البين يطسك يا هيلاري! / موسى أبو رياش

البين يطسك يا هيلاري!

أي هيلاري كلنتون… لا تتعبي نفسك في تقصي أسباب هزيمتك النكراء أمام دونالد ترامب الذي قلب التوقعات، أشبعتموه شتماً وفاز بالإبل والخيل والبقر. الأمر ليس بحاجة إلى مراكز دراسات وجلسات واجتماعات عاصفة، ولا عتب ولا زعل، فالأسباب واضحة كأيديكم التي تعبث في كل شيء، ومؤكدة كتأكدي من تدخل بلادك في كل صغيرة وكبيرة على هذه الأرض!
أي هيلاري… لعلك صدقت استطلاعات الرأي؟! البين يطسك… وهذه –مع احترامي لك- سذاجة لا تليق بسياسية محنكة، فاستطلاعات الرأي صناعة وفبركة لا يصدقها إلا الأغبياء. ولعل كتاب الأعمدة والمحللين غرروا بك بتوقعاتهم وتحليلاتهم العميقة؟! هؤلاء يا هيلاري يعيشون في أبراج أو كهوف بعيدون عن الشارع وعواطف الناس وتطلعاتهم ومشاعرهم. يخبطون خبط عشواء، يميلون حيث الأهواء والشيكات، يلطخون بياض الصفحات بسواد تفكيرهم وخزعبلاتهم، يحسبون أنهم على شيء وهم هواء وخواء و…!
أي هيلاري… هل توهمت أن الحشود التي كانت تستقبلك وتصفق لك وتهتف باسمك، كانت في صفك؟! يا لبؤسك إذاً، والبين يطسك! الحشود لا تؤمن إلا بمصالحها فقط، قد تحبك وتحترمك وتقدرك، ولكنها لا تؤمن بك مخلصة لها ومحققة لمصالحها ومترجمة لآمالها. الحشود تبحث عن القوي الغني، لا الدبلوماسي الهين اللين، الحشود لا تقتنع بالكلام اللطيف، بل تريد صوتاً يدوي من أجلها، وكلاماً مخيفاً يرعب أعدائها، ووضوحاً وصراحة فيها خلاصها!
أي هيلاري… لا يخفاك أن النساء انتخبن ترامب بمن فيهن كثير من نساء حزبك، لأن المرأة لا تحب أن تترأسها امرأة، ولك في سابقة ترشحك وخسارتك أمام أبو سمرة المسمسم باراك أوباما الدليل القاطع. النساء لا يرغبن بامرأة، ليس لأنها ليست محلاً للثقة، ولكن لأنها ضعيفة بالنسبة للرجل، ومن أنت بالنسبة لترامب القوي التنح الملياردير الذي خبر الحواري والأزقة الشعبية وعوالم المال والأزياء والإعلام والعقارات. ترامب خبر الحياة على طبيعتها، التي خلفتها وراء ظهرك منذ نصف قرن تقريباً، ولذا كان قادراً على مخاطبة الشعب بلغته ومفرداته ومشاعره، فيما فشلت أنت. البين يطسك!
أي هيلاري… اتهمت ترامب بكل شيء، ورميته بكل نقيصة متوهمة أنها ستبعد الناخبين عنه لصالحك، وفاتك أن الشعب الأمريكي يحب الفضائح وينتج الفضائح، لأنها كالتوابل في طعامه، فكانت فضائحه دعاية له، وانقلبت حسنات. فقد اتهمت ترامب بأنه نسونجي، ولا أظنك نسيت لأذكرك بزوجك الذي فعلها من قبل مع ليونسكي، والله أعلم ما في الخفاء أيضاً، وتذكري أن الأمريكيين لم يعترضوا على علاقات زوجك النسائية، ولكن ساءهم خداعه وحنثه باليمين، ومع ذلك أنهى ولايته الثانية بشعبية فاقت 65بالمائة وهي الأعلى في التاريخ الأمريكي، ولو كان له أن يترشح لولاية ثالثة لفاز بالضربة القاضية. أما ترامب فعلاقاته النسائية كانت من أكبر أسباب فوزه، وفهمك كفاية، وإن لم تفهمي فالبين يطسك!
أي هيلاري… تقولين أن ترامب تهرب من الضرائب؟! يا لخيبتك يا هيلار! … أين حكومة حزبك من ملاحقته طوال فترة حكم أوباما، وأنت الوزيرة فيها لأربع سنوات؟ لم لم تثيري هذه القضية منذ حدوثها؟ أم كنت تدخرينها لوقت الحاجة؟! هذه التهمة انقلبت لصالحه سواء لتقصيركم كحكومة أو تشهيركم كمنافسين، أرأيت ما أنت فيه من هبل وسذاجة؟!
أي هيلاري… الكلام المنمق الكبير المرتب الحلو كحبات الشوكولاتة قد يغري البعض وخاصة المثقفين والكتاب لأنها تذكرهم ببضاعتهم الفارغة، ولكنها لا تقنع الشعب الذي يبحث عن الوضوح والحقائق الصادمة، الشعب يريد كلام كالحجارة كالدبش يتساقط ليؤلم لا كلاماً ناعماً مخدراً يدغدغ ويغري بالمزيد من الخيبة والفساد والتقصير!
أي هيلاري… فرحت أن ترامب جاهل بالسياسة، وأنه لم يتسلم أي منصب سياسي، أما أنت فقد مارست السياسة منذ نعومة أظفارك، وكنت سيدة البيت الأبيض لمدة 8 سنوات ووزيرة خارجية لأربع سنوات، وهذا جعلك تظنين أنك الأولى بالفوز. الأمريكيون يا هيلار لا يريدون سياسة ولا سياسيين، لأنهم مخادعون كاذبون منافقون، بضاعتهم الكلام والوعود الفارغة، الشعب يريد وجوهاً جديدة لم تتلوث بطين السياسة، الشعب لا يريد سياسة وإنما تياسة التي يجسدها ترامب بكفاءة، علها تحقق ما لم تحققه السياسة!
أي هيلاري… اتهمت ترامب باتصالات مريبة مع روسيا، وكأنك ملاك ليس لك علاقات حتى بالجن الأزرق. ترامب تواصل مع الكبار يا هيلار ولم يلعب مع الصغار، وأي بأس أن يتصل؟ هل الاتصال جريمة؟ ترامب تاجر وله مصالح تجارية في كل مكان. للثور الأمريكي الحق أن يتصل مع الدب الروسي، تماماً كما للأفعى الحق أن تتصل بهوام الأرض هنا وهناك!
أي هيلاري… الشعب الأمريكي يحب (الأكشن) والحركة و DJ والتجديد والتغيير، ووجد ضالته في ترامب، الذي سيملئ فترة حكمة بالإثارة والترقب والأحداث والصراخ والخوار والمغامرات وربما الحماقات، وأنت لا تحسنين أي شيء منها، فلا تأسفي إلا على نفسك وقلة حيلتك، البين يطسك!
أي هيلاري… عودتنا الإدارة الأمريكية أن تكون لها لعبة جديدة في المنطقة بين فترة وأخرى، وقد ملَّ الشعب من لعبتكم، ويتطلع للعبة جديدة، لا يهم أن تكون أكثر بطشاً ودموية، المهم أن تكون جديدة ومسلية لكم، فأنتم من أنتج الألعاب الإلكترونية وتنتجون كل عام نسخاً متطورة منها، وكذلك تفعلون باللعب البشرية، فنحن في نظركم فئران تجارب لأفكاركم وسلاحكم وأدويتكم وأغذيتكم وحتى نزواتكم. البين يطسنا!
أي هيلاري… الشعب الأمريكي أخذ تهديدات ترامب بعدم الاعتراف بالنتائج إن لم يفز على محمل الجد، وتوقع سنياريوهات مخيفة على الأرض الأمريكية، فاختار أن يصوت لترامب، ليس حباً به أو كرهاً لك، وإنما حفاظاً على وحدة وسلامة أمريكا، وحقناً لدماء أبناءها. الشعب الأمريكي يا هيلار مستعد أن يضحي بكل دماء العالم من أجل أمريكا، ولكنه ليس مستعداً أن يضحي بدم أمريكي من أجل أحد. وإن كنت تعتقدين بخلاف ذلك، فالبين يطسك!
أي هيلاري… لا تخافي على ترامب، فهو داهية وابن شوارع، وابن الشوارع نمرود يعرف من أين تؤكل الكتف، وثقي أنه سيكون من أنجح الرؤوساء وأكثرهم إنجازاً، وسيحل معظم القضايا والمشكلات الدولية التي عجزت وأبو سمرة عن حلها، ليس لكفاءته، وإنما لعناده وتناحته وإصراره وثورنته.
وأنت يا ترامب…. إياك أن تنخدع بمعسول كلام هيلاري وأوباما في العمل معك ومساعدتك… احذر يا ترامب. هيلاري أفعى رقطاء سمها والقبر، وأوباما نمس شوكه قاتل، ومتى كان الديمقراطيون يحبون الجمهوريين؟! ولا تنس أن هيلاري كانت جمهورية في مطلع شبابها، ولكنها قلبت لهم ظهر المجن… إلعب وحدك يا ترامب ترجع راضي. وإن لم تسمع نصيحتي فالبين يطسك!
أي ترامب… أطمئنك أن الكل في شرقنا وغربنا بانتظار طلعتك البهية، وقراراتك العرمرمية، وأوامرك الذهبية، فما اختلفنا يوماً على تبعيتنا وعبوديتنا لكم، ولكن نحاول بين الحين والآخر أن يكون لنا رأي، مجرد رأي، لمن نتشرف بأن يكون سيدنا، وولي أمرنا. بيوتنا بيتك، أنت المعزب ونحن قطاريزك طال عمرك… البين يطسنا!
وخزة:
سُئل كاسترو عام ١٩٦٠ عن المرشح الديمقراطي كينيدي، والمرشح الجمهوري نيكسون فكان رده:
” لا يمكن المفاضلة بين فردتي حذاء”!

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى