إنقلاب على دستور 1952

#إنقلاب على #دستور 1952

كتب..المحامي #أشرف #الزعبي

الحق اقول انني أحجمت عن الكتابة في التعديلات الدستورية، لإني اعرف النتيجة مسبقا، يحتاج قول الصواب وإبداء النصيحة لتنازلات قاسية واثمان باهضة، يخشى البعض تلك التكلفة كيف لا فوجوده مرهون بنعم مغلظة، فكما قال احدهم لولا اتفاقية وادي عربة ما كنا هنا، وكلامه صحصح لولا ذلك الحدث الاليم ما تبوأو سلطة هو وامثاله. قد تقبل من متخصص أمني تبريراً ما، فهو يفكر امنياً وحلوله امنية كذلك، لكن من غير المقبول من متخصصين ان يلوذوا خلف الصواب ويمتهنوا تبريرات تخالف ابسط قواعد النظم البرلمانية النيابة الملكية، وتذهب بنا نحو دستور مختل الجوانب، فلا هو نيابي ملكي، ولا هو هو رئاسي يتحمل الرئيس مسؤولية قراراته.
في صلب التعديلات الدستورية المطروحة سريعا على مجلس النواب، بعد إجازة اللجنة القانونية ومؤتمرها التزويقي الفاشل، ابدأ بالمادة 84 من الدستور التي اتت بتشدد لا اعتقد له مثيل في دول العالم، تخيلوا يا سادة ان تعديل القوانين [ الانتخاب و الاحزاب و القضاء ومكافحة الفساد وديوان المحاسبة ] يحتاج تعديل قوانينها لموافقة ثلثي اعضاء مجلسي النواب والاعيان، مثلها في ذلك مثل تعديل الدستور اي تشدد هذا؟ تتغنون بالديمقراطية وتخافونها قبل ان تحدث، ماذا تركتم للدستور اذا كانت هذه القوانين تتساوى معه في الاهمية والمكانة، بل انكم جذعتم انف الدستور وجعلوته متاساويا مع القوانين فاين هيبته واين جمودة وصلابته.
ثم ناتي للمادة 122 الباحثة في انشاء المجلس القومي الذي جهدوا في تبرير دسترته، فاقول لهم بملىء الفم هذا المجلس لا يحتاج لدستره، وكما تقولوا هو جزء من السلطة التنفيذية، تستطيع الاخيرة انشاؤه بقرار من مجلس وزرائها، ولا تثريب عليها في ذلك بل وتستطيع ان تخلقه بنظام او بقانون؟ اضافة الى انه اذا علمنا ان الملك بموجب الدستور المعدل – والذي نقدناه في مقالات سابقة – يعين قائد الجيش ومدير المخابرات ومدير الامن العام، وهو يعين عضوين من المجلس المقترح فيكون قد عين ( 5 ) من اصل ( 9 ) هؤلاء لا تطالهم رقابة الحكومة ولا البرلمان باعتبار ان تعينهم اتى من الملك، فهل من اقترح النصاب كان يبحث عن اغلبية لجلالة الملك؟ وقد قلنا غير مرة ابعدوا الملك عن اي مسائلة مستقبلية، فمن يعين هو مسؤول عن من يعينه، يضاف لذلك اني اكرر نقدي السابق عن سلطة تعيين رئيس المجلس القضائي اعتصاما باستقلال القضاء التام، وامد هذا النقد ليصل لتعين قاضي القضاة ورئيس المجلس القضائي الشرعي وقبول استقالتهم ” وانهاء خدماتهم “، وقلنا ونقول على الملك ان يكون كما هو دستور 1952 حكما وميزانا بين السلطات، فاذا مارس سلطات مباشرة دون معقب ودون مسؤولية وقعنا في
المحضرو واصبحت السلطة دون مسؤولية، وفقد النظام البرلماني قاعدته الاصيلة ” تلازم السلطة والمسؤولية”، ثم انه لمن العوار الجسيم ان نقول انهاء خدمات القضاة فهم ليسوا موظفين هم سلطة مستقلة. ثم ناتي للتشدد في رفع عدد النواب الذين يستطيعون طرح الثقة بالحكومة من 10 نواب الى 25% من النواب، فاذا كان تاريخنا النيابي بتلك النسبة فقيرا في اسقاط الحكومات فما الداعي لهذا التغليظ؟ واما عدم موافقة اللجنة القانونية على المقترح القاضي بقصر الحصانة وتطلب رفعها من مجلس النواب للوزير العامل فقط فهو تراخي لا مبرر له. واما عن التعديل الذي يحصر حق الطعن بصحة النيابة بمحكمة التمييز وجعل الحكم قطعيا فهو مخالف لدستورنا الذي جعل من التقاضي لدينا على درجتين وليس درجة واحدة.
اما عن اختراع قبل 4 شهور وبعد اربع شهور في التعديل المقترح في المادة 74/2 فحدث ولا حرج، وان من اخترع هذا الحيلة كان في ذهنه ما حدث لحكومة الرزاز التي استمرت بتسيير الاعمال في مخالفة دستورية واضحة، ان تطلب استقالة الحكومة التي تحل مجلس النواب المنتخب، هو من اسس التوازن بين السلطات في النظم الديمقراطية، فسلاح الحل يقابلة سلاح الاستقالة، واذكر في المقام مثال على مقاعد الدراسة في مرحلة الماجستير، عندما حل الرئيس الفرنسي شارل ديجول مجلس النواب الفرنسي، فاعاد الشعب الفرنسي ذات الاغلبية التي كانت في المجلس السابق، فما كان من الرئيس الذي حرر فرنسا من النازية الا ان استقال واعتبر ما حدث تصويت بعدم الثقة عليه.
هذا غيض من فيض يا سادة وفي التعديلات عوار كثير، وما حدث من تعديلات سابقة وما يحدث الان من تعديلات تقلب الدستور رأسا على عقب، وان اعطاء جلالة الملك سلطات مباشرة لا يصب في مصلحة نظامنا النيابي الملكي، وكل من يزوق عكس هذه الحقيقة خاطيء ولا ينطق بما تنطق به امهات الكتب ولا فحولها الذين ألّفوها، إن من يعتقد انه يلتف على ديمقراطية قادمة واهم، وأن شراء الوقت ليس دائما حلاً ناجعاً، يأن الناس من عوز ومن جوع، ويأنون من عدالة ومساواة غائبة، يردون وطنهم الذي يسرق منهم. يقولون ما قال الجواهري:-
وحين تطغى على الحران جَمرَتُه…. فالصمتُ افضلُ ما يطوى عليه فمُ
المحامي
اشرف الزعبي
Ashrafzoub3@gmail.com

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى