إيران والضربة العسكرية الوشيكة ضد نظام الأسد

إيران والضربة العسكرية الوشيكة ضد نظام الأسد

د. نبيل العتوم

رئيس وحدة الدراسات الإيرانية

مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية

سبعة تغريدات نارية خلال 48 ساعة للرئيس الأمريكي من حسابه في “تويتر”، بقرب استخدام الخيار العسكري للتعامل مع سوريا والاقتصاص من “الحيوان” بشار الأسد، أقضّت مضاجع بشار الأسد وملالي طهران، خشية من أن قرب نهاية عبث الإيراني في المنطقة، إذا لم يتعقل هذا النظام، ويحني رأسه للعاصفة التي قد تهبّ عليه في أية لحظة، وتقتلعه من جذوره، وهذا ما لا تعتقده إيران .
كل هذا الكم من التغريدات والتصريحات -بما فيها تحذير نيكي هيلي مندوبة أميركا في مجلس الأمن وتصريحاتها النارية- تهيئ الرأي العام الأمريكي لتحرُّكٍ لم يكن مفاجئاً تماماً للجميع، كما تُظهر تشدد إدارة (ترامب) ليس ضد نظام بشار الأسد وروسيا، بل أيضاً تجاه طهران، وتوضح أن ملف كوريا الشمالية والملف السوري، وقضية التعامل مع إيران بات من ضمن أولويات إدارة (ترامب) الحالية؛ وهو ما يعني أن على إيران أن تحذَر من عواقب خطيرة تنتظرها .

سابقاً كانت طهران مطمئنة؛ فعلى الرغم من كثافة التهديدات الأميركية، حيث كانت تعتبرها أساليب دعائية، فقد صرّح (ترامب) في وقت سابق، بأن واشنطن ستردّ على تجربة الصواريخ الباليستية التي أجرتها إيران تباعاً، وعلى ابتلاعها للعراق وسوريا، حيث اتهم الرئيس “ترامب” إيران بابتلاع العراق بشكل سريع؛ على الرغم من خسائر الولايات المتحدة في العراق وتكبدها 3 تيريليونات دولار؛ وهو ما يعني أن أمريكا -وبالأخص إدارة أوباما- سلّمت العراق لإيران لقمة سائغة؛ متناسية التضحيات الأمريكية. وعلى غيرها من “الأعمال العدائية والإرهابية “، دون القيام بإجراءات عقابية على الأرض .

زيارة مستشار الرئيس الروسي إلى طهران، وعقده جلسة مغلقة مع أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني على عجل، ومعلومات متواردة عن إعادة انتشار المليشيات الإيرانية، وحزب الله، إلى جانب تصريحات متضاربة لمسئولين إيرانيين تعكس قناعة إيرانية أن المرحلة مختلفة هذه المرة، وأن اللعب مع الأميركي أو حتى الإسرائيلي باتت قضية محفوفة بالمخاطر الجسيمة، على الرغم من التصريح الناري لعلي أكبر ولايتي الذي تعهد بالرد على إسرائيل من دمشق، مع تصعيد حوثي إيراني غير مسبوق ضد السعودية .

إذا صدقت التغريدات ” الترامبية”، فيبدو أن بداية الحساب مع نظام الأسد وإيران ومرتزقتها قد بدأت فعلياً؛ وهو ما قد يدفع طهران لعدد من الخيارات:

– أولها سحب مليشياتها من سوريا، ووقف إرسالها أسلحة الدمار والموت والمرتزقة إلى هناك، وهو الخيار المستبعد .

-الخيار الثاني، وهو المرجح : البقاء في سوريا مع إعادة انتشار قواتها، وتحمل تبعات ذلك حتى النهاية.

– الخيار الثالث : محاولة الحصول على صفقة حول الاتفاق النووي من خلال توظيف الأزمة السورية، في الوقت الذي من المرجح تخلي واشنطن عن الاتفاق النووي من طرفها؛ مما قد يكون حجة قوية لإدارة (ترامب) لاتخاذ رد فعل ضد طهران قد يصل إلى حد العمل العسكري، حيث من المتوقع أن يسبقه تراجع عن تجميد العقوبات السابقة، وفي نفس الوقت فرض واشنطن لعقوبات جديدة على إيران؛ كأولى الخطوات بعد الانسحاب من الاتفاق النووي، وهو سيناريو متوقع ومسار قد يتحقق سريعاً بالنظر إلى حالة البيئة الصراعية التي تولدت، ومستوى التوتر الحاصل الذي يتجه بشكل عاجل نحو المواجهة .

تراهن طهران على جملة من القضايا؛ أولها محدودية الضربات الصاروخية الأميركية ضد سوريا واعتبارها مجرد “وخزات” صاروخية لنقل اهتمام الإعلام الأمريكي إلى الخارج بعد زيادة وتيرة الضغوط الداخلية على شخص ( ترامب) .

– ثانيها : الرهان على عدم قدرة واشنطن إرسال قوات برية للقتال في سوريا ضد مرتزقتها .

-ثالثها : محاولة تقليل خسائر إيران من خلال إعادة انتشار قواتها هناك، ما يسهم في تقليل الكلف، هذا عدا عن أن إضعاف جيش النظام السوري معناه ضمناً عامل دعم إستراتيجي لزيادة قوة المليشيات التي نشطت في بنائها عبر سنوات عديدة في سوريا .

المثير أن إيران قد تلعب على وتر الممانعة من خلال توظيف الورقة الإسرائيلية لتدخل في صراع مباشر في سوريا، وهو موضوع محفوف بالمخاطر، في هذا الأثناء يسعى نتنياهو للدخول على خط المواجهة من خلال سلسلة من الخطوات كان أخرها مهاجمة قاعدة تيفور التي تعتبر ركيزة للوجود الإيراني؛ في الوقت الذي يسعى فيه للتهرب من المشاكل القانونية التي يواجهها في الداخل، ويحاول التنسيق مع الولايات المتحدة بشكل أكبر للدخول على خط الأزمة السورية، ولتلعب دوراً حاسمًا ضد الوجود الإيراني… المنطقة والعالم يترقب، وبلا شك فإن مصداقية أميركا والغرب باتت على المحك ….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى