استفتِ قلبك وشعبك دولة الرئيس

استفتِ قلبك وشعبك دولة الرئيس
د.رياض ياسين

يُعرّف الاستفتاء الشعبي بانه تقليد ديمقراطي عماده اقتراع عام مباشر يدعى إليه الناخبون للفصل في تعديلات ذات طبيعية تشريعية أو دستورية بطلب من الحكومة أو بناء على تعبئة شعبية، حسبَ القوانين المعمول بها. ويُعد هذا المفهوم من أهم ركائز وتجليات الديمقراطية المباشرة لكونه يتجاوز المجالس الصادرة عن الديمقراطية التمثيلية ليأخذ برأي الناخب البسيط في تعديلات قانونية أو دستورية أو اقتصادية واجتماعية تمسُّ معاشه اليومي وقد يشمل تأثيرها الأجيال القادمة.
ومع بدايات القرن العشرين اتسع نطاق مفهوم الاستفتاء الشعبي ليُصبح آلية من آليات إشراك المواطن البسيط في القرارات الحاسمة، وبات شانا حاضرا في الديمقراطيات الاوروبية والامريكية عموما،فالناخب هو الحكم والفيصل في حال احتلفت سلطات الدولة وحارت في قضايا مصيرية
والسؤال لماذا لا تلجأ الحكومات في الاردن الى فكرة الاستفتاء الشعبي، وهل الدستور يغطي هذا المنحى السياسي ؟ وما فائدته في ظل وجود مجالس منتخبة على شكل برلمان ومجالس محلية أعني مجالس المحافظات واللامركزية؟ ولماذا لم تفكر الحكومة السابقة اي حكومة الرزاز بمراعاة ذلك مع وجود اوامر الدفاع خاصة أن هناك قرارات مؤلمة بانتظار الشعب الأردني؟
الاستفتاء كمخرج دستوري، فالكل يعلم بأن هدف الاستفتاء هو استشارة القاعدة الشعبية التي هي مصدر الشرعية السياسية في البلدان الديموقراطية. ولما كان الدستور الأردني في المادة 24 يقرر بوضوح بان “الأمة مصدر السلطات” فلا يوجد ما يمنع من إشراك الشعب في قضايا تهم حياته ومصيره. وأكثر من ذلك فالمادة تتجاوز الشعب الذي يقوم من خلال ممثلين في المجالس الى كل فئات الشعب حاليا ومستقبلا،فالأمة وفقا للفقه الدستوري المتعلق بهذه المواد تشير الى الجيل السابق والحاضر والاجيال اللاحقة ،وبهذا المعنى وجد المجلسان(النواب والأعيان) في الدول التي تاخذ بمبدأ سيادة الامة كما هو الحال بالنسبة للأردن،فالقول بأن (الأمة مصدر السلطات) تتجاوز هيئة الناخبين التي تنتخب من ينيب عنها في ممارسة السلطة لفترة معينة في انتخابات دورية ،أي تتجاوز البرلما للتتسع وتشمل مجموع الشعب بتنظيماته وهيئاته وتكويناته.وانا على يقين حتى لو كان مجلس النواب والاعيان في حالة انعقاد ستمضي الحكومة في قراراتها متذرعة بالظروف الاستثنائية.
السيداة وفقا للدستور هي للأمة بهذا المعنى، ماضيا وحاضرا ومستقبلا، ويجب احترام هذه السيادة كونها من نصوص الدستور وأساسا للشراكة في شكل الديموقراطية الأردنية ،ولطالما أشار الرئيس الخصاونة الى تطمينات يفهم منها اعادة تعريف العقد الاجتماعي والحرص على المجتمع واشراكه واطلاعه على ما يخص امور حياته ومستقبله، وقد يتساءل الكثيرون هل ننتظر من حكومة تشكلت في غرف مظلمة بعيدا عن النخب والسواد الاعظم من الناس ان تكون حريصة على اشراك الأمة في صياغة وصناعة القرار، يبقى السؤال برسم التفكير والتمني بالمستقبل في تغيير النهج السياسي وآلية تشكيل الحكومات.وبالمحصلة فإن القرارات التي صدرت بالأمس لم تلامس معاناة الناس ورغباتهم بل على العكس نظر اليها الكثيرون على اساس أنها تزيد من منسوب الاحتقان وتبدد فرص الانفراج الاجتماعي والاقتصادي.
سمعنا ونسمع عتب ونقد وصراخ المجتمع المدني من نقابات واحزاب والنخب الفكرية والسياسية حول تغييبها قصدا عن تشكيلة الحكومة ابتداء مروروا بقراراتها التي تصفها بأنها مؤلمة لكن الأهم أن حكومة الخصاونة كسابقاتها من الحكومات اوصلت رسالة مفادها أن النهج لم يتغير في التشكيل وبالتالي لن يتغير في اتخاذ القرار ، مع العلم ان بإمكان الحكومة من خلال منصات التواصل الاجتماعي ان تشرك الكل في العملية بصورة سريعة وعملياتية بدلا من الإصرار على الطريقة التقليدية الأحادية في صنع القرار.
أتمنى على الرئيس الخصاونة وهو يحرص في خطابه على الصالح العام أن يصر على إشراك “الأمة” حتى لا تبقى أي “الأمة”مثل حكم الخط في مباراة كرة القدم يقوم برفع الراية من بعيد ولا يحق له الدخول الى الملعب إطلاقا، وأخشى ما اخشاه ان نرفع اخيرا الراية البيضاء فقد انتهت المباراة بخسارتنا المدوية ،وحيث أنه لا بواكي لهذا الشعب فإنني أذكرك يا سيدي الرئيس بأن”الامة مصدر السلطات وأنت رجل القانون الفذ، فاستفتِ قلبك وشعبك!.
rhyasen@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى