مجالس المحافظات بين تجاذب الحكومة ومجلس النواب لها

مجالس المحافظات بين تجاذب الحكومة ومجلس النواب لها.
ا.د حسين محادين

1- بُعيد عام ونيف على إطلاق قانون اللامركزية وبدء عمل مجالس المحافظات المنتخبة ؛ كعقل تخطيطي متقدم؛ وتشاركي لصياغة وتنظيم اولويات اهلنا في المحافظات والساعية لتقليص فجوات التنمية بين العاصمة والمحافظات وبين مراكز المحافظات وبقية المناطق في كل محافظة ، وذلك عبر سعي هذه المجالس لتحقيق مبرر قيامها ؛والهادف ايضا الى ترشيد وتجويد استثمار الميزانيات الضعيفة أصلا للمجالس؛ وغير العادلة وطنيا مقارنة مع ميزانية الدولة اولا؛ وفي ما بين كل محافظة مع شقيقاتها وفق معادلة المساحة وعدد السكان ثانيا؛وبحدود الاموال المخصصة لكل المحافظات البالغة”240
مليون”لعام 2019 كمثال؛ علما بان الحكومة قد اقتطعت 35% اي أكثر من ثلث ميزانيات المحافظات العام الماضي؛واقتطعت هذا العام10% من النفقات الرسمالية والتشغيلية من ميزانيات المحافظات ايضا.
2- ان الواقع التطبيقي الواعد لهذه المجالس مازال بحاجة الى انضاج قانوني توعوي وسلوكي لدى الحكومة و اعضاء المجالس انفسهم مع الاحترام للجميع؛ كونها ممارسة ديمقراطية وليدة من حيث الاهداف؛ الافكار؛ وحتى الخبرات مثل كيفية وضع دليل الاحتياجات التنموية الفعلية وبنظرة اقتصادية مستدامة لكل قرية وبلدة بصورة علمية ودقيقة مدعمة بزيارات ميدانية لها؛ بهدف زيادة عناوين المشاركة التنموية والانتخابية لكل ابناء المناطق والبلدات في كل محافظة كما ارادها ودعمها جلالة الملك شخصياً بحق باصراره على إنفاذ هذه الريادة التنموية باجتهادي.
3- أقول; كل الذي سبق رغم اعتزازي بريادة فكرة هذه المجالس الواعدة؛ مازالت بحاجة ماسة الى تحليل علمي واجرائي مؤسسي لإظهار نقاط القوة ومكامن الضعف والتحديات التي تواجهها مع تحديد المسؤول عنها؛ وضرورة دعمها وإنجاحها لضرورتها تمشيا مع هو آتِ من ملاحظات مُعاشة؛ ونسبة تأثرها كمجالس بالمعطيات الموضوعية والذاتية الاتية من خلال معايشتي الميدانية معها :-
أ – إبتداءً؛ لقد جاءت ولادة مجالس المحافظات لاسيما قانونها وكأنها ولادة قيصرية إمتثالا لرغبة ورؤية جلالة الملك المتقدمة بهذا الخصوص ؛ دون وجود رغبة حقيقية وداعمة لها من قِبل كل من؛ الحكومات المتعاقبة بدليل “استمرار تعدد مرجعياتها الوزارية رغم ان القانون يؤكد تبعيتها لوزارة الداخلية منذ انطلاقتها.
و كذلك اعضاء مجلس الامة بغرفتيه معا ؛لماذا؟ لان وجود مجالس محافظات منتخبة وفاعلة تخطيطا، وتنفيذا ، وموزانات محددة؛ ومسائلة قانونية للمجالس التنفيذية في محافظاتها سيعمل على إنتزاع او تقليص كل مظاهر الضغوط التي يمارسها نواب الخدمات على الوزراء منذ مدة طويلة.؛مثلما يحرم الوزراء في العاصمة ايضا من التدخل التفصيلي في تحديد اولويات اهلنا في الميدان لأنهم هم الاكثر قدرة ومعرفة للفوائد التنموية التي ستُحسن واقع وعناوين حياتهم اليومية في شتى المجالات.
ب- ان الصورة الذهنية الماثلة لدى جُل اعضاء مجالس المحافظات بحكم نقص خبرات بعضهم العلمية -مع الاحترام للجميع- وفي العمل السياسي
والتنموي؛ولعل ما اغلب ما يستحضره ويمارسه بعضهم هو محاكاة ما يشاهده من ممارسات واحتكاكات مختلفة بين اعضاء مجلس النواب ومجلس الوزراء عموما والتي تبث للجميع تحت عنوان “ثقافة الصورة” وتقليدها؛ فيختلط على بعضنا ضرورة
التميّز والسلوك
بان عضو/ة مجلس المحافظة بالقانون ليس نائبا في محافظته وانما له حق المتابعة فقط وهذا الواقع التشريعي جعل المدراء التنفيذين بالميدان غير جادين في احسن التعابير في انجاح او الامتثال لقرارات او توجيهات مجالس المحافظات ؛وهنا مكمن الخلط والمبرر المضاف لوقوع الاحتكاكات بين اعضاء المجالس والمدراء التنفيذين والتي عادة ما يتدخل اصحاب العطوفة المحافظين لحلها وهي ليست قليلة وتبطىء عمل المجالس والدوائر التنفيذية معا.
4- اما بعد توسيع مظلة وزارة البلديات التي اصبحت “وزارة الادارة المحلية”فنامل ان توّحد مرجعية مجالس المحافظات معها ترابطا مع تفاؤلنا بتطوير قانونني المجالس المحافظات والانتخابات النيابية معا في ضوء ما افرزته السنة والنصف الماضية من معطيات ايجابية وتحديات رافقت مسيرة المجالس علنا ننجح في تحديد مهام واختصاصات كل مجالس المحافظات التي مازالت تطالب السادة الوزراء في تفويض الكثير من الصلاحيات التي ما زال حبلها السُري مربوطا في مراكز الوزارات للان رغم كثرة الحديث عن اللامركزية الادارية ومع هذا سابقى متفائلا بقادم اعمق وانضج لأردننا الحبيب حماه الله .
*أكاديمي وعضو مجلس محافظة الكرك “اللامركزية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى