الطخاخة / فارس الفيومي

الطخاخة
يا بوي العب بالكره… العب بالدراجه الهوائيه.. طيب العب على البلاستيشن اللي كلف ابوك 300 نيره تنطح نيره والطفل الصغير لا يهدأ منذ اول ايام شهر رمضان.
طنين وزنين وعويل وزغاق وبكاء وهكذا نهار اليوم الأول.
بعد الإفطار وقد أبتلت العروق الظمئه والأعصاب المشدوده.
وبدأ النقاش مع طفل ابن ست سنوات.
يا بوي؟ شو بدك بالهطخاخه هذه (لم أجد معنى لغويا لهذا الاسم)
ولدي: بدي اطخ فيها عند لم اسمع اذان المغرب انا وأولاد الحاره.
طيب يابا أنا خايف عليك هذه لعبه خطره ولا حياه لمن تنادي مسلسل جديد من البكاء والصياح.
في اليوم الثاني من رمضان وقد بدأت ساعات شمس الظهيره تدنو من رأسي وتلفح وجهي الاسمر منذ خليقتي بالبحث بين ورش محلات الحداده في المدينه الصناعيه الغريب بالأمر وجود كل اب وولده بصحبته ظننت نفسي بأنني في مدرسه.
علمت ان معظم تلك الورش الصناعيه منشغله حاليا بتصنيع هذه الاداه المعدنيه فكلما رأيت ولد واباه اعلم جيدا بأنه يسأل عن (الطخاخه)
يتهكم بسخريه أحد الحدادين.. مال الناس فقدت عقلها، ظننا كل من يدخل المحل يسأل عن تركيب أبواب وشبابيك بمنزله واذا بالجميع يسألون؟ بتسووا طخاخات.
بعد صنع الطخاخه تبدأ رحله البحث عن العنصر الأخر المرافق لعمل هذه القطعه المعدنيه التي اربكت عمل الورش الصناعيه في عملها.
علب أعواد الثقاب (الكبريت) ام ثلاث نجم كانت على حد علمي تباع بالموسسه العسكريه.. جت والله جابها وأنا ظليع بالتسوق من هذا السوق وبوجهي على هذا السوق الذي لي به ذكريات وذكريات بل انا زائر شبه أسبوعي له.
بمجرد دخولي للسوق هنالك في الصف العلوي يمين الرف الأيمن لمدخل السوق ذهبت انظاري لعلب الكبريت فأنا اعلم جيدا اين ترتب تلك السلع بالسوق واذا بأحد رواد السوق وكأنه استبق سؤالي؟ أظنك تبحث عن الكبريت مثلي.. لا تتعب حالك ولا علبه كبريت كله رايح على الطخاخات.
حتى الدكاكين المجاوره للحي جميعها حصنت مبيعاتها من هذه السلعه الاستراتيجيه وصنفتها ضمن السلع الرمضانيه الهامه مثل القمر دين والجوز واللوز.. يا إلهي ماذا جرى للناس!!
في المساء قضيت وقتا وأن أجلب دلو ماء تلو الآخر لاطفئ نيران التهمت حاويه القمامه المجاوره لبيتي وقد عاث صبيه صغار فسادا واحرقوها بعلبه كبريت صغيره لا يتجاوز سعرها تعريفات معدوده وازكموا انوفنا بروائح الحرائق وعواقبها الوخيمه ان دبت النيران بعنف وحولها أطفال في عمر الورود.
بعد عناء يوم شاق تسائلت نفسي أين يقبع الآن الطفل الياباني هوندا او يوكوهاما في هذه اللحظات وهل هم حقا منشغلون في اللهو كما يلهو أطفالنا وغصت في أحلام يقظه أرى فيها ولدي يناقش بحثا علميا في إحدى الجامعات المرموقه إلى أن أفسد حلمي صوت فرقعه ايقظتني من منامي فزعا منزعجا .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى