اضطرابات كازاخستان … اقتصاد مختل وثروة لا يستفيد الشعب منها

سواليف

واجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين #أزمة_سياسية في آسيا الوسطى، وفي أكبر دولها وهي #كازاخستان #الغنية بالنفط و #الغاز الطبيعي و #اليورانيوم.

ودول آسيا الوسطى الخمسة، وهي كازاخستان وتركمانستان وأوزبكستان وقيرغيزستان وطاجيكستان، كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي حتى سقوطه ولا تزال تخضع للنفوذ الأمني والعسكري الروسيين، وتسيطر الشركات الروسية على مفاصل الاقتصاد في هذه الدول، وبالتالي فإن أزمة #الاحتجاجات في كازاخستان تعد صداعاً كبيراً لحكام موسكو.

وعلى الرغم من أن الاحتجاجات قد بدأت بسبب ارتفاع أسعار الغاز، ولكن محللين يرون أن السبب الرئيسي لها هو غياب #الحكم #الديمقراطي والحريات والتوزيع العادل للثروة و #الفساد، إذ أن ثروة البلاد من النفط والغاز واليورانيوم والمعادن الأخرى تخضع لسيطرة فئة قليلة في البلاد، وهي الفئة التي تدعمها روسيا.

ويستند اقتصاد كازاخستان بشكل رئيسي على صادرات النفط، التي تمثل 56% من قيمة الصادرات الخارجية و55% من ميزانية الدولة.

ولدى البلاد موارد نفطية مساوية لتلك التي في العراق، ولكنها موجودة في طبقات المياه الجوفية العميقة ولا تملك روسيا التقنيات الحديثة لاستخراجها، وهو ما يفسر احتجاجات الشباب على الحكم الموالي لموسكو.
كما أن لدى كازاخستان كذلك #احتياطيات كبيرة من اليورانيوم تقدّر بكميات تتراوح بين 15% و17% من الاحتياطي العالمي، وهي أكبر منتج لليورانيوم في العالم وتنتج نحو 33% من إجمالي إنتاج اليورانيوم العالمي.

وبالتالي، فإن التحول الجاري في إنتاج الطاقة من المصادر النظيفة يجعل من كازاخستان دولة ذات مستقبل عريض في آسيا الوسطى وللدول الغربية. ويتوقع محللون أن يتواصل ارتفاع سعر اليورانيوم خلال السنوات المقبلة مع زيادة استخدامه في توليد الطاقة الكهربائية في العالم.
ويرى محللون في صحيفة “نيويورك تايمز” أن هذه الاحتجاجات الشعبية تحدث في توقيت محرج للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يأمل في استغلال ثلاثة اجتماعات، الأسبوع المقبل، مع الوفود الغربية لإعادة التفاوض بشأن الاتفاقيات الأمنية الدولية لما بعد الحرب الباردة، بشأن أوكرانيا، وما تعتبره روسيا مجال نفوذها في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى.
وقال الخبير بشؤون دول آسيا الوسطى في موسكو، أركادي دوبنوف، لـ “نيويورك تايمز”، إن الاحتجاجات تمثل إشارة تحذير للكرملين، واصفاً الحكومة في كازاخستان بأنها “نسخة مصغرة من الحكومة الروسية”.

وأضاف: “ليس هناك شك في أن الكرملين لا يرغب في رؤية هذا النظام يتحدث إلى المعارضة ويستسلم لمطالبها”.

وفي ذات الشأن، قال مختار أومبيتوف، الناشط الحقوقي الذي شارك في الاحتجاجات بمدينة أكتاو، إنه في حين أن الاضطرابات قد تكون ناجمة عن الأوضاع الاقتصادية والوباء، فإن السبب الأساسي هو غياب الديمقراطية.
وقال، في حديثه لـ”نيويورك تايمز”، إن الحكومة الكازاخستانية “أزالت كل السبل القانونية للمشاركة في السياسة”. وأضاف أنه في بلد يبلغ متوسط الراتب الشهري فيه 570 دولاراً، لا ينبغي استبعاد الاستياء الاقتصادي، وأضاف أن “كازاخستان دولة غنية، لكن مواردها الطبيعية ليست للجميع؛ إنها مسخرة لصالح مجموعة صغيرة من الناس”.
وكانت دول آسيا الوسطى قد تعرضت لأزمة اقتصادية في عام 2020 بسبب انهيار أسعار النفط والغاز الطبيعي، ولكن مداخيل بعض هذه الدول، وعلى رأسها كازاخستان وأوزبكستان، قد عادت للنمو السريع مع ارتفاع أسعار النفط فوق 80 دولاراً للبرميل.
ولاحظ تحليل للبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير أن دول آسيا الوسطى تعاني من ارتفاع معدل التضخم وتراجع سعر صرف العملات المحلية مقابل الدولار، وذلك على الرغم من ارتفاع أسعار الطاقة وتحويلات المهاجرين لمواطني دول مثل طاجيكستان وقيرغيزستان، وهما دولتان غير نفطيتين في آسيا الوسطى.

ويرى الخبير الاقتصادي في بنك الإنشاء والتعمير الأوروبي، أيركيك ليفن، أن الانتعاش الاقتصادي في دول آسيا الوسطى سيتطلب معالجة ثلاث أزمات رئيسية، وهي خفض الإنفاق الحكومي، وخفض العجز في الميزانيات الحكومية، وزيادة السيولة المتاحة خلال العام الجاري 2022. وحذر البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير، دول آسيا الوسطى، من مخاطر تراجع القوة الشرائية للعملات المحلية، في وقت تعمل فيه الولايات المتحدة على رفع سعر الفائدة على الدولار.
وكانت الاحتجاجات في كازاخستان قد أدت إلى استقالة الحكومة في ألماتي يوم الأربعاء، ولكن هناك مخاوف من أن تمتد هذه الاحتجاجات إلى دول آسيا الوسطى الأخرى التي تقع في دائرة نفوذ روسيا، خاصة الدول التي تستفيد منها الشركات الروسية في التعدين والتنقيب وتصدير النفط والغاز الطبيعي.

ودول آسيا الوسطى الخمس تعد من المناطق المحورية للنفوذ الروسي في آسيا، ليس فقط لما تملكه من ثروات طبيعية وسهول زراعية واسعة، ولكن كذلك لموقعها الاستراتيجي بين ثلاث مناطق حيوية في العالم، وهي أوروبا وآسيا والصين. ولا يستبعد محللون أن يكون لخسارة موسكو نفوذها في منطقة آسيا الوسطى تأثير مباشر على تحالفها مع بكين، حيث إن معظم مشاريع الحزام والطريق الصينية تمر عبر هذه الدول.

المصدر
العربي الجديد
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى