التعايش «صعب جداً» بين الحكومة والنوّاب

سواليف
المرجح أن «التعايش» بات مستحيلاً بين رئاستي الحكومة والبرلمان في الأردن بعد انتقال المواجهة ببعدها الشخصاني إلى تحت القبة إثر وصلة المراسلات التي تبادل فيها التوبيخ المشترك رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور ورئيس مجلس النواب عاطف الطراونه.
الواضح ان «الغطاء» الذي طالما تحدث عنه برلمانيون كبار من وزن عبد الكريم الدغمي وخليل عطية لم يعد مسترخياً ويظلل وزارة النسور التي تقترب من عامها الرابع في الحكم وسط ضجيج وتأويلات وتكهنات الصمود والبقاء والرحيل المحتمل والوشيك.
كبار النواب كانوا قد صرحوا بأن حكومة النسور لو تركت لوحدها بمعنى عدم التدخل لحمايتها من قبل قوى مركزية أساسية في الدولة لم تكن لتحظى بغطاء يحميها من أربعة مشاريع على الأقل في حجب الثقة.
اليوم تستمر المواجهة لكن هذه المرة تحت القبة بين النسور واللوبي النيابي المقرب من الطراونه في إشارة واضحة إلى صعوبة التعايش بين السلطتين اللتين قال القصر الملكي يوماً انهما سترحلان معا إذا توترت العلاقة بينهما.
في جلسة أمس الأول الثلاثاء وصل التوتر إلى اقصى مداه بعدما إستفسر أحد النواب في بند ما يستجد من أعمال عن خلفيات تعيين صهر رئيس الوزراء عضواً في مجلس إدارة شركة للكهرباء وبراتب قالت المواقع الإلكترونية انه يصل إلى أكثر من خمسة آلاف دينار فيما أعلن النسور أنه لا يزيد عن 500 دينار.
استفسار النائب المغرض لم يعجب النسور وبدا ان النواب يميلون لمضايقة الحكومة والتحرش بها فخاض الأخير في وصلة إنزعاج وغضب واضحة رفض فيها الإساءة لعائلته نافياً علمه إطلاقاً بتعيين صهره في شركة الكهرباء شمالي البلاد.
النسور رفض وبصوت مرتفع اي محاولة للإيحاء بالفساد في الحكومة وسأل ما إذا كان المطلوب مغادرة عائلته للبلاد أو منع فرص اي قريب له بسبب رئاسة الوزراء.
خلافاً لعادته الهادئة وخطابه المسيس الدبلوماسي إتهم النسور البرلماني الذي تطرق للمسألة بالشخصنة في الوقت الذي توسعت فيه تقارير وسائط التواصل في الحديث عن «تعيينات» عليا قررتها الحكومة وتشوبها المشكلات وهو ما يتحدى النسور إثباته بكل الأحوال.
بدا واضحاً لمراقبي جلسة الثلاثاء الماضي بان رئيس الوزراء منزعج وزاد من حدة توقع المزيد من الإحتقان ما تردد عن إغلاق رئيس المجلس الطراونه للنقاش في الجلسة وإنهائها فيما كان رئيس الحكومة يتحدث، الأمر الذي دفع الأخير لمغادرة الجلسة.
قبل ذلك خرجت إلى السطح الإعلامي والوطني معركة المراسلات الإتهامية بين النسور والطراونه خصوصاً بعدما طرح الثاني إستفسارات عن تعيينات عليا بطريقة غير قانونية تشوبها الأسئلة في الوقت الذي أرسل فيه النسور كتاباً غير مسبوق للطراونه يلمح فيه إلى ان تعيينات موظفين طلبها الأخير خارج الإطار القانوني وستتجاوب معها المرة للمرة الأخيرة وهي صيغة رفضها النواب باعتبارها تسيء لسمعة مجلسهم قبل ان ينتقل التوتر إلى الجلسة.
من الواضح ان هوامش المصالحة والتعايش تضيق بين السلطتين وأن الغطاء الذي كانت تحظى به حكومة النسور بين النواب لم يعد قائماً أو رفع على حد تعبير عبارة شهيرة للبرلماني أحمد الصفدي بحق حكومة سابقة.
هذا الوضع جديد وقد يوحي بسيناريوهين يفترض الأول رحيل الحكومة ويتضمن الثاني رحيلها مع المجلس وتدشين التحضير للإنتخابات العامة الجديدة فيما يلاحظ المراقبون ان «خشونة» الطراونه والنواب زادت في مواجهة الحكومة بعد «لقاء تشاوري مرجعي» مع الطراونه تم خلاله مناقشة تمديد ولاية البرلمان قليلاً بسبب سبعة قوانين تحظى بالأولوية الآن.
الاتجاه المتسارع نحو «شخصنة» الخلاف بين السلطتين عبر النسور والطراونه قد يؤدي لتداعيات سياسية محلية وشيكة فالورقة الأهم بحضن وزارة النسور تتمثل في انها حكومة «المشاورات البرلمانية» وإذا كان رفع الغطاء قراراً فعلياً يمكن القول إن بقاء الحكومة أصبح مسألة أسابيع أو حتى أيام فقط دون ان يعني ذلك بقاء مجلس النواب الحالي.
ترافق النقاش في المسألة هنا مع تزايد لا يمكن إغفاله في التوقعات التي تحدث عن «وزارة انتقالية» وشيكة قيد التشكيل والتعيين وعن أسماء تتردد بالساحة قد يكون ابرزها رئيس الديوان الملكي الحالي الدكتور فايز الطراونه.

بسام البدارين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى