إيران لا تريد حربًا مع إسرائيل / ماهر ابو طير

إيران لا تريد حربًا مع إسرائيل

على عكس كل التقارير السياسية والاعلامية، التي تتوقع حدوث مواجهة ايرانية اسرائيلية، على خلفية انسحاب واشنطن، من الاتفاق النووي، وعلى خلفية عمليات اسرائيلية ضد ايران في سوريا، فإن الواقع والمنطق، يقولان معا، إن ايران لم تقم حاليا بأي رد فعل ضد اسرائيل.
إيران، وبعد انسحاب واشنطن، لا تريد التفريط بحلفائها الأوروبيين، وسوف تتجنب التورط في مواجهات حاليا، تجر المنطقة الى حرب اوسع، وهي اساسا تعرف ان التصعيد الاسرائيلي ضدها، بلغ مستويات عليا، سياسيا وعسكريا، ولا تريد ان تثبت الادعاءات الاسرائيلية ضدها، خصوصا، في توقيت حساس، تريد بعده اما الحفاظ على الاوروبيين في الاتفاق النووي، او توظيف علاقتها معهم، من اجل وساطة جديدة، تؤدي الى الوصول الى تسوية، واتفاق جديد.
علينا ان نلاحظ طبيعة التصعيد الاسرائيلي، اذ خرج نتنياهو ليلقي خطابا ضد ايران، بعد خطاب ترمب، وحالة الطوارئ تم اعلانها في الجولان السوري المحتل، والاحتلال الاسرائيلي نفذ عمليات قصف داخل سوريا، وهي عمليات متصلة اساسا، بسلسلة عمليات سابقة، نفذتها اسرائيل خلال الاعوام القليلة الماضية، ضد ايران، وحزب الله، والنظام السوري.
الآراء التي تتحدث عن رد ايراني مرتقب، ضد اسرائيل، بشكل مباشر، او غير مباشر، عبر تنظيمات قتالية في سوريا، او حزب الله في لبنان، او حتى تنظيمات فلسطينية داخل فلسطين المحتلة، او عمليات ضد القوات الاميركية، في العراق او سوريا، كلها آراء تعتمد على افتراض يقول ان ايران سوف تتصرف سريعا وتثأر للاتفاق النووي بعد انسحاب واشنطن، وحملة التحريض الاسرائيلي، وهذا الافتراض يتنافى اساسا، مع رغبة طهران بالبحث عن مخرج نجاة.
الاسرائيليون يريدون استفزاز ايران، وجرها الى مواجهة كبرى، لكن على الاغلب سنجد ان طهران سوف تتلقى اي ضربات اسرائيلية في سوريا، او حتى لبنان، بصبر بالغ، لانها تريد عبور الشهور القليلة المقبلة، بأقل الخسائر، وهي هنا، تدرك انها بحاجة الى تقديم اثباتات تنفي كل الروايات الاسرائيلية، وتفكك التحريض الاميركي، وبحيث يصطف معها الاوروبيون والروس والصينيون.

كل هذه العوامل، تمنع أي مواجهة ايرانية اسرائيلية، في هذا التوقيت بالذات، ونحن نتحدث عن هذه الشهور فقط، لكن لا أحد يعرف على وجه الخصوص، ما الذي يمكن ان يحدث على المدى الطويل، وبهذا المعنى فإن المواجهة العاجلة، مؤجلة، ولا يريدها الايرانيون حصرا، لاعتبارات تخصهم.
علينا ان نشير هنا، الى ان الخطر الايراني، بالمعنى الاميركي والاسرائيلي، خطر استراتيجي، وهذا يعني ان الانسحاب الاميركي من الاتفاق النووي، غير كافٍ، فما زالت واشنطن وتل ابيب، تريدان انتاج ايران بشكل جديد كليا، وليس مجرد وقف المشروع النووي، او قدرة ايران على انتاج الصواريخ البالستية.
كل هذا لا يلغي نهاية المطاف، احتمال حدوث مواجهات تستعمل فيها ايران، وسائل متعددة، في اليمن، والعراق، ومناطق اخرى، لإرسال رسائل الى الاميركان، لكن الحسابات هنا، بالغة الحساسية، اذ لا تريد ايضا التورط في مواجهة مفتوحة، مثلما لا تريد الظهور بصورة الذي يتلقى الضربات، ولا يرد عليها نهائيا، لاعتبارات الداخل الايراني، ولاعتبارات المشروع الايراني الاقليمي.
نحن نتحدث هنا عن مواجهة ايرانية اسرائيلية مؤجلة، بالمعنى الكلي والمفتوح والذي قد يقود الى حرب اقليمية، لكن المواجهة الايرانية الاسرائيلية، بمعناها اليومي، عبر الوكلاء، والبدلاء، وعبر وسائل اقل درجة من الحرب المباشرة، تجري يوميا، ومصلحة اطراف عدة في العالم، ان تتواصل هكذا، دون رفع درجتها.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى