أ.د محمد الطراونة يكشف لسواليف خفايا عمليات التنقيب الأثرية والكشف الأثري الهام الأخير في البادية الجنوبية الشرقية / صور

سواليف – خاص – فادية مقدادي

تمكن مجموعة مع #علماء_الاثار من اكتشاف #تماثيل بأشكال رؤوس إنسان و مرفقة بمجموعة من #المتحجرات التي وضعت في نفس المكان من قبل أشخاص ضمن نشاط مرتبط بعمليه الصيد في البادية الشرقية. و هذا الاكتشاف يجعل الاردن #موطن اقدم بناء من صنع الانسان بهذا الحجم الضخم بالعالم.

الاكتشاف جاء ضمن #المسوحات_الأثرية و الحفريات التي قام بها فريق من العلماء يشمل #البروفسور #محمد_بركات_الطراونة من جامعه الحسين بن طلال، ضمن مشروع البادية الجنوبية الشرقية الأثري، و بالتعاون مع الدكتور وائل ابو عزيزة من المعهد الفرنسي للشرق الأدنى Ifpo و دائرة الاثار العامة في الاردن و وزارة الخارجية الفرنسية و جهات اخرى.

الموقع هو احدى #مصائد_الحيوانات البرية الواقعة الى الشرق من قاع الجفر. وهو مرتبط بمخيم للصيادين الذين استخدموا المصائد الحجرية الضخمةو تتكون هذة المصائد من جدران حجرية غير مرتفعة قد تمتد الى عدة كيلومترات و بشكل “محقان” له فم متسع عادة من الشرق و نهاية ضيقة عادة من جهة الغرب تتجمع فيها الحيوانات الواقعة في المصيده. و كذلك تتواجد المصائد في مجموعات تشكل حلقات صيد معقده و متطورة و ممتدة لعشرات الكيلومترات لضمان اكبر ناتج صيد ممكن.

مقالات ذات صلة

و هذه المصائد، التي يطلق عليها الآثاريون كلمه kites بسبب تقارب شكلها بالطائرات الورقية، تتواجد باعداد كبيرة في الاردن في منطقة الازرق و البادية الشمالية الشرقيه و عبر الحدود في جنوب سوريا و شمال السعودية، لكن للاردن الحظ الأوفر منها حيث تتواجد و تتقاطع و باعداد من العشرات و ربما المئات.

وحول ظروف التنقيب عن هذه الكشف الكبير ، وغيرها من عمليات #التنقيب و #الحفريات في الأردن ، تحدث لسواليف الاستاذ الدكتور محمد بركات الطراونة ، المدرس في جامعة الحسين بن طلال ، والمسؤول عن المشروع من الجانب الأردني، وكان الحديث ذا شجون ، شرح فيه الطراونة الكثير من التفاصيل والصعوبات التي رافقته خلال سنوات دراسته وعمله وكثير من التجارب التي خبرها خلال عمليات التنقيب والحفر .

كما أوضح الطراونة كثيرا من الخفايا التي لا يعرفها المواطن عما يلاقيه من يعمل في هذه الحفريات ، وظروف العيش في المخيمات .

في بداية حديثه لسواليف الاخباري ، عرف الطراونة عن نفسه قائلا :

الأستاذ الدكتور محمد بركات الطراونة من بلدة أم حماط في #الكرك ، مواليد عام 1977، درس الصفوف الابتدائية والاعدادية في مدرسة ام حماط ، ثم الثانوية في مدرسة الحسينية الثانوية للبنين ،

وبين الدكتور الطراونة منذ صغره كان يعمل في الاعمال الشاقة لمساعدة أسرته ، حيث كان يشارك والده في أعمال الزراعة والحصاد والبناء ، واستمر في ذلك حتى بعد التحاقه بجامعة مؤتة لدراسة تخصص الآثار والسياحة ، وتخرج وكان الاول على دفعته وحصل على درع الجامعة.

وقال أن البدايات الاولى من حياته العملية بعد انهائه الثانوية العامة كانت بدايات شاقة ، حيث عمل أيضا في الشركات التي كانت تقوم ببناء الجناح العسكري لجامعة مؤتة .

و قال أنه خلال فترة دراسته الجامعية كان يلتحق بالبعثات الأثرية الأجنبية للتنقيب عن الآثار ، خاصة في فترة العطلة الصيفية ، والتي كانت تحتاج الى عمال لمساعدتها في التنقيب والحفريات الأثرية ،ويذكر انه في احد السنوات لم يسجل للفصل الصيفي في الجامعة من أجل العمل مع إحدى البعثات الأثرية الأمريكية في منطقة البادية الى الشرق من الكرك، وقال أنه ذهب إلى مدير المشروع للعمل كمتطوع في البداية ، ولكن مدير المشروع عندما لاحظ كفاءته في العمل ومهارته ، قرر أن يكون عاملا متخصصا في التنقيب وخصص له أجرا يوميا مقداره 15 دينارا أردنيا ، وهو ضعف المبلغ الذي كان يتقاضاه العمال الآخرون في الحفرية ، واضاف انه ظن في البداية ان المسؤول يمزح معه ، وأن المبلغ الذي تحدث مدير المشروع عنه لم يكن يتوقعه .

وبعد أن أنهى دراسته الجامعية بتفوق ، توجه إلى جامعة الحسن بن طلال في معان ، واستطاع الحصول على بعثة دراسية لدراسة الماجستير والدكتوراه في تخصص الآثار في استراليا ، حيث سافر في العام 2002 إلى استراليا ودرس الماجسيتر والدكتوراه في جامعة سيدني حتى عام 2007 وتحت اشراف عالمة الاثار اليسون بيتس .

وتابع انه حصل على ترقيته الأكاديمية الأولى كأستاذ مشارك في جامعة الحسين في عام 2012 ، ثم درجة الاستاذية في عام 2018 .

وأضاف أنه بعد حصوله على شهادة الدكتوراه ، شارك في الكثير من المشاريع الميدانية، منها مسح اثري في شمال الشوبك مع جامعة كانزاوا اليابانية، ومسح أخر في الساحة الموجودة أمام الخزنة في البتراء مع معهد وجامعة السي ان ار الايطالية .

إضافة إلى مشاركته في العديد من البعثات الأثرية لجامعات أمريكية في محافظة الكرك والبتراء وغيرها قبل حصوله على درجة الدكتوراه.

وقال الطراونة ، أنه خلال دراسته للدكتوراه بدأ العمل في البادية الجنوبية الشرقية ، وكانت رسالة الدكتوراه حول المواقع الأثرية في هذه المنطقة والتي كان يمسحها أثريا ، وأوضح أن هذه التجربة من أصعب ما واجهه في حياته خلالها ، بسبب بعد المسافة التي كان يقطعها هو وفريق العمل إلى منطقة المسح الأثري والتي تتجاوز ال 180 كيلومترا في ظل الظروف الجوية الحارة والجافة والشمس الحارقة ، وعدم توفر الدعم المادي ، ولم يكن معه وفريق العمل الا مركبة واحدة.

وتحدث الاستاذ الدكتور الطراونة عن حادثة مريرة حصلت معه ، فقال أنه في إحدى المرات وفي عمق البادية ، تعرضت مركبتهم إلى أكثر من ” بنشر” ولم يكن معهم إلا إطار إضافي واحد ، مبينا أنهم واصلوا العمل في المسح حتى انتهى الطعام والشراب ، وبما أنه كان مدير المشروع ومسؤولا عن الفريق الذي معه ، كان لا بد له أن يتحمل المسؤولية الكاملة لإنقاذ الفريق كله .

وأضاف ، في تلك الفترة لم يكن يتواجد في المنطقة سكان من البدو ، والمنطقة خالية تماما ، فاضطر الى المشي وأحد العاملين معه لمسافة 37 كم حتى وصل إلى إلى أقرب مركز بادية على الحدود الأردنية السعودية وهو مركز مشاش حدرج.

وأضاف أن التعب أنهكهما وبلغ منهما كثيرا ، حتى أنهما في آخر المسافة كانا يضطران إلى للارتماء على الأرض من شدة التعب ، ثم يسيران لأمتار قليلة ، وهكذا حتى وصلا إلى مركز البادية ، وطلبا العون والمساعدة منهم .

وبين الطراونة أنه في طريق العودة إلى موقع المسح الأثري لمساعدة باقي الفريق في سيارة شرطة البادية ، كان هو ورفيقه ينظران إلى بعضهما ويسألان .. معقول أننا قطعنا هذه المسافة الطويلة في ظل هذه الأجواء الصعبة ؟

ومن التجارب الخطرة التي واجهته أيضا ، تحدث الطراونة أنه في احدى الأيام ، استيقظ باكرا من أجل تصوير إحدى المواقع قبل شروق الشمس ، وارتدى حذاء مكشوفا بسبب السرعة ، وعندما وصل إلى الموقع وإثناء وقوفه ، أحس بشيء يتحرك بين قدميه ، وشاهد أفعى من أخطر الأفاعي السامة في الجزيرة العربية والبادية الأردنية ، وأضاف انه من الخوف لم يتحرك حتى ابتعدت الأفعى ، وقام بتصويرها .

ومن المخاطر الأخرى التي تعرض لها والعاملون معه ، العقارب والعناكب الخطرة التي كانت تظهر لهم إثناء الحفر والتنقيب ، ويذكر أنه في إحدى المرات ظهر لهم عنكبوت اسمه عنكبوت الجمل الضخم وهو عنكبوت خطر ويسبب مشكاكل صحية وتجاوز طوله ال10سم .

وفي احدى المرات انغرزت سيارته في الرمال ، واضطر هو وزميله الدكتور وائل أبوعزيزة الى العمل لساعات طويلة حتى استطاعا إخراج السيارة من الرمال ، وكان المخيم بعيدا عنهما ولم يتمكنا من طلب المساعدة ، حيث عملا وحدهما على تخليص السيارة من الرمال ومواصلة المسير .

وفي حادثة أخرى لا ينساها البروفيسور محمد الطراونة خلال العمل في الميداني وفي رحلة العودة ، قال أن المركبة تعطلت بسبب البنشر والذي تم استبداله ايضا إلا أنها تعطلت مرة أخرى ، فلم يجدوا حلا الا استخدام لحاف لحشوه داخل العجل لاكمال المسير، إلا أن ذلك لم يستمر طويلا حيث تآكل العجل ، وكانت المركبة تخص السيد عايد ضبعان ابو تايه ومعه ابنه ، والذي لاحظ مقدار الضيق الذي يشعر به ، وحجم المسؤولية على كاهله وهم بعيدون عن الجفر لمسافة تزيد عن ال 80 كيلو مترا ، فاقترح ابنه ان يستخدموا “بلف تيوبلس” موجود معهم في المركبة ، واستطاعوا نفخ العجل وهو ما ساعدهم على الوصول للجفر ، مؤكدا أنه لن ينسى هذه التجربة وما قام به السيد أبو تايه في هذه الرحلة من مساعدة وموقف لا ينسى .

وحول الاكتشاف الأثري الهام في البادية الجنوبية الشرقية ، قال الدكتور الطراونة :

بدأ العمل في المشروع منذ عشر سنوات ، مررنا بالكثير من الصعوبات ، حيث بدأ هو بالعمل في منطقة شرق باير وشرق الجفر ، وكان شريكه الدكتور وائل ابو عزيزة من المعهد الفرنسي للشرق الأدنى ، يعمل في منطقة الثليثوات الجنوبية جنوب شرق مناجم الشيدية وتحدها الحدود السعودية من الشرق. ، وفي عام 2012 اتفقا على دمج المشروعين في مشروع واحد تحت مسمى مشروع البادية الجنوبية الشرقية ، وبدءا العمل في منطقة جبال الخشابية ، وبدآ باكتشاف المصائد الأثرية والمخيمات حتى الآن .

وأوضح الدكتور الطراونة ، أنه انقطع عن العمل في المشروع في موسم 2012 ، حيث حصل على منحة من الحكومة الاسترالية لدراسة الماجستير في السياحة الدولية وادارة الفنادق ، حيث أنهى دراسته في نهاية عام 2013 ، وكان الأول على دفعته وحصل على جائزة The Barry Poole Memorial Prize for 2013 .

وبعدها عاد الى جامعة الحسين بن طلال واستمر في العمل بالمشروع والمخيمات ، حتى تم العثور على الكشف الأثري المهم الأخير .

وحول فريق العمل الذي كان لهم دور كبير في الاكتساف الأثري الهام قال ، انه من ضمن الفريق الدكتور خوان أنطونيو من إسبانيا ، وهو متخصص بالدراسات الصوانية ، والدكتور ريمي كراسار من أمريكا ، وطلاب من أمريكا وألمانيا ودول أخرى ، وطلاب من جامعة الحسين للتدريب الميداني ، ومدير المشروع من الجانب الفرنسي الدكتور وائل أبو عزيزة ، إضافة إلى متخصصين بالعظام البشرية وتنقيب المقابر ، وطلاب دكتوراة .

وبين انه شارك معهم في هذه الكشف احد المصورين الفرنسيين ، والذي قام بعمل تقرير مصور حول ما يقومون به ، واستطاع ان يوثق كافة اعمالهم من خلال فيلم وثائقي وصور أخرى، وتم تنظيم معرض متنقل لهذ الصور في جامعة الكويت وفي المركز الثقافي الفرنسي في عمان ، وكان من المفترض ان يعرض في القدس الا ان جائحة كورونا حالت دون ذلك ، مبينا أن المعرض بشكله النهائي والدائم سيكون في جامعة الحسين بن طلال .

مؤكدا أن هذا المشروع مستمر حيث سيبدأ بالعمل في منطقة البادية الجنوبية الشرقية من أجل حل المزيد من الألغاز في مجتمع الصيادين الأثري ، موضحا أنهم يقومون كمسؤولين في هذا المشروع بما يقوم به العمال ، فلا فرق بينهم وبين العاملين ، ومن يحضر إلى منطقة العمل لا يستطيع أن يميز بين دكتور الجامعة وعامل الحفرية .

وحول ظروف العمل في مخيمات التنقيب والحفريات ، قال الدكتور الطراونة ،أن المعاناة والمشاق التي ترافق فريق المسوحات الأثرية لا تنتهي وهي متنوعة من حيث المشي على القدمين لمسافات طويلة ، إضافة الى نقص المياه والطعام والشراب ، ومواجهة المخاطر التي تظهر فجأة ، ما يتطلب أن يكون الفرد حذرا ومتحفزا لأي طارئ أو خطر.

وبسبب تواجدهم لأيام خارج المناطق المأهولة وبعيدين عن أماكن التسوق ، فإنهم يضطرون إلى إعداد الطعام بأنفسهم ، أولا بأول كون الطعام يتعرض للفساد بسبب درجات الحرارة المرتفعة ، كما أنهم يقومون بإعداد الخبز في مخيمات التنقيب ، حيث هناك خيمة خاصة في المخيم لإعداد الطعام وعجن الطحين وخبزة ، وتحتوي على كافة المواد الأولية والمعدات البسيطة اللازمة لذلك .

وهناك أيضا خيمة مخصصة كمكتب للحفرية ، وخيمة لجلوس الفريق وتناول الطعام .

ولكل شخص في المخيم ، خيمة خاصة به عازلة للنوم ، تمنع عنه الحيوانات والزواحف الخطرة والحشرات السامة كالعناكب والعقارب والأفاعي ، مشيرا الى توافر جميع الأدوية والمضادات اللازمة في حال تعرض احد العاملين لأي طارئ ، خاصة في اجواء الصيف الحارقة وارتفاع احتمالية التعرض لضربات الشمس .

ولكن هناك مشكلة هامة ومعاناة دائمة ، وهي عدم وجود تغطية لشبكات الاتصالات الخلوي والانترنت .

وقال د.الطراونة أن عمله في البادية شكل عنده حالة من العشق والالتصاق بها، وأنه إذا لم يكن لديه أي عمل ميداني ، لا يستطيع الابتعاد عنها طويلا ، فهو يخرج إليها لأيام ، وفي موسم صيد الصقور في الجفر .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى