استقلال العقل السياسي الأردني / أ . د حسين محادين

استقلال العقل السياسي الأردني…مؤتمر مكة إنموذجا.

بعيد تسعينيات القرن الماضي، وتزامنا مع انهيار الاتحاد السوفيتي وظهور القطب الواحد، افصحت الرأسمالية عن أبرز تجلياتها الناهضة بالعولمة، والتي كان من أبرز تأثيراتها الجديدة
تغير المفهوم التاريخي لسيادة الدول ليصبح “سياسات ” الدول وليس سيادتها التقليدية، إذ تمكنت ثورة التكنولوجيا مثلا من حيث هي فكر حامل ومحمول للسلوكيات العولمية المطلوب تمثلها من قبل مستهلكي دول الهامش”النامية سابقا” , حيث تمكنت التكنولوجيا من اختراق أجواء وحصانة الدول والنفوس معا في هذا العالم المتعولم ولم يعد للسيادة وتحديدا بعد سيادة وتقدم الاتفاقيات الدولية على القوانين الوطنية للدول.وبناء على ما سبق يمكن القول ،
– أن العقل السياسي المحنك والعميق للدولة الأردنية ، وبحكم فهمه الناجز للغرب المعولم بقيادة الولايات المتحدة وتاثيرات إسرائيل فيها وعليه ،ربما كان هذا العقل الاميز في معرفته وتكيفه مع الكثير من أطروحات وممارسات الولايات المتحدة وحلفائها المتعولمين ايضا، لهذا فقد أتقن عقلنا السياسي بوعي ومهارة لافتتين مهارة الفصل الحاد بين التحالفات المرحلية والتكيفية المقبولة عالميا وبين مصالحه الاستراتيجية كبلد عربي مسلم صاحب حضور ديني شرعي وتاريخي مميز الحضور التأثير، والمرضي عنه بذات الوقت من قبل بريطانيا/ امريكا القائدة للعولمات السياسية والاقتصادية والثقافية في هذا الكون، خصوصا وأن الاردن يدرك ويستثمر فكريا وسياسيا بأهمية وخطورة موقع الشرق كمصدر ومستودع للأديان والثروات معا كما يقدرها تماما هذا الغرب المتعولم. ولعل من أبرز محطات افتراق العقل السياسي الأردني عن بعض تحالفاته التاريخية عندما تقتضي مصلحة “وسياسات” الاردن والأردنيين التميز الموقفي له عن الاصدقاء التقليديين و النظر عن اكلاف مثل تلك المواقف ومنها مايأتي:-
1- رفض جلالة الملك الحسين رحمه الله انضمام الاردن الى محور حفر الباطن مع جل الدول العريية بقيادة امريكا للعدوان الثلاثيني بالضد من العراق الشقيق.
2- رفض جلالة الملك عبدالله الثاني الأخذ بالنصيحة الأمريكية والغربية عموما بضرورة التروي والتهدئه عندما اقدمت داعش الإرهابية على حرق الشهيد الطيار معاذةالكساسبة رحمه، حيث قام سلاح الجو الاردني بدك معاقل خوارج العصر وبالضد من نصيحة الحلفاء الغربيين انحيازيا لحقوق وتاريخ الأردنيين المشرف لهم ولاشقائهم.
3- وبعيد أحداث السفارة الإسرائيلية في واعتداء أحد حراسها على مواطنيين أردنيين اتخذ العقل السياسي الاردني بقيادة جلالة الملك موقفا حاسما نحو ما حدث ابتداء طلب الاردن من أسرائيل سحب سفيرها من عمان بالتزامن مع سحب سفيرنا في اسرائيل -رغم التدخل العالمي الحيلولة دون ذلك- لحين محاكمة المعتدين وفقا للقانون الدولي وهكذا كان حيث تمت المحاكمة ودفع التعويضات للأردنيين المتضررين في سابقة لافته حقا في الإقليم.
أما في قمة مكة ڤمن المعروف أن علاقة الاردن مع اهلنا في الخليج ليس طارئة بل هي مصيرية وداعمة للأردن في الكثير من المناحب العناوين ، ومع هذا ،عندما افترقت مصلحة السعودين ترابطا مع اطروحات صفقة العصر بقيادة امريكا واسرائيل كدول تربطنا بهم علاقات معقده، افترقت مع الشرعية الهاشمية والانحياز لتاريخ الأمة العربية في موضوع قدس العرب والمسلمين..اتخذ العقل السياسي الأردني موقفا باهض الخطورة والاكلاف مميزا مواقفه الحاسمة نحو استقلاليته ومصالح شعبنا الاردني والفلسطيني ليؤكد أن الظروف الاقتصادية والحصار المضروب على الاردن من سنوات لم يفت من إيمانه برسالته و أحقية أمته في التحرر من التعبئة الغربية الاسرائلية على الدوام، الشكر العميم للأشقاء الخليجين الداعمين للأردن في أزمته الاقتصادية الخانقة عبر قمة مكة المكرمة بقيادة المملكة العربية السعودية..لكن سيبقى الامل معقودا على الغد بأن تبقى طريق عمان القدس مكة سالكة على الدوام.
حمى الله اردننا الحبيب والمغالب على الدوام.
* قسم علم الاجتماع – جامعة مؤتة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى