أَطفالُهم وأَطفالُنا .. / هبة إميل العكشة

أَطفالُهم وأَطفالُنا .. / هبة إميل العكشة

قبل أيام وبينما كنت أتصفح موقع إي بي سي نيوز لمتابعة مستجدات حادثة إطلاق النار في لاس فيغاس, ظهر أمامي مقال بعنوان “كيف تتحدث مع الأطفال عن إطلاق النار الذي حدث في لاس فيغاس”, والهدف من المقال هو إرشاد الآباء والمعلّمين لضمان الحفاظ على صحة الأطفال النفسيّة عندما يسألونهم عمّا حدثَ في لاس فيغاس. وكان المقال مفصّلاً ويوضّح الطريقة التي يجب أن تتحدث بها مع الأطفال الذين هم في مرحلة الحضانة والمرحلة الابتدائية والمرحلة المتوسطة والثانوية. والملفت أنه تم وضع المقال على الموقع بعد ساعات من حادث إطلاق النار, وكأنّ الأولوية الأولى هي الحفاظ على نفسيّة الأطفال.

في اللحظات التي كنت أقرأ فيها ذلك المقال شعرتُ بالحسرة على أطفالنا؛ على أطفال العالم العربي الذين عايشوا الحروب وعاشوها, أولئك الذين شاهدوا القتل والدَّمار… أولئك الذين شُرِّدوا وهُجِّروا… أولئك الذين تَرَكتْ عليهم الحرب نُدباً ستُلازمهم مدى الحياة… أيّ دعمٍ نفسيّ سيُساعد هؤلاء الأطفال على النهوض مجدداً! هل ستمرّ على هؤلاء الأطفال ليلة واحدة بدون كوابيس؟ أذكر أنه أثناء حرب العراق في عام 2003 كنت أشاهد الكوابيس باستمرار فقط لأنني شاهدت مقطعاً صغيراً من الأخبار على التلفزيون أو قرأت خبراً في الجريدة, كبرتُ وأصبح لدي “فوبيا” من الأخبار؛ لا أشاهد نشرات الأخبار, أما المواقع الإخبارية فأنتقيها بعناية وأذهب مباشرة إلى الخبر الذي أبحث عنه, ومع ذلك يحدث أن أقرأ أو أشاهد عن طريق الخطأ أخباراً دموية تُبقيني منزعجة لفترات… إذا كان هذا هو حالي, أنا الكبيرة الناضجة التي شاهدت تلك المناظر عن بعد, فما حال الأطفال الذين خرجوا من أتون تلك الحرب إذن!

أعلَمُ أن هناك منظمّات إنسانية تُعنَى بأمور مثل الدعم النفسيّ للأطفال, لكن لا أعرف إذا كان هذا الدّعم قادراً على أن يصل إلى جميع الأطفال. ما أعرفه هو أنه سيبقى هناك جراحات مفتوحة كثيرة, والجيل القادم لن يغفر أبداً للحكّام ما فعلوه بهم… لن يغفروا لهم القتل والدّمار والشّتات… أخاف أننا على وشك استقبال أجيال من شباب يعانون أمراضا نفسية ستسلب منهم ما تبقى من العمر؛ أي أنهم لم يخسروا طفولتهم فحسب, بل خسروا العمر كلّه! ويلٌ لحكاّم سمحوا لبلادهم أن تكون ساحات حرب وتصفية حسابات…ويل لحكّام سمحوا لجيوشهم بقتل أبنائهم… ويلُ لمن يسلب الطفولة والحياة.

hebaakasheh07@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى