صندوق الضمان .. آفاق وتحديات / سلامة الدرعاوي

صندوق الضمان .. آفاق وتحديات
صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي يشكل لوحده ما يقارب 25 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، ويمتلك موجودات تقترب من 8 مليار دينار، وينطبق عليه وصف الصندوق السيادي للمملكة مع فارق أن أصل أموال هذا الصندوق هي للمواطنين بالدرجة الاولى، عكس الصناديق الموجودة في دول العالم التي تقوم الحكومات بتأسيسها وضخ الأموال فيها من ميزانياتها.
منذ الأزمة المالية العالمية سنة 2008 والأوضاع المالية للصندوق لا تسير بالشكل السليم، ورغم مرور ثمانية سنوات على انتهاء الأزمة إلا أن الكثير من تلك المؤشرات ما زالت على حالها كمحفظة الأسهم التي تناهز 2.5 مليار دينار وهي منذ ذلك الوقت تعيش في نزيف الخسائر التي لا تتوقف، رغم أن جميع مؤشرات الأسواق المالية في الجوار تعافت من الصدمات العالمية.
خمسة رؤساء تولوا إدارة الصندوق منذ الأزمة المالية والأوضاع المالية على حالها تقريبا دون تغيير، ما يوحي بأن الفكر الاستتراتيجي لتلك الادارات كان بنصب على التحوط من مخاطر مجهولة لا يعلمها أحد، لذلك اكتفوا بالحفاظ على ما هم عليه ولم يبادروا الى اي عمل استثماري مالي سوى في بعض القطاعات المحدودة جدا، ما جعلهم مستسلمين لتداعيات التطورات الداخلية والخارجية دون أي تحرك.
العائد الاستثماري لاستثمارات الصندوق لا يتجاوز في افضل حالته في السنوات الاخيرة 5 بالمائة، والسبب في ذلك يعود الى سوق السندات الذي دخل به الصندوق بفاعلية لاقراض الحكومة بفوائد عالية وصلت في بعضها الى 6 بالمائة دون وجود اي مخاطر، ما جعل اداراتها تعتقد أنها حققت إنجازا ماليا كبيرا، والامر لا يعدو عن كونه قروض مضمونة على الحكومة التي تعاني ميزانيتها من تعثرات واختلالات مالية كبيرة وعجز مزمن، وهذا العمل لا يشكل الهدف الاستثماري للصندوق ولا يتناسب مع صندوق سيادي بحجمه، لذلك فإن التحدي اليوم أمام إدارة الصندوق الجديدة هو أن ترفع من هذا العائد الاستثماري بشكل يفوق ما هو مستهدف في الدراسة الإكتوارية، والخروج من النفق المظلم الذي كان يقبع تحته والذي وصل في السنوات القليلة الماضية الى اقل من 1 بالمائة، لا بل انه وصل في فترة من الفترات الى نفق السالب.
تنويع مصادر الاستثمار والخروج من الاطار التقليدي الذي وضعته الادارات السابقة لقرار الاستثمار في الصندوق وعدم التحرك بحجة التحوط هو امر مرفوض في عقلية الاستثمار، وهو مؤشر على العجز اكثر من انه فهم او تحوط للمستقبل، فمحفظة الاسهم في حالة تراجع وتحقيق خسائر منذ ما يقارب ال9 سنوات دون تحرك من ادارات الصندوق الممتالية، فإلى متى هذا الامر سيبقى؟.
وفي هذا الاطار يجب ان يكون هناك استراتيجية استثمارية للصندوق تنمي من اعماله وانشطته وان تخرج من اطار الاعتماد على تحويلات المشتركين التي نستطيع ان نقول انها هي العمود الفقري للوضع المالي للصندوق في هذه الفترة وتنويع محافظه الاستثمارية والانخراط بقوة في شراكات استثمارية حقيقية في مختلف القطاعات من بنية تحية وصناعية وغيرها من القطاعات التي مازال الاستثمار فيها محدودا.
ادارة صندوق استثمار اموال الضمان الجديدة امامها تحديات كبيرة للخروج من الاطار التقليدي الذي وضعته الادارات السابقة للصندوق، وهي قادرة على ذلك نظرا لما تتمتع به من مصداقية وخبرة وكفاءة عالية تؤلها لقيادة هذه المؤسسة بكل اقتدار في حال تجنبها الانصياع وراء التدخلات من كل صوب وحدب في شؤونها وقراراتها الاستثمارية، كالذي كانت عليه الادارة السابقة التي باتت للاسف يدا بيد الحكومة وتحديدا بيد رئيسها السابق.
Salamah.darawi@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى