يا معالي الوزير ، القصة ليست بالمهور بل بالأجور .. / أ. ريم ابو احميد

يا معالي الوزير ، القصة ليست بالمهور بل بالأجور ..
قال القرطبي في تفسيره، خطب عمر فقال : ألا لا تغالوا في صدقات النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصدق قط امرأة من نسائه ولا بناته فوق اثنتي عشرة أوقية فقامت إليه امرأة فقالت يا عمر : يعطينا الله وتحرمنا ، أليس الله سبحانه وتعالى يقول : وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا قال عمر : أصابت امرأة وأخطأ عمر ، وفي رواية فأطرق عمر ثم قال : كل الناس أفقه منك يا عمر ، وفي أخرى : امرأة أصابت ورجل أخطأ والله المستعان .

كلنا يعرف هذه القصة و التي استشهد بنصفها معالي محمد نوح القضاة في خطبة إبنته ، و لكنها منذ أن عجّت مواقع التواصل و المواقع الالكترونية بقصة مهر إبنة معالي محمد نوح القضاة و هي لا تغيب عن بالي و مع كل هذا الجدال الذي دار بين مؤيد و مشجع و بين معترض بكثرة المغالاة بالحدث و بين أراء هنا و هناك و أنا يستفزني الحدث للكتابة .
معالي محمد نوح القضاة الاكرم ، نعم ربما قصدت التيسير و التسهيل و قصدت أن تسن سُنّة لما لك من تأثير مجتمعي كبير ، لكن اعذرني برأيي المتواضع ربما لم تتنبه فالمشكلة ليست بالمهور ، بل بالاجور ، ف حين زوجت ابنتك من رجل أعمال مقتدر أنت تعلم تماماً أنها ليست بحاجة لأن تتنازل عن أي شيء من متطلبات حياتها الاساسية و حقوقها ، و تعلم تماماً أن ما سيترتب لها سيكون ضمن الحدود التي تريدها ، فهي لن تُحرم من بيت أو غرفة نوم أو غرفة ضيوف ، هي لن تُحرم من أن تلبس ما تختاره من الذهب و ما تختاره من فستان احلامها و يومها المُنتظر ،معالي وزير الاوقاف الاسبق ، فلنكن منصفين أكثر مع بناتنا و أهاليهن ، ف الآن في مجتمعنا الغالبية العظمى منه أصبح يضع أرقاماً على عقد الزواج لكن ما يحدث واقعاً أن العروس تتنازل عن الذهب و تعوضه بذهب روسي ( لتسكت عيون الناس ) و ترضى بمنزل ينقصه نصف الاثاث ، و تتراجع عن فستان أعجبها لتأخذ آخر أقل سعراً و تدفع ( تحويشه راتبها ) مع العريس لتكمل نفقات عرسها، و أعذرني مرة أخرى لا أتوقع أن ( نسيبك ) يحتاج لهذه التضحيات من إبنتك!! ، و غير ذلك فإن آبائهن لا يدخرون وسعاً للمساعدة من باب ( احنا بنشتري زلام ) و ليعوضون بناتهم ما لم يستطعه العريس و يشاركون إبنهم الجديد تكاليف عرسه بشكل أو بآخر ، ربما لم تتنبه يا معالي الوزير أن هذا العريس لم تعد مشكلته في المهر نفسه ، ف هو ع كل الاحوال سيقيم عرساً سواء بالمنزل او بالقاعة و هذا يحتاج لمبلغ في اقله سيصل ١٠٠٠ دينار، و ما يتبع ذلك من مصاريف معروفة للاعراس اصبحت عرفاً و تقاليد لا يمكن تجاوزها ، هذا العريس يريد بيتا سواء دفع مهراً أو لم يدفع ف هو سيستأجر بيت لن يقل عن ١٥٠ دينار شهري بأسوأ الظروف و الامكنه ، و هو سواء دفع مهراً أو لم يدفع يحتاج لأن يجهز هذا البيت الذي على أقل تقدير يحتاج ٣٠٠٠ دينار كحد أدنى و بأرخص المقتنيات و بالاساسيات التي لا يمكن العيش بدونها و التي بهذه التكلفة جزماً سينقصه غرفة ضيوف و بعض الكهربائيات و ستكون غرفة نوم ( العروس ذات المهر ) مستعملة ، و هو سواء دفع مهراً أو لم يدفع يحتاج لان يُفرح زوجته بيومها الابيض الذي لن يتكرر بغض النظر عن المكان و الطريقة ، ف هو بضيق الحال سيتشعر بجزء من المسؤولية عن أي حرمان سيقع عليها !!
معالي الوزير صدقاً لم تكن الاسبق بهذا الفضل على زوج ابنتك و قد تكاثرت القصص في أيامنا هذه لأباء تساهلوا في مهور بناتهم و متطلبات الاعراس و لم يفرضوا عليهم شيئاً، لكن ربما بعض الفروقات أن ( نسيبهم ) ربما ليس له عمل ثابت ولا يملك حتى مهر العروس المطلوب أو أنه موظف براتب لن يكفي سوى لأجرة بيت الزوجيه و بعض الفواتير و الباقي من راتب العروسة ، لقد كانت بادرة منك لمكانتك و لمركزك لمحاولة سَنّ سُنّة في المجتمع لمعالجة مشكلة موجودة ، و انني ليس انتقاصاً لمبادرتك و لكن زوج ابنتك رجل الاعمال لن ينتقص شيئاً من بيته و لن تتنازل ابنتك عن متطلب اساسي لتكمل فرحتها ، و لن تأخذ قرضاً و تعمل ليل نهار مع زوجها لتوفر أدنى متطلبات الحياة الكريمة ، فأي سُنّة تلك التي تريد أن تُحيها ؟؟ و لماذا يا معالي الوزير و معالي الوزراء الاخرون في الجاهة لم تتبرعوا بتزويج شباب غير مقتدرين على تكاليف الزواج بدلاً من أن تطلبوا من الفتيات التنازل عن حقوقهن ؟؟!! لماذا يا معالي الوزير لا ننظر للمشكله من أسبابها لا من نتائجها ؟؟!! ، فالفقر و البطالة و تدني الرواتب مع تزايد متطلبات الحياة الاساسية التي أصبحت فرضاً في حياتنا هي المشكلة ، فمثلا في دولة عربية مقتدرة فإن مهر العروس و قطعة أرض و تكاليف بناء بيت تدفعها الدولة لكل مواطن حين يريد الزواج ، و نحن لا نطالب بذلك فنحن شعب تعود أن يكدح ، و لكن قبل أن تفكروا في إنقاص الحقوق أرجوا من معاليكم أن تفكروا في بناء استراتيجيات و خطط اجتماعية لمساعدة الشباب في الزواج و دعمهم مادياً لتغطية تكاليف زواجهم ، أو حتى تقنين الأسعار بما يخدم المقبلين على الزواج .
و كما تذكرت قصة عمر مع هذه المرأة اذكر جيداً قصة الخليفة عمر بن عبدالعزيز الذي حكم بضعاً و ثلاثين شهراً فقط لتفيض اموال المسلمين ليبنوا فيها البيوت لكل محتاج و يشتروا مراكب لمن ليس لديهم مركب و سد ديون الفقراء المسلمين و غير المسلمين و تزويج الشباب الاعزب و اطعموا الطير حتى لا يقال جاعت الطيور في بلاد المسلمين .

يا معالي الوزير ، ختاماً أقولها لك كما قالتها تلك المرأة لعمر :”وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا”.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

‫12 تعليقات

  1. صدقتي و ابدعتي .. و سؤالي لهذا الوزير هو لو تقدم لخطبة ابنته شخص عادي (مثلا موظف براتب متواضع) فهل كان ليطلب نفس المهر؟؟

  2. للأسف الشباب وعائلاتهم يتهاونون بمن كان مهرها قليل وهذا حال مجتمعنا ولا ننسى المثل القلئل كسر راس مالها شوال بصل

  3. لا نشكك في نوايا الدكتور محمد. لكن انا كمان بحكي انه اكيييد بنته ما رح ينقص عليها اشي بالعكس. رح يجيب العريس. اكثر من اللازم. خصوصا وانه مقتدر ماديا ،،،،، مش موظف عايش عالراتب ولا بدور على بيت بالايجار ،،،

  4. نحن أمة لاااااا يعجبنا شيء
    لو طلب مهرا لقلنا لماذا؟ لما ترك قلنا لماذا؟
    أرجو مراجعة صور الجاهة لتعلموا انها خلت من الوزراء و النواب!!
    فقط نريد الاعتراض! فقط نريد التعليق

  5. هو حر يعمل مايريد ولكن لايفرض علينا ذلك وليس هو قدوة لنا هو لا ينقصه المال والعريس ايضا وهو عارف انه لو تطلب لبن العصفورلاتى له بها ولكن لو جاء فقير وخطب ابنته هل يقبل به عريسا لابنته فقط

  6. هذا الكلام الصحيح. لا بد من البعد عن الاستعراض والانغماس
    بالافعال. طروحاتها أكثر من رائعة.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى