استمطار

استمطار
جمال الدويري

رسمت امامي على ورقة بيضاء، فنجانا من القهوة، يتصاعد منه بخارا متعرجا يدل على انه قد غادر النار للتو، وتصورت عطر القهوة تماما كما لو كنت اشربها فعلا، وحاولت الكتابة، اي شيء، نثرا، شعرا، خاطرة، مقالا، هذرا، هرفا، غثا، سمينا، فلم افلح،
مسحت فنجان القهوة وخيط البخار، مستدركا انني لست ممن يميلون الى القهوة، الا فنجان السادة المهيّلة، فرسمت كاسة من الشاي المنعنع، وأعدت محاولة الكتابة، دون جدوى، فأدركت حينها، ان ارادة النزف هي استنزاف للوجدان والحواس تنال من الموهبة والقدرة والادوات، اما نزف الوجدان الطبيعي، بلا زيف وبلا قهوة او شاي او (تسالي) حتى، فهو الوحيد الذي يفتح صنبور الفكر ويستحلب القلم والقاموس دونما جهد يذكر،
وحدها المعاناة، فرحا، حزنا، سعادة، تعاسة، خوفا، غضبا…الخ، هي التي تستمطر سماء الكلم، وتسقي بالضاد يباب الورق،
وعندها، تأكد لي ما كنت اعتقده: الصدق وليس غير الصدق، هو الدافع الوحيد الاوحد، لكتابة ما يستحق القراءة.
سأخلد الليلة مبكرا للنوم، حتى لا اقع بخطيئة كتابة ما لا يشبهني.
جمال الدويري

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى