إحقاق .. التعديلات الدستورية باطلة مسبقاً والسبب فيصل الفايز

سواليف
إحقاق – في دراسة أعدها مركز إحقاق للدراسات والاستشارات قال فيها أن التعديلات الدستورية التي أقرها مجلس الوزراء يوم الاثنين (18/4/2016) وأرسلها إلى مجلس النواب من أجل إقرارها، والتي قرر مجلس النواب في اليوم التالي إحالتها إلى اللجنة القانونية فيه لدراستها، وأن مشروع هذه التعديلات يجب أن يقرها مجلس الاعيان، وهذا الأخير جلساته غير قانونية وباطلة ومنها الجلسة التي سيتم فيها إقرار مشروع هذه التعديلات، وذلك بسبب سقوط عضوية رئيس مجلس الاعيان فيصل الفايز بحكم الدستور الذي أقسم بالله على احترام الدستور.

وقالت الدراسة أن المادة (9) من (النظام الداخلي لمجلس الأعيان لسنة 2014) تقضي بأن من المهام التي يتولاها رئيس المجلس هي مهمة وضع جدول أعمال كل جلسة من جلسات مجلس الأعيان، ومهمة رئاسة جلسات المجلس، وإعلان افتتاحها هذه الجلسات وإنهائها، وضبطها، وإدارة النقاش فيها، وتحديد موضوع البحث، وإعطاء الإذن بالكلام، ومهمة إعلان قرارات المجلس ومتابعة تنفيذها، وغير ذلك من المهام.

وتنص المادة (7) من (النظام الداخلي لمجلس الأعيان لسنة 2014) على ما يلي:
يعقد المكتب اجتماعاته بشكل دوري بدعوة من الرئيس سواء أكان المجلس منعقدا أم غير منعقد، وتدون قراراته في سجل خاص ويوقعها الحاضرون.

وتنص المادة (62) من (النظام الداخلي لمجلس الأعيان لسنة 2014)
أ- يحدد الرئيس جدول أعمال الجلسة ويوزعه الأمين العام على الأعيان قبل الجلسة بأربع وعشرين ساعة على الأقل .
ب- يحيط الرئيس رئيس الوزراء والوزراء علما بموعد الجلسة وجدول الأعمال .

مقالات ذات صلة

وتنص المادة (63) من (النظام الداخلي لمجلس الأعيان لسنة 2014) على ما يلي:
أ- يفتتح الرئيس الجلسة في الموعد المحدد بحضور الأغلبية المطلقة للأعيان وإذا مضت نصف ساعة ولم يكتمل النصاب القانوني يحدد الرئيس موعد الجلسة القادمة.
ب- إذا بدأت الجلسة قانونية تستمر كذلك ما دامت الأغلبية المطلقة للأعيان حاضرة فيها.

وأضافت الدراسة أن ما يترتب على هذه النصوص في النظام الداخلي لمجلس الأعيان أن سقوط عضوية رئيس مجلس الأعيان يترتب عليه عدم صحة جلسات مجلس الاعيان، فرئيس مجلس الاعيان هو من يتولى مهمة وضع جدول أعمال كل جلسة من جلسات مجلس الأعيان، وهو من يتولى مهمة رئاسة جلسات المجلس، وهو من يتولى إعلان افتتاح هذه الجلسات وإنهائها، وضبطها، وهو من يتولى إدارة النقاش فيها، وهو من يتولى تحديد موضوع البحث في هذه الجلسات، وإعطاء الإذن بالكلام، وهو من يتولى مهمة إعلان قرارات المجلس ومتابعة تنفيذها، وغير ذلك من المهام، وبالتالي فإن سقوط عضوية رئيس مجلس الاعيان تعني بطلان عضويته وبطلان أي عمل أو إجراء يقوم به رئيس المجلس الذي سقطت عضويته، وبطلان جلسات المجلس في ظل رئاسة رئيس المجلس الذي سقطت عضويته، وهذا يترتب عليه بالضرورة عدم صحة وبطلان القرارات التي يتخذها مجلس الاعيان ومنها على سبيل المثال لا الحصر قراره بالموافقة على التعديلات الدستورية المزمع إجراؤها.

وبينت الدراسة أن مركز إحقاق سبق وأن بين بالوثائق والدليل سقوط عضوية رئيس مجلس الاعيان بحكم الدستور، وهذا السقوط ليس بحاجة إلى قرار من مجلس الاعيان بل هو سقوط حكمي، وتوضيح ذلك كما يلي:
أولاً: إن مجلس الوزراء قد قرر بتاريخ (8-11-2015) انتخاب (تعيين) مجلس إدارة (شركة الكهرباء النووية الأردنية المساهمة الخاصة المحدودة) المملوكة بالكامل للحكومة، وهي الشركة المناط بها تنفيذ مشروع أول محطة نووية في المملكة بقدرة 2000 ميغاواط والمرتقبة عام 2023، وقد كان الانتخاب (التعيينات) على النحو التالي:
دولة السيد فيصل عاكف الفايز / رئيس مجلس إدارة.
معالي رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية / نائب رئيس مجلس إدارة.
معالي السيد مجحم حديثه الخريشا / عضو مجلس إدارة
معالي السيد محمد بركات الزهير / عضو مجلس إدارة.
عطوفة مدير عام مركز الملك عبدالله الثاني للتصميم والتطوير / عضو مجلس إدارة.
عطوفة أمين عام وزاره المالية / عضو مجلس إدارة.
عطوفة أمين عام سلطه المياه / عضو مجلس إدارة.
عطوفة أمين عام وزاره الطاقة والثروة المعدنية / عضو مجلس إدارة.
عطوفة مدير عام شركة السمرا لتوليد الكهرباء / عضو مجلس إدارة.

ثانياً: إن دولة فيصل الفايز كانت قد صدرت الإرادة الملكية بتاريخ (25-10-2013) بتعيينه عضواً في مجلس الأعيان السادس والعشرين، كما صدرت الإرادة الملكية بتاريخ (25-10-2015) بتعيينه رئيساً لذات المجلس خلفاً لدولة عبدالرؤوف الروابدة الذي استقال من عضوية هذا المجلس.

ثالثاً: إن المادة (75) من الدستور الأردني تقضي بأنه: “يمتنع على كل عضو من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب أثناء مدة عضويته التعاقد مع الحكومة أو المؤسسات الرسمية العامة أو الشركات التي تملكها أو تسيطر عليها الحكومة أو أي مؤسسة رسمية عامة سواء كان هذا التعاقد بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

رابعاً: إن دولة فيصل الفايز قد ثبت بالوثائق تعاقده مع الحكومة ومع شركة تملكها الحكومة بالكامل وهي (شركة الكهرباء النووية الأردنية المساهمة الخاصة المحدودة) بأن يكون رئيساً لمجلس إدارتها، وحيث أن هذا التعاقد قد تم وهو في ذات الوقت عضواَ معيناً في مجلس الأعيان، فهذا يعني بشكل واضح أن دولة فيصل الفايز قد خالف أحكام الفقرة (2) من المادة (75) من الدستور الأردني مخالفة صريحة وواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار المشمس.

خامساً: إن الفقرة (3) من المادة (75) من الدستور الأردني تقضي بأنه إذا خالف عضو مجلس الأمة أحكام الفقرة (2) من المادة (75) المشار إليها فإنه تسقط عضويته حكماً من المجلس الذي ينتمي إليه ويصبح محله شاغراً.

سادساً: إن دولة فيصل الفايز قد ثبتت بالوثائق القانونية مخالفته لأحكام الفقرة (2) من المادة (75) من الدستور الأردني، وهذه المخالفة موثقة وصريحة وواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار المشمس على نحو ما تقدم بيانه، فإنه عضويته في مجلس الأعيان قد سقطت حكماً وأصبح محله شاغراً بحكم الدستور، وهذا السقوط لا يحتاج إلى قرار من مجلس الأعيان.

سابعاً: إن سقوط عضوية العين الفايز يؤكده (قرار المجلس العالي التفسيري رقم 1 لسنة 2006) الذي جاء فيه ما يلي:
((بناء على قرار مجلس الوزراء المتخذ في جلسته التي عقدها بتاريخ 17/8/2006، اجتمع المجلس العالي في مبنى مجلس الأعيان، لتفسير أحكام الدستور والإجابة عن السؤال التالي:
“إذا حدثت أية حالة من حالات عدم الأهلية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة (75) من الدستور هل تسقط عضوية العضو حكماً أم أن سقوط العضوية يحتاج إلى قرار من مجلسه”
وبعد التدقيق في نصوص الدستور وما تضمنته من أحكام، نجد أن نصوص الدستور نصوص تشريعية متكاملة متجانسة متوافقة متساندة منزهة عن التناقض أو التعارض أو التنافر، لأنها تتضمن الأحكام والقواعد والأصول الكلية التي يقوم عليها بنيان الدولة وسلطاتها، وتعين بها وتحدد صلاحيات تلك السلطات واختصاصاتها، وتبين بها حقوق المواطنين وواجباتهم، وتتحقق بها مصالح الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وعلى الرغم من انه يتعين عند تفسير النص التشريعي التعويل ابتداء على عبارة النص المطلوب تفسيره لان كل نص دستوري يتضمن حكما محددا يستقل به عن غيره من النصوص الأخرى إلا انه ليس من شأن هذا الاستقلال أن يعزل هذا النص بما انفرد به من حكم عن باقي النصوص، وإنما يتعين تفسير أي نص بما ينسجم ويتفق ولا يتنافر أو يتعارض مع باقي النصوص.
وانطلاقا من هذه الأسس وبناء عليها وبعد التدقيق في النصوص الدستورية التي لها علاقة بطلب التفسير وللإجابة عن السؤال المطروح على المجلس يتبين لنا ما يلي:
أولا: لقد بينت النصوص الدستورية الحالات التي تنتهي فيها عضوية العين أو النائب، وصلاحيات مجلسه بخصوص انتهاء هذه العضوية، سواءا كان انتهاء العضوية بالوفاة أو الاستقالة أو السقوط أو الفصل.
ثانياً: تضمنت الفقرة الأولى من المادة (75) من الدستور انه لا يكون عضوا في مجلسي الأعيان والنواب:
أ- من لم يكن أردنيا.
ب- من يدعي بجنسية أو حماية أجنبية.
ج- من كان محكوما بالإفلاس ولم يستعد اعتباره قانونيا.
د- من كان محجوزا عليه ولم يرفع عنه الحجر.
هـ – من كان محكوما عليه بالسجن مدة تزيد على سنة واحدة بجريمة غير سياسية ولم يعف عنه.
و- من كان له منفعة مادية لدى إحدى دوائر الحكومة بسبب عقد غير عقود استئجار الأراضي والأملاك ولا ينطبق ذلك على من كان مساهما في شركة أعضاؤها أكثر من عشرة أشخاص.
ز- من كان مجنونا أو معتوها.
ح- من كان من أقارب الملك في الدرجة التي تعين بقانون خاص.
ويستخلص من نص هذه الفقرة انه يمتنع على من قامت به حالة من الحالات المذكورة فيها أن يكون عينا أو نائبا ابتداءا.
ثالثاً: جاءت الفقرة الثانية من المادة (75) لتقرر حكما مفاده سقوط عضوية العين أو النائب الذي تقوم به حالة من حالات عدم الأهلية المنصوص عليها في الفقرة الأولى فنصت على انه ” إذا حدثت أية حالة من حالات عدم الأهلية المنصوص عليها في الفقرة السابقة لأي عضو من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب أثناء عضويته أو ظهرت بعد انتخابه تسقط عضويته ويصبح محله شاغرا بقرار من أكثرية ثلثي أعضاء مجلسه على أن يرفع القرار إذا كان صادرا من مجلس الأعيان إلى جلالة الملك لإقراره”.
رابعاً: جاءت المادة (90) بأحكام تكمل وتوضح ما تضمنته المادة (75) من أحكام فنصت على انه “لا يجوز فصل أحد من عضوية أي من مجلسي الأعيان والنواب إلا بقرار صادر من مجلس الذي هو منتسب إليه. ويشترط في غير حالتي عدم الجمع والسقوط المبينتين في هذا الدستور وبقانون الانتخاب أن يصدر قرار الفصل بأكثرية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس وإذا كان الفصل يتعلق بعضو من مجلس الأعيان فيرفع قرار المجلس إلى الملك لإقراره”.
خامسا: من التدقيق في نص المادة (90) نجد أن الدستور قد استثنى صراحة بنصها انتهاء عضوية العضو في حالتي عدم الجمع والسقوط من شرط موافقة أكثرية ثلثي الأعضاء الذي يتألف منهم المجلس. وهذا الاستثناء جاء منسجما تماما مع نص الفقرة الثانية من المادة (75) محل طلب التفسير وموضحا لحكمه، الأمر الذي يستبين منه أن أحكام الدستور لا تشترط في حالة سقوط العضوية لقيام حالة من حالات عدم الأهلية، أن يقرر هذا السقوط من قبل المجلس الذي ينتسب إليه العضو الذي سقطت عضويته.
سادساً: ونحن نجد أن بالإضافة إلى الاستثناء الذي تضمنه نص المادة (90) واخرج به حالتي عدم الجمع والسقوط من شرط موافقة ثلثي أعضاء المجلس على انتهاء العضوية فان الصياغة اللغوية والمنطق التشريعي يؤديان إلى هذه النتيجة.
فمن حيث الصياغة اللغوية، نجد انه لو أراد الدستور أن يشترط لسقوط العضوية صدور قرار من المجلس بأكثرية الثلثين لصيغت الفقرة موضوع التفسير على النحو التالي:
(…….. تسقط عضويته بقرار من أكثرية ثلثي أعضاء مجلسه ويصبح محله شاغرا … الخ) . يضاف إلى ذلك ورود كلمة ” سقوط ” وليس ” إسقاط ” في المادة (90) الأمر الذي يبنى عليه أن السقوط حكمي.
وأما من حيث المنطق التشريعي، وهو منطق يتصف بالحكمة والعقلانية، فان ما اشترطه الدستور ابتداءا في الفقرة الأولى من المادة (75)، بأن لا يكون عينا أو نائبا من قامت به حالة من حالات عدم الأهلية التي عددتها، يبقى مشترطا انتهاء وذلك انه من غير المعقول أن يعلق سقوط عضوية المجنون أو المعتوه أو من فقد جنسيته أو يدعي بحماية أجنبية أو يدان أو يجرم بحكم قضائي مبرم أو يحجر عليه، على صدور قرار من مجلسه.
سابعاً: ويستخلص من كل ما قدمنا أن أكثرية الثلثين المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (75) المطلوب تفسيرها مشترطة لإعلان شغور محل من سقطت عضويته – أو انتهت بالفصل أو الوفاة أو الموت أو لأي سبب آخر، وذلك لما لإقرار شغور محل العين أو النائب من أهمية بالغة تترتب عليها آثار دستورية وقانونية، بينتها المادة (88) التي جاءت فيها:
“إذا شغر محل احد أعضاء مجلسي الأعيان والنواب بالوفاة أو الاستقالة أو غير ذلك من الأسباب فيملأ محله بطريق التعيين إذا كان عينا أو الانتخاب الفرعي أن كان نائبا، وذلك في مدى شهرين من تاريخ إشعار المجلس الحكومي بشغور المحل … الخ” فإقرار شغور محل العين يترتب عليه رفع القرار إلى جلالة الملك لإقراره وملء الشاغر.
وإقرار شغور محل النائب يترتب عليه ويتبعه إشعار المجلس الحكومة بهذا الشغور، لتستعمل صلاحياتها في إجراء الانتخابات الفرعية لملء المقعد الذي شغر.
لكل ما تقدم وبناءا عليه، ولأنه من غير المعقول في المنطق التشريعي أن تستمر عضوية أي عضو من أعضاء سلطة دستورية إذا فقد أي شرط من شروط عضويته أو قامت به أي حالة من حالات عدم الأهلية التي ينص عليها الدستور أو القانون، فإننا نقرر انه:
“إذا حدثت أية حالة من حالات عدم الأهلية المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة (75) من الدستور لأي عضو من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب أثناء عضويته أو ظهرت بعد انتخابه تسقط عضويته حكما، ولا يحتاج سقوطها إلى قرار من مجلسه”.
هذا ما نقرره بالإجماع بشأن التفسير المطلوب.
قرارا صدر في 7 شعبان لسنة 1427 هجرية الموافق 31/8/2006 ميلادية)) … انتهى الاقتباس من قرار المجلس العالي.

ثامناً: إن استعمال الحكومة لعضو مجلس الأعيان أو رئيس مجلس الأعيان في شركة تملكها الحكومة بالكامل يعتبر خرقاً لمبدأ استقلال السلطات، وهو صورة فاضحة من صور تضارب المصالح، وهذا يعتبر أيضاً خرقاً لمبادئ وأحكام النزاهة والشفافية والحكم الرشيد.

تاسعاً: بما أن عضوية دولة فيصل الفايز في مجلس الأعيان قد سقطت حكماً بموجب الدستور الأردني فإن رئاسته لمجلس الأعيان قد سقطت أيضاً، ويترتب على ذلك أن جلسات مجلس الأعيان التي يرأسها تكون مخالفة للدستور وباطلة، وأيضاً ما يتم إقراره في هذه الجلسات من أعمال وتشريعات تكون باطلة بطلاناً مطلقاً لا ترد عليه إجازة في دولة القانون الملتزمة بمبادئ المشروعية والنزاهة والشفافية والحكم الرشيد.

عاشراً: إن أصحاب السلطة والقرار ومنهم أعضاء مجلس الأعيان الموقر قد أقسموا بالله في أول أعمالهم على المحافظة على الدستور.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى