البغداديون المُستنيرون / د.ناصر البزور

البغداديون المُستنيرون
د.ناصر البزور
بماذا يختلف البغدادي الداعشي المجرم الذي يسجن أو يجلد أو يقتل كلّ مَن يُخالفه في المذهب والفكر والهدف عن أيّ أستاذ جامعي يطلب من طلبته أو زملائه بمغادرة صفحته أو التوقّف عن إبداء آرائهم المخالفة لطرحه الواردة في منشوراته رغم التزام تلك الآراء المعارضة بالموضوعية والأدب الجم… 🙂
أيّهما أخطر على المجتمعات العربية ذلك البغدادي المتخلّف والمتطرّف والفظّ الذي يُدرك معظم الناس تخلّفه وتطرّفه وفظاظته أم هذا الدكتور الذي يعرف معظم الناس أنّه متعلّم ومستنير ودمث… 🙁
لا اقصد شخصاً بعينه والله وإن كان هذا ينطبق على أشخاص بعينهم؛ ولكنّ هذا السلوك بات ظاهرة مستشرية بين الكثير من “دكاترتنا” المحترمين… 🙂 فنحن مَن نصنع التطرّف والداعشية الفكرية بعدم قبولنا للآخر وإقصائنا للآخر وتهميشنا للآخر وشيطنتنا للآخر…. 🙁 فلنكن قدوة لطلبتنا ولإبنائنا في أسلوب تحاورنا وسعة صدورنا واحترامنا للمخالفين لنا…. 🙂 وأنا أدعو كلّ من يطلب منّي عدم التعليق على منشوراته أن يقوم هو بالتعليق على منشوراتي وانتقاد أفكاري بشدّة صباح مساء ما دام ذلك ضمن ضوابط الأدب… ومن حقّنا الرد أو التزام الصمت ولكن لا يليق بنا كمثقّفين وكمتعلّمين وكمستنيرين إقصاء الآخرين… 🙂
فما دام الشخص ينشر بخاصية العام “public” فمن حق الجميع المشاركة… ومن حقّ صاحب المنشور عدم الرد… ومن حق غيره الرد على بعضهم ما دام ذلك في حدود وضمن ضوابط الأدب… أمّا إذا كان صاحب المنشور لا برغب بسماع الآراء المخالفة لفكره حتّى لو كان يمتلك الحقيقة المطلقة فعليه بالنشر بخاصية “private” أو أن يقوم بحجب كل من يُخالفه دون الإساءة لهم … وهذا هو معنى الديمقراطية والحرية واحترام الآخر وعدم الإقصاء الذي يجب علينا تعزيزه كأكاديميين….
ومرّة أخرة أقول: نحن قدوة للكثيرين؛ فإن مارسنا الإقصاء فماذا نتوقّع من المتابعين لنا من الشباب… 🙁 عندها نكون ممن يمارس الداعشية الفكرية…
ولنتذكّر أن هذه شبكات تواصل وليست ثنائيات حوارية مغلقة… فنقاشنا يتفاعل مع بعضه البعض ويتيح المجال للآخرين بإثراء النقاش والحوار… وهذه إحدى نظريات المعرفة وعلم المعاني وعلم المنطق الرئيسة… 🙁
ولقد علّمنا ديننا ونبيّنا أن لا نتوقّف عن الحوار ما دمنا نعلم أن ذلك سينفعنا وينفع غيرنا فالحكمة ضالة المؤمن… 🙂
ولقد جادلت إمرأة أمّية رسول الله في سورة تُتلى إلى يوم القيامة اسمها سورة “المجادلة”…. فلا نحن أقل علماً من تلك المرأة ولا أساتذتنا الأجلاء أشرف ولا أعلم ولا أحكم من رسول الله…. 🙂 فلنتّسع صدورنا ولتتسع صفحاتنا للآراء المخالفة…. 🙁 والله أعلم وأحكم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى