فقاعات لتمرير المكمكات / يوسف غيشان

فقاعات لتمرير المكمكات

قد يكرر التاريخ نفسه على ذمة (هيجل)، وقد يعيد نفسه مرة على شكل ملهاة،وأخرى على شكل مأساة حسب ماركس… لا يهمني ذلك كثيرا، لكن لا بأس من استعادة بعض المفاصل التاريخية، واستيعابها حينما نحاول فهم الحاضر وتحليل المستقبل، حتى لا نعيد التاريخ على شكل مأساة..على الأقل.
جنون التوليب،ويعرف أيضا بـ( الهوس الخزامي )، هو اسم يشير إلى فقاعة اقتصادية كبيرة أتت تسميتها عندما تزايد فيها الطلب على بَصَل زهرة التوليب ما أدى إلى ارتفاع ثمنها إلى حد غير مسبوق، ثم انهار سعرها فجأة في العصر الذهبي الهولندي. وقعت أحداث هذه الجائحة الاقتصادية في القرن السابع عشر، ما بين 1635 وعام 1637.
تعاظمت شعبية التوليب في هولندا، بعد أن تعرفت عليه أوروبا عن طريق الدولة العثمانية في منتصف القرن الـ 16، وانطلقت علية القوم في تنافس لامتلاك أكثر الأبصال ندرة، وتعاظمت المنافسة حتى وصلت الأسعار حدوداً عالية.
يعتقد أن زراعة التوليب بدأت في هولندة التي كانت تعرف آنذاك باسم (الأقاليم المتحدة) في عام 1593، عندما تمكن تشارلز دي لوكلوس من تحسين نوعية قادرة على تحمل صعوبة المناخ في المناطق المنخفضة اعتماداً على أبصال أرسلها إليه من تركيا أوجير دي بوسبيق. سرعان ما تحولت الزهرة إلى موضوع تفاخر ورمز للرفعة.
لو رغبت بشراء نوع محدد من أبصال التوليب في عام 1623، أو بالأحرى بصلة واحدة منها، فذلك سيكلفك نحو ألف فلورينة، وهي العملة المستخدمة آنذاك في المنطقة، ولتقدر ذلك يكفي أن تعرف أن متوسط الدخل السنوي للفرد آنذاك كان يعادل 150 فلورينة. لم يقتصر تداول التوليب على النقود، بل تمت مقايضتها بالأراضي والمواشي والبيوت. ويزعم بأن المتداول الجيد كان يحقق أرباحاً تصل إلى 60 ألف فلورينة في الشهر الواحد.
مع حلول عام 1636 دخلت الأبصال السوق المالي في كثير من بلدات هولندا ليتم تداولها هناك، ما شجع كافة فئات المجتمع على الدخول بأموالهم أو بممتلكاتهم للمضاربة عليها. وحقق بعض المضاربين أرباحاً ضخمة. وآخرون خسروا كل أو ما يزيد على ما كانوا يملكونه. لقد قام البعض ببيع أبصال التوليب التي زرعوها للتو، وباع آخرون أبصال التوليب التي ينوون زراعتها!! فيما يشبه تداول العقود الآجلة، وقد وصفت هذه الظاهرة بأنها (قبض ريح) أو «تداول الهواء».
في شباط من عام 1637 لم يعد متداولو البصل يحصلون على عروض شراء أعلى مقابل البصل، وبدأوا البيع. لقد انفجرت الفقاعة. وأخذ الشك يراود الناس بأن الطلب على بصل التوليب سيختفي، وهذا ولد ذعراً عارماً. أصحاب العقود الآجلة باتوا يحملون عقوداً لا يساوي سعرها الحالي عشر ما نصت عليه العقود، وكثيرون آخرون ما لبثوا أن وجدوا أنفسهم يحملون أبصالاً لا تساوي قيمتها جزءاً صغيراً من السعر الذي دفعوه للحصول عليها. آلاف الهولنديين، بمن فيهم رجال الأعمال وأصحاب المناصب، انهاروا مالياً.نسخ مشابهه من جنون التوليب اجتاحت باقي مناطق أوروبا.
خلال هذا الحدث توقف الناس والصحافة الناشئة عن الحديث حول أحداث مفرطة الخطورة كانت قد اجتاحت اوروبا في ذات الوقت ….وهي الطاعون وحرب الثلاثين عاما، والطاعون كان بلا علاج تقريبا آنذاك وقتل الملايين، لا بل ان بعض متشددي الكنيسة حرّموا محاولة العلاج، واعتبروا الطاعون انتقاما ربانيا ينبغي الخضوع له وعدم تجنبه؛ لأن ذلك قد يكون عصيانا لإرادة الخالق.
أما حرب الثلاثين فقد بدأت بالقاء عدد من الكاثوليك بينهم ثلاثة من مستشاري الإمبراطور من قبل بروتستنتيين ساخطين (عام 1614) ، من شباك قلعة في براغ، فسقطوا على كومة من روث الحيوانات، ولم يمت أي منهم؛ لكن حربا اندلعت بسبب هذه الشرارة دامت لغاية 1648، يعني أكثر بأربع سنوات من اسمها المتداول «حرب الثلاثين عاما»، شملت اوروبا وأهلكت الملايين.
نرجع لموضوعنا….. هل كانت داعش مجرد فقاعة توليب عربي، لتمرير كل ما يجري؟؟؟؟.

تلولحي يا دالية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى