.المُخَضِّـــر

[review]لأن الفلاحة هي روح الإنسان ومصيره، ولأن الرقع الزراعية متسعة وشاسعة، جرت العادة في القرن الماضي أن يتّفق مجموعة من الفلاّحين ومالكي الأراضي المتجاورة ، على تعيين شخص ينوب عنهم في حماية الزرع يدعى ”المخضّر”. هذا ”المخضّر” مهمته الأولى والأخيرة أن يطوف كل يوم بفرسه على زرعهم الممتد من مشرق الشمس الى مغربها ، يتأكد من سلامته، يحذّر الرعاة القريبين من المحاصيل،يبعد قطعان ”الحلال” المحاذية ، يحميه من سطوة السرّاق الذين كانوا يتقصّدونه ”فيحصدونه” أخضر لامعاً قبل أن يتخثر حليب القمح فيه ضرع السنابل، يعبئونه في أكياس الخيش ،ويطعمونه لبهائمهم الكسولة..لم يكن يتوانى المخضّر في القبض على ”لصوص” القمح أو آكليه..فقد كانت لديه الصلاحية أن يقيّدهم ، وأن يجرّهم إلى بيت المختار أو إلى مركز الدّرك ليعيدوا الحق إلى أصحابه ويأخذوا جزاءهم..لذا كانت تختار العشائر بعناية فائقة شخصية ”المخضّر”..فالذي يتولى مهمة حماية الرزق لا بدّ أن يكون أمينا ومستقيماً وصادقاً وشجاعاً وفارساً..تبخّرت مهنة الفلاحة،وضاقت الرقع الزراعة حتى أصبحت بحجم حبة الأسبرين،ولم يعد هناك وجود لمهنة ”المخضّر” بمعناها الحرفي..لكن في الوقت ذاته تطور مفهوم الزرع ، فأصبح وطناً بأكمله..وتطوّر مفهوم المخضّر ليصبح ”الإعلام”..وتطوّر مفهوم الفرس ليصبح القلم..وعادت مهنة ”المخضّر/الاعلامي” الأولى والأخيرة أن يطوف حول وطنه الممتد من مشرق الشمس الى مغربها ، يحذّر ضعاف النفوس، يكشف قطعان المتنفّعين،ويلاحق ”اللصوص” والسرّاق الذين يريدون أن يعبئوا ”خياشهم” من رزق الوطن..وسيظل ”لباء” قمحك يا وطني يشدّنا نحو الوفاء..ahmedalzoubi@hotmail.comأحمد حسن الزعبي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى