في الاردن: بين الدغري وسوسو تتقدم أليس / خالد عياصرة

في الاردن: بين الدغري وسوسو تتقدم أليس
بما أن العام الجديد بدأ يطرق الباب إيذانا برحيل آخر, وبما أن البعض لن نسمع صوته إلا في نهاية العام, سيخرج علينا البعض لطرح السؤال الذي يشغل ويشعل بال الأردنيين, سؤال قائم على فعل التفضيل “أفعل” .

فمن هو الشخصية السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية أو االاجتماعية, الاكثر تاثيرا في الأردن لهذا العام؟
بلا شك, السؤال مبني على المقاييس الإعلامية المرتبطة بسقوف بعض الأسماء, بواسطة حبال التنفيعات والمغلفات, يعتمد عليها صاحب السؤال, ترتكز على روافع اعلامية لا عملية, تأخذ بالاقوال لا بالأفعال, بمعنى أن حجم الظهور والتركيز الإعلامي على أحد الأسماء, يمنحه الضوء الأخضر للتقدم على الآخرين, حتى وإن كانوا أكثر إنجازا منه.

مثلا: ما الذي قدمه رئيس الوزراء, حتى يعتبر شخصية العام بلا منازع, في الحقيقية لا استطيع اعتبار الرجل الأفضل فهو لم يقدم شيئا يستقر في ذاكرة الأردنيين الجمعية, عدا اشعالا للحرائق, وتسفيه واستهانة لدور النواب, وتجميدا للاحزاب والنقابات.
حتى وإن كانت تحركاته تمنحه أسبقية على الآخرين, فالرئيس يحتل رأس الركب بكونه الأشجع على تبرير الفشل, و الاقدر على تكذيب النواب واستغلالهم, والأكثر رفعا للاسعار والضرائب, ولضغط الشعب.

هذه الأساليب منحته أفضلية لتخطي حواجز الآخرين وحفرهم, لتضمن له استمراريته, فهو يدعم مصلحته اولا, ويؤكد سيطرته ثانيا, خصوصا وأنه يمتلك الوانا ووجوه متعددة قادرة على اللعب بوتر الكلمات ومعانيها بمنتهى الإبداع.

مقالات ذات صلة

إلا أن قياس فاعلية الواقع, باعتباره اللبنة الأساس للقياس, يقول: إن إنجازاته تساوي صفرا, إذ اعتمدت على الفردية والمناطقية وتصفية الحسابات, لقتصارها على من هم حوله. فلا ضير أن كان ابنه سفيرا, وبيته قصرا منيفا أسواره عالية !

لا مشكل إن تحول ابنه في بضع يوم إلى رجل رأسمالي يمتلك مشاريعا في بوليفارد العبدلي, لا عيب ابدا في تفضيله مدرسة خاصة على حكومية تابعة له, لتكون مكانا لدراسة حفيده.

هل يثق دولته بمدارس الحكومة ؟ هل يختلف رئيس الوزراء عبد الله النسور بوسائله, عن رئيس الوزراء الأسبق علي أبو الراغب بقوانينه المؤقته. لذا لا يمكن اعتباره رجل العام.

شخصية أخرى يضعها البعض على القائمة الوهمية المسبقة في عقولهم, كان لها نصيب الأسد من الطلات والتركيز الإعلامي, في سكونها وحركتها, كما في صمتها وحديثها, حتى أننا اعتقدنا, لوهلة, وبعض الاعتقاد, ظن, وبعض الظن اثم, أن الصحف والكتاب سيطلون علينا في لحظة ما من غرفة نومه, أو مطبخه, لتغطية اخباره !

أقصد هنا دولة رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي, والذي يعد بلا شك أكثر أردني أكل المناسف والكنافة, خلال هذا العام, طبعا تناوله بمعلقة, لا باليد ! كما يعد الأكثر تلبيسا, للعباءات المدفوعة مسبقا, وخلعا لها, فقد تحول بعد غياب مدروس, لمفكر, وكاتب, ومثقف, وشخصية وطنية ومترجم, يملك مشروعا, نوعيا, لانتشال الدولة من همومها. لكنه مع كل هذه الميزات, والمسابقات الإعلامية والصحفية, والمدفوعات, والمغلفات,لا يستحق أن يكون شخصية العام, فالواقع يقول لنا بغير ذلك.

ولان, ساستنا, المفروضين على الشعب فرضا, لا يستحقون منا الإحترام, إلا أن عملوا, وانجزوا, وبما أن غياب الانجاز, هو ديدنهم, يمكن القول :

الشخصية الأردنية الأكثر تأثيرا, وانجازا, وابداعا, لهذا العام أسهمت, في قهر الاردني, ابكته وجعلته يطلب الثأر, بعدما قتلته عصابات وقطعان داعش الارهابية, كان الطيار معاذ الكساسبة, فحرق قلوب الأردنيين, والعرب, وكل من شاهد امه, وزوجته, وابيه. هذا رجل العام, في الاردن,ولا أحد سواه. فهو من يستحق التكريم, وذويه.

من بعده, يأتي ذلكم الجندي الذي يقف شامخا, على حدود الوجع, واللجوء مستقبلا طفلة يحملها, ويحاول مسح الدمع والخوف عن وجهها المرهق المتعب.

أو ذلك الشرطي الذي يصارع مياة الامطار والسيارات, ليمنع غرق المواطنين, الذين داهمتهم, مياه الامطار في عرض الشارع.

بل قل: ذلك الشاب السلطي, الذي أنقذ عائلة كاملة من الغرق في بيتها, بعدما تسللت اليه مياه الأمطار, بفعل فاسد ورضى مسؤول مستفيد, لم يكترث لها أمين خيانة عمان الكبرى, أو وزيرة المصائب الإجتماعية, لانشغال الأول بتوليد الغاز من النفايات, والثانية بالسهرات و الحفلات !

بين هؤلاء تأتي تلك الشرطية الواقفة في حضرة البرد, لتنظيم السير والبسمة لا تفارق وجهها, أو المعلم الذي يصلح مدفئة كاز مدرسية معطوبة, ليضعها امأم طلابه, لأن الحكومة لا تكترث لأمرهم, بقدر اكتراثها بسيارات التيسيلا الكهربائية.

هؤلاء هم رجال العام في وطني, ابطالنا, عزوتنا, اهلنا, الأشاوس النشامى, الأجدر والأفضل والأجمل, لهم نرفع القبعات, وبهم نرفع الرؤوس شامخة.

لكن, الشخصية الأكثر تأثيرا, قولا و عملا وتنقلا, لهذا العام, كانت بلا منازع أليس ويلز, سفيرة الولايات المتحدة الأميركية في الاردن, والتي تأكل المنسف بيدها وبثلاثة اصابع, وتتحدث وتفهم العربية, دون الحاجة إلى مترجم !
‫#‏خالدعياصرة‬
Kayasrh@gmail.com
941344_1095461133799856_2657957446091951642_n

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى