متلازمة الأم ..الكرامة ..والأرض / د. سعيد أبو جعفر

متلازمة الأم ..الكرامة ..والأرض

حاولت كثيرا كتابة مقال في عيد الأم ويوم الكرامة ولكنني .. كلما كتبت شيئا أجدني أمزّق كل الاوراق…
كلما كتبت عن يوم الأرض أجد الكلمات تخونني وتتوقف عن النزول من قناة فكري وعقلي فترتجف يدي فلا تعود تتقاطر الأحرف من قلمي …. نعم هي الأم والكرامة والأرض كلمات ليست كالكلمات وليست الكلمات بحجمها مهما تعاظمت وتجملت….فهي اكبر منها وأعمق…. ولا يوجد كلمات ممكن ان تحتويها ثلاثية تحمل معاني واحدة (فالكرامة لا تقدّر بثمن ولا يمكن تجزئتها)…
تتقزّم الكلمات وتتضاءل أمام ثلاثية المحبة والحياة…والتضحية.
مجرم من يحدد يوماً كعيد للام ،للأم كل الأيام ، كل الساعات ، كل العمر، بحجم حنانها الذي لا تسعه الأيام ولا السنوات، بحجم دموعها الذي تعجز الأرض عن شربها، بحجم قلقها وانتظارها وسهرها الذي لا تسعه الليالي والأحلام.. هي الأم إن ماتت تفقد الحياة طعم حياتها ، وإن طال عمرها أزهرت الحياة حياة ًوزادت رحمات الرب، فسلام عليك ايتها الأم أينما كنت ، فوق وتحت الأرض فجذورك فينا باقية يا كل الحب.
وليس عبثاً أن تتزامن ذكرى معركة الكرامة مع (عيد الأم) فهي تحمل ذات المعنى فقد وحّدت الجيش والمقاومة الفلسطينية فاحتضنت الجندي والفدائي على ارضها، كاحتضان الأم لأبنائها ، وامتزج دم الأخوة وغنّى الجميع (وحّدنا الدّم يا كرامة … وحّدنا الدّم) ليزهر حنونا وزعترا وعِزا ونصرا.
ويُعمّد اذار من كل عام بيوم الأرض ايضا لتكمل ملحمة الحب والفداء والتضحية ، حيث لا زال الشعب الأعزل خلف الأسلاك الشائكة، وعلى مرمى حجر يتعملق في مسيرة العودة الكبرى ويدخل اسبوعه الثالث بإرادة جبارة متصاعدة، مبتكراً اساليب نضالية سلمية جديدة جعلت العدو الصهيوني في حيرة من أمره، من أجل التأكيد على حقهم في العودة الى المحتل من أرضهم، رافضين كل أشكال التفريط والتطبيع من أيٍ كان… مؤكدين على أن القدس عاصمة فلسطين الأبدية ،وليخسأ (ترامب الأخرق) ولتذهب صفقته الى مزبلة العهر السياسي.
في أسبوعها الرابع أسقطوا بابتكاراتهم الثورية معادلة الخوف ، لا بل مسحوها من قاموسهم الوطني.
مسيرة العودة الكبرى مستمرة حتى الخامس عشر من أيار من أجل تغيير ذكرى النكبة الى ذكرى العودة.
قال الاسرائيلي(يوسي بيلين) في مقال له ورد في صحيفة (اسرائيل اليوم)العبرية : صدقت نبوءة القائد فيصل الحسيني(رحمه الله) في عام 1995 ،عندما ابلغ الاسرائيليين قائلاً: يوماً ما ستشهدون توافد الالاف من الفلسطينيين الى السياج الفاصل بين القطاع ودولة كيانكم ودخولهم الى (اسرائيل) بدون سلاح، وسوف تقتلون الكثير منهم ويستمر زحفهم ، حينها لن تجد اسرائيل من يقف معها…..ويضيف ( بيلين) في مقاله أن مسيرات العودة هي سلاح الفلسطينيين السّري الذي كنّا نخشاه …وبعد ربع قرن تتحقق نبوءة القائد المرحوم فيصل الحسيني.
للأرض رائحة الأم وطعم الكرامة والفداء
فالكرمة وسام شرف على صدور الأحرار المؤمنين بعدالة قضيتهم وحقهم بالعيش في كرامة على تراب أوطانهم.
عاشت الكرامة الخالدة نبراساً نسير على هديه..
وعاشت وحدة الشعب الأردني الفلسطيني الواحد.
كلنا اردنيون من أجل أردن قوي عزيز منيع في وجه كل التحديات والمؤامرات، وتحت ظل الراية الهاشمية وكلنا فلسطينيون من أجل تحرير فلسطين كل فلسطين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى