اقتصاديات “كورونا”: لا داعي للهلع

اقتصاديات “كورونا”: لا داعي للهلع
أحمد عوض

تعدت تأثيرات انتشار فيروس “كورونا المتجدد” تهديد حياة البشر في مختلف انحاء العالم، الى تهديد مسار الاقتصاد العالمي الذي يعاني من تحديات متعددة منذ عدة سنوات، حيث زادت نسب المخاطر وحالة عدم اليقين التي يعاني منها الاقتصاد العالمي.
صحيح أن العديد من المؤشرات الاقتصادية الآنية تأثرت حتى الآن بانتشار هذا الفيروس، حيث تراجعت مؤشرات البورصات العالمية بشكل ملحوظ، وانخفضت أسعار النفط بشكل غير مسبوق منذ عدة سنوات، وارتفعت أسعار الذهب الى مستويات عالية جدا، الا أن مجمل هذه التأثيرات تركزت في المؤشرات شديدة الحساسية لأية متغيرات فجائية تحدث في العالم وسرعان ما تعود لتصحيح أوضاعها خلال أسابيع وفي أشهر.
التجربة العالمية في مواجهة الأوبئة خلال العقود الماضية تشير الى أن تأثيراتها تكون قصيرة المدى، وعادة ما تكون تأثيراتها على شكل اضطرابات على مسار المحركات (الديناميات) الاقتصادية في هذا العالم المترابط بشكل لم يسبق له مثيل، والأسواق المالية العالمية وأسعار السلع الاستراتيجية في مقدمة هذه الديناميات.
لعبت حالة الهلع التي أصابت العالم بسبب سرعة انتشار الفيروس بشكل ملفت، والتغطيات الإعلامية المكثفة والسريعة دورا أساسيا في إصابة الناس والمؤسسات والدول بحالة من القلق المتنامي، مع أن عدد إصابات هذا الفيروس لم تصل بعد الى مستوى فيروس “سارس” الذي أصاب العالم في العام 2003.
مجمل توقعات المراكز البحثية العالمية والخبراء الاقتصاديون يؤكدون على أن حجم الاقتصاد العالمي الضخم يستطيع استيعاب صدمة المخاطر التي تترتب على سرعة انتشار فيروس “كورونا” خلال أشهر معدودة، وسرعان ما ستعود ديناميات الاقتصادات الوطنية والعالمية الى مستويات عملها المعتاد.
أكثر القطاعات الظاهرة للعيان المتأثرة بهذا الوباء حتى الآن تتمثل في قطاع التجارة الدولية والنقل والسياحة، وهنالك دول تعتمد اقتصاداتها بشكل كبير على عمل هذه القطاعات.
يضاف الى ذلك قطاع الصناعة بمختلف انواعه والذي أصبح يعتمد بشكل كبير جدا على سلاسل التزويد المتعددة والممتدة، حيث تعتمد في عملها على مدخلات انتاج من شركات صناعية وتكنولوجية أخرى، والكثير من سلاسل التزويد هذه منتشرة في دول أخرى، ولعل صناعة السيارات والطائرات والهواتف النقالة من أكثر القطاعات الصناعية اعتمادا على هذه النماذج الانتاجية، وبالتالي فإن عمليات الإنتاج سوف تتأثر مؤقتا وبشكل سلبي جراء ضعف عمليات التزويد والامداد هذه.
نحن في الأردن كغيرنا من دول العالم التي نتأثر بتداعيات انتشار هذا الفيروس، حيث تأثرت وستتأثر قطاعات النقل والسياحة والتجارة الدولية، والتي ستؤدي الى تراجع هذه القطاعات، الا أن المطلوب الخروج من حالة الهلع والقلق، حيث تشير مجمل التوقعات العلمية الى أن انتشار الفيروس لن يستمر لأكثر من أشهر محدودة.
ليس المطلوب التقليل من أهمية تداعيات خطورة انتشار فيروس “كورونا” على صحة الناس وحياتهم وعلى الاقتصاد الوطني، ولكن علينا أن نخفض من حالة القلق والهلع التي تنتابنا منذ أسابيع وخاصة من قبل الجانب الرسمي.
وعلينا في الأردن التعامل مع يجري في العالم بواقعية، بحيث نقلل من المخاطر ونعظم من الفوائد الناجمة عن انخفاض أسعار النفط في السوق العالمي لما له تأثيرات إيجابية على تخفيض مدخلات الإنتاج والطاقة للقطاعات الإنتاجية المختلفة، وأن يتم الاستفادة من الفرص الموجودة في القطاع السياحي الذي سرعان ما سيعود الى سابق عهده.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى