الأديبة زليخة أبو ريشة تحاضر في شومان حول تجربتها الأدبية

نظم منتدى عبدالحميد شومان الثقافي مساء يوم أمس الأول ندوة للكاتبة والشاعرة د. زليخة أبوريشة بعنوان «تجربتي الأدبية»، فيما ترأس الجلسة وشارك فيها بورقة نقدية د. زياد أبو لبن رئيس رابطة الكتاب الأردنيين. وتتبع أبو لبن عبر ورقته النقدية المفاصل الهامة في تجربة الأديبة، على مختلف الصعد. وفي مستهل كلمتها قالت أبو ريشة الحضور قائلة:» لم يكن «تراشق الخفاء» (1998، دار الفارس، عمان) أوَّلَ مجموعةٍ شعريَّة لي؛ فقد سبقها «امرأةٌ شديدة الكبرياء تهجو رجلاً»، و»ديوان الذاكرة الثانية» و»لا قائل إلا المجنون» و»حديث السوسن العاشق» وعددٌ لم أعد أذكره من المخطوطات التي لم تر النور، ولن تراها. وكان الشعرُ لي ملاذاً آمناً من الصخبِ المجتمعيّ الذي عشته، على ما في مقاربتِه من لوعاتٍ عظيمةٍ ينخلعُ لها القلبُ الذي كان يمشي في هواء الحريّة مشيَ رعناء. كنتُ بين أن أُخلصَ لمنبتي المحافظ في قيم الشعر والكتابة حيثُ افتُتِنتُ منذ أنا في الإعداديّة بمصطفى صادق الرافعي، وانحزت إليه في معاركه مع العقاد وطه حسين، وكذلك بمحمود محمد شاكر ومعاركه مع طه حسين ولويس عوض، أو أن أذهبَ إلى خيانة هذا المَنبتِ ظاهراً وباطناً. وكان الخيارُ صعباً، لأنَّ ثقافةً طويلةَ المدى، بعيدةَ الغور تقفُ في العمقِ بيني وبين خياراتي الجديدة. وكان هذا مبعثَ قلقٍ شديد. وقد انعكسَ هذا القلق في خط سير مقالاتي في الرأي الأردنيّة، حيثُ سجَّلتُ تراجعاً أحياناً عن خيارِ الحداثة عندما كتبتُ مؤيِّدةً تعددَ الزوجات». وحول صدور أول ديوان لها قالت:» صدرَ أوَّلَ ديوانٍ لي متأخِّراً العام 1998، أي بعد 32 سنة من تخرُّجي من الجامعة. وهي مدَّةٌ مهولةٌ لبياتٍ شتويٍّ، ولكنني لم أكن خارجَ الكتابةِ بل خارجَ شرطها الأول: الحريّة! كنتُ أكتبُ أفكاراً ونصوصاً كيفما اتَّفق، وكان عليَّ بعد أن ملكتُ مقاديرَ ذاتي عام 1987 بصدور «في الزنزانة» عن الهيئة المصريّة العامة للكتاب عام 1986، التي بها قاومتُ احتلالي، أن أرمحَ في الآفاق أستنشقُ الأكسجين، وأن أجدِّدَ معرفتي بالشعرِ وأُعيدَ تعريفَه لديّ. وكان عليَّ عبر دواويني جميعِها أن أنقلَ نفسي، روحيّاً ولغويّاً، من بابٍ إلى بابٍ في المجازِ وفي قراءةِ الكونِ ورصدِ وقعِه عليّ. وبذا كانت كتبي في الشعر لا تشبهُ بعضَها؛ حيثُ يمثِّلُ كلُّ واحدٍ منطقةً منه دخلتُها وعبثتُ فيها بما عاينتُه من وجدٍ ومن جوى. فالحبُّ هو شاغلي الأكبر، وبه بنيتُ وجودي الماديَّ والمعنويَّ، وهو السلكُ الماسيُّ الذي يلضمُ شعري كلَّه». وثمنت أهمية اللغة وقالت:» أنَّ اللغةَ عندي مركزٌ يعادلُ الوجود. إذ عجنتُها وعجنتني، وعاشرتُها وعاشرتني، كما لو كنا الأمَّ وابنتَها، أو توأميْ حرمان، حيثُ تحنُّ إحدانا على الأخرى. وإذا كان الشاعر الكبير أدونيس يرى أن اللغةَ وطنُه، فهي لي كذلك أيضاً. إنها بيتي ومأواي، بل هي مشيمتي، وآلة صناعتي، ووعاء همّي، وحقلُ نزهتي، ومرتقايَ. واختتمت كلمتها بالقول:» وعلى ذلك، فإنَّ دعوتي من مؤسَّسة شومان إلى الحديثِ عن تجربتي الأدبيّة، هي دعوةٌ بالإنابة، لأنَّني أوَّلُ من تكلّمَ عن تجربتي مجتمعةً، وأرجو ألا أكون آخرهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى