إنها الخيانة العظمى وليست التطبيع!

إنها الخيانة العظمى وليست التطبيع!
المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة

يُطلق الإعلام الرسمي العربي مصطلح التطبيع على التواصل الذي يجري اليوم علانيةً مع الكيان الصهيوني، وهو امتداد للتواصل السري والخيانة على مدار العقود الماضية من عمر الاحتلال، إلا أنَّ الفرق بين الحاضر والماضي؛ هو أنَّ خونة اليوم يشهرون ويدفعون ويشجعون هذا التواصل بأشكاله ومسمياته المختلفة وما هؤلاء المأجورين الذين يلعبون هذه الأدوار الخيانية إلا انعكاس لحقيقة ونوايا ورغبات وأدوار حُكّامهم بتصفية القضية الفلسطينية، لذلك فمن الخطأ نعتهم بالمطبعين! لأنَّهم خونة بكل معاني وأوصاف الخيانة، وفخامة الرئيس -القائد المنتخب شعبيًا- قيس سعيد أجاد التعبير بدقة متناهية عندما قال: هذا ليس تطبيعًا؛ وإنَّما خيانة عظمى.
التطبيع هو عملية إعادة العلاقات الطبيعية بين طرفين متخاصمين حول قضيةٍ ما، جرت مراسم صلح بينهم حولها وجرت تسويتها برضى واتفاق الطرفين، أما خلافنا مع هذا الكيان الغاصب والمحتل لأرضنا العربية بتواطؤ دولي وضلوع أطراف عربية فهو ليس خلافًا على حدود أو مصالح معينة، بل هو خلاف أبدي ووجودي يقوم على أساس وجودهم في أرضنا، وليس هناك أي تسوية معهم إلا على أساس رحيلهم وتحرير وتطهير التراب العربي الفلسطيني المقدس من دنسهم، وكل ما يجري من تسويف وتزوير وتضليل للشعوب العربية من قبل المتحكمين بنا سينقشع قريبًا مهما أنفقوا من ملياراتهم لتضييع القضية، فهناك فرز حقيقي اليوم بين من هم مع قوى المقاومة والتحرر ومن هم مع المعسكر الصهيوني-الأمبريالي.
أمام المخاطر والتحديات التي تمر بها وتواجهها القضية العربية الفلسطينية، على كافة القوى السياسية وأحرار العرب وشرفائهم نعت الأشياء بمسمياتها الحقيقية، فأي تواصل مهما كان مع هذا الكيان هو خيانة عظمى! هي خيانة للعقيدة والتاريخ والحضارة ودماء الشهداء، فهذه أرض مسرى محمد صلى الله عليه وسلم ومهد المسيح عليه السلام وإبراهيم الخليل عليه السلام والأرض التي باركها الله عز وجل، فكيف لمن يدعي الإسلام أن يتواصل مع هؤلاء المجرمين الذين قدموا من شتى أصقاع الأرض ليدنسوا هذه الأرض المباركة ويهجروا سكانها وأهلها عبر التاريخ؟ لقد فشلت كل حفريات هؤلاء الغزاة الصهاينة في إيجاد أي معلم أو أي إرث تاريخي لهم في هذه الأرض المباركة! فلم يتبقى لهم أمام انكشاف زيف إدعاءاتهم التاريخية إلا الدفع بهذا الذباب الإلكتروني المأجور لتزييف وتحريف الحقائق ومناصرة وتأييد الكيان الصهيوني الضامن لعروشهم وديمومة بقائهم بعد أن فرطوا بكل أشكال السيادة ورهنوا أوطانهم لقوى الشر الراعية للكيان الصهيوني.
أمام هذه الهجمات المسعورة لا زالت السلطة الفلسطينية تعيش في نرجسيتها وأوهامها وخداعها، وما يثير الضحك والازدراء هو تهديدات الحاكم محمود عباس بأنه سيتخلى عن كل الاتفاقيات إذا نفذت إسرائيل ضم غور الأردن! أيها الحاكم: ماذا بقي من فلسطين لكي تتشبث بهذه الاتفاقيات المذلة! قادة إسرائيل يتنافسون فيما بينهم من منهم يبتلع ويهوّد فلسطين أسرع وأنت لا زلت تهدد! أيها الحاكم: الشعب الفلسطيني محاصر ويئن تحت وطأة الجوع والفقر والأمراض والحرمان وأنتم تستثمرون في بناء الكتل الاستيطانية وتتاجرون بقوت ودم وأمراض الشعب الفلسطيني! القدس أصبحت عاصمة إسرائيل ولا زالت أجهزتك الأمنية تنسق مع المحتل وتطارد القوى المناضلة! إسرائيل ابتعلت معظم الاراضي الفلسطينية ومصادر المياه وأنت لا زلت تفترش السجاد الأحمر وترتدي ربطات العنق الفرنسية والأحذية الإيطالية وتهدد! كفى خداعًا وتضليلاً فلم يعد هناك من يصدق تهديداتك بعد أن عطلت منظمة التحرير ومؤسساتها،
على القوى الفلسطينية المقاومة والرافضة لاتفاقية أوسلو وما تلاها التوحد في إطار جبهة وطنية وقيادة واحدة لإدارة النضال التحرري الفلسطيني، فريق أوسلو تخلى عن النضال ولا يرى في قضيتكم إلا فرص الاستثمار وكنز الأموال، ولا يرى في كل مظاهر النضال إلا تعكيرًا لصفو البيئة الاستثمارية الخاصة بهم، عليكم أنتم يراهن شعبكم والشعوب العربية المؤازرة والمؤيدة لقضيتها المركزية، هذه الشعوب لم ولن تستسلم لكل الضغوطات والتجويع والتجهيل التي تُمارس عليها وستبقى وفية وداعمة ومضحية لتحرير فلسطين، اليوم الرهان عليكم بتشكيل تيار عربي مقاوم منحاز بكل وضوح وجلاء لخيار المقاومة والاندماج كليًا مع المحور المقاوم، اليوم ما عاد يعني المواطن العربي كثرة تسمية فصائلكم وكل ما يعنيه هو تشكيل برنامج نضالي موحد وقيادة موحدة لكل القوى المناهضة للعدوان الصهيوني في المنطقة، المواطن لم يعد يفهم تعدد الناطقين باسم قوى المقاومة! فالمواطن العربي المقاوم يحلم بأن يرى قائدًا واحدًا ينفذ برنامج اجماع تحرري وطني واحد منسقًا ومنسجمًا ومتطابقًا مع أهداف واستراتيجيات قوى محور المقاومة في المنطقة..فيتنام لم تُحرر إلا بتوحدها تحت قيادة واحدة.. وبيت المقدس لم يُحرر إلا عندما توحدت الجيوش تحت قيادة واحدة -قيادة صلاح الدين- عندها سيسحب السجاد الأحمر من تحت أقدام المتنعمين بخيرات التسيق الأمني والصفقات والاستثمارات وستتطاير كل أوراق كامب ديفيد وأوسلو وشرم الشيخ ووادي عربه فوق رؤوس عرابيها.. هذه فرصتكم التاريخية وقوى الشر تترنح في ظل أزماتها الاقتصادية جراء جائحة كورونا.

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى