في الثلاثين / شادن صالح

في الثلاثين
شادن صالح

قد لا أعير أي انتباه لإلحاح أمي أو صديقاتي لحقن إبرة البوتوكس لأخفي ثلاث خطوط تحت عيناي… فأنا فرحة بهذه الخطوط التي ظهرت وانا لا زلت في الثلاثين…. اعترف أن لرونقها شعور بالفرح يشبه تماماً حصولك على وردة متفتحة قد قمت بسرقتها للتو من خلف سور الجيران…
هذا الأمر يتزامن مع إهمالي ” لمشاوير ” صالون التجميل لعمل طلاء أحمر لأظافري فللآن ثمة علاقة سيئة بيني وبين غسالة الفل اوتوماتيك.. ولا زلت أمارس هواية الغسيل العادي من أجل ” بح ” الملابس بالماء الصافي مع معطر يفوح زهراً لاستمتع بالرائحة عند نشر قمصاني….
نعم نعم قد يبدو الأمر غبياً لدى الصبايا أن أقوم بهذا باستمتاع تام خاصة عند رفضي لطلب وجبة ديليفري وقضاء ساعتين أمام الغاز والطناجر لتحضير غداء بيتي شهي….
الأمر لا يتعلق بممارسة مهامي البيتية بقدر ما هو متعة ممارسة بعض الطقوس والتفاصيل الصغيرة التي يكمن فيها ” الحب “… نعم الحب..
حين نندهش من إنجاز قمنا به للتو يدهشنا هذا الحب بما قمنا به.. تدهشنا التفاصيل التي تكاد لا ترى.. لكنها تمدنا بالشعور بالحب لذواتنا… الحب لفطرتنا… لأيادينا الصغيرة وماذا فعلت….
الحب هو ً دينمو ” غريب وعجيب أيضاً… أن نحب الأشياء كما هي بدون رتوش… ما يجعلك تقوم بكل ما هو صعب بكل سلاسة… أن تقوم بكل ما هو ممل وأنت بغاية الاستمتاع…
لكن…. لم أكن أعرف ذلك السر من قبل… أن تكون محباً لنفسك.. لما تقوم به يومياً… للأشياء من حولك.. حتى لملابسك وأحذيتك..
عرفته هذا السر ” الحب” بعد الثلاثين.. عندما قال هذا المحيط الغبي ‘ راحت عليكي ‘ أدركت حينها تماماً أني قد بدأت..
أدركت ما معنى أن تكون في حالة سلام.. نشوة بدائية… أن تنضج أكثر أن تطيل الحديث لنفسك بدون أي مكياج يبطن الكلام… أن تكون صادقاً.. محباً.. شفافاً.. تعرف تماماً ماذا تريد… من هي دائرتك الصغيرة…
أن تكوني في الثلاثين معناه أنك أنثى أكثر مما ينبغي…. وناضجة بحجم كل متطلباتك من الحياة…. وقوية لدرجة لا يعرف قلبك فيها الخوف… أم حنون وصبية ناضجة.. وامرأة مكتملة الأنوثة….. وطفلة تشاكس بحرفية…. تعرف تماماً أي أحمر شفاه ستضع… أي فستان سترتدي في السابعة مساءً..
تعرف تماماً كيف تشكل الزاوية بطرف عينها لتردي من أرادت قتيلاً…لا شأن لأحد أن يملي قراراً أو أن يصوب مساراً…
هي صديقة إبنتها ولا ضير في اللعب معها ً الليغو “… لخلخالها رنة تطرب الآذان ولبحة صوتها المعجون بالسنوات شجن يجعلك في حالة من التماهي مع الحياة…
افرحن بأعماركن ولا تدعن لسطوة لعنة السنين أن تعكر مزاجكن… أنتن جميلات وناضجات. مشاكسات ووقورات.. وزوجات فاتنات…. وأمهات حنونات….
أنت الآن في الثلاثين…. فهنيئاً لك بداية حياتك…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى