 40% مجمدة، وسط مخاوف لبنانية من أن تتمكن اسرائيل من الوصول الى هذه المنطقة عبر الآبار المشتركة والتي بدأ الكيان الإسرائيلي فعلياً بإستخراج النفط والغاز منها.

وكان مستشار وزارة الخارجية ديفيد ساترفيلد، الذي رافق بومبيو في زيارته إلى لبنان، حاول اعادة احياء هذه الخطة، على الرغم من الإعتراف الدولي بالحقوق اللبنانية، وهو ما يعتبره لبنان انتهاكاً لسيادته وكرامته الوطنية وحقوقه المشروعة. وعليه كرر الرؤساء الثلاثة “التمسك بحقوق لبنان في ثروته الغازية والنفطية”، فيما كرر بومبيو دعوته إلى اعادة النظر في الخطة بوصفها أفضل الممكن.

الملف الخلافي الثاني الذي حضر خلال لقاءات بومبيو كان ملف “حزب الله”، الذي حضر بإسهاب في كل اللقاءات، وكرر بومبيو دعواته، وفق معلومات “العربي الجديد”، إلى الإلتزام بالقرارات الدولية الخاصة بلبنان ذات الصلة، وتحديداً القرار الدولي رقم 1701، والقرار الدولي رقم 1559، وخصوصاً البند الذي يتحدث عن سحب سلاح المليشيات، مشيراً بالإسم إلى “حزب الله، اضافة إلى العقوبات الأميركية ضده وتأكيده على ضرورة التزام لبنان بها، وعدم السماح للحزب بالتستر خلف الدولة اللبنانية، أو الإستفادة منها للتهرب من العقوبات، وهو الأمر الذي سيضع واشنطن في خانة حرجة، خصوصاً أنها لا تزال الى اليوم تفصل بين “حزب الله” ولبنان الدولة، على الرغم من السطوة الإيرانية عبر “حزب الله”.

وأكد بري، في هذا المجال، وفق بيان صادر عن مكتبه الإعلامي ان “القوانين التي أقرها المجلس النيابي تطابق القوانين الدولية وتؤمن الشفافية في التداول المالي على الصعد كافة”. لكنه في المقابل شدد على ان “حزب الله” هو “حزب لبناني وموجود في البرلمان، والحكومة ومقاومته واللبنانيين ناجمة عن الاحتلال الاسرائيلي المستمر”.

كما تطرق بري إلى العقوبات الأميركية على “حزب الله” وتداعياتها السلبية على لبنان واللبنانيين، وهو الموقف ذاته الذي عبر عنه رئيس الجمهورية ميشال عون قبل ساعات من وصول بومبيو.

ووفق بيان الرئاسة اللبنانية، فقد سمع بومبيو من عون كلاماً مطابقاً للذي سمعه عند بري، وخصوصاً المتعلق بـ”حزب الله”، مشيراً إلى أن “حزب الله حزب لبناني منبثق من قاعدة شعبية تمثل واحدة من الطوائف الرئيسية”.

وفي الملف الثالث المتعلق باللاجئين، فقد طالب عون من بومبيو “مساعدة بلاده لإعادة النازحين السوريين إلى المناطق الآمنة في سوريا”، مؤكدا ان “عمليات تنظيم العودة التي يتولاها الأمن العام سوف تستمر”. وعلم “العربي الجديد” أن عون كرر أمام مسامع بومبيو ما قاله سابقاً لجهة عدم قدرة لبنان على انتظار الحل السياسي الذي يشترطه المجتمع الدولي قبل عودة الللاجئين.

وبدا التنسيق واضحاً بين القيادات اللبنانية، في جميع الملفات حتى المتعلقة بـ”حزب الله”، اذ عبر الرئيس سعد الحريري بوضوح بحسب ما علم “العربي الجديد” عن مواقف لا تختلف عما قاله عون وبري، لجهة اعتبار “حزب الله” مكوناً لبنانياً يمثل شريحة لبنانية، وكذلك في ملف اللاجئين الذي بدا ان القيادات اللبنانية نجحت في توحيد موقفها بعد الخلافات الأخيرة على خلفية مؤتمر بروكسل، تحت سقف عدم القدرة على انتظار الحل السياسي، على الرغم من أن الحريري تمايز قليلاً في هذا الملف لجهة تحميل النظام السوري المسؤولية، ودعوته بومبيو إلى ممارسة ضغوط على النظام.

وفي الشكل أيضاً حملت الزيارة أكثر من رسالة من بينها رفض بومبيو التوقيع على السجل الذهبي في قصر بعبدا، وكذلك زيارته وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن على الرغم من انه بروتوكولياً عادة ما يلتقي الوزراء نظرائهم اضافة إلى الرؤساء الثلاثة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى