مبادرة أمام الصيادلة / محمد نغوي

مبادرة أمام الصيادلة
ذهبت مرة إلى الصيدلي الذي انا معتاد أن أشتري من عنده بعض الادوية الشهرية للوالده “حفظها الله”، حيث يوجد دائما نقص بالأدوية التي تصرف لها من المستشفى الحكومي، فأقوم بتغطية النقص عن طريق شراءه من هذا الصيدلي، المهم قدم لي أحد الأدوية وقال لي هذا دون مقابل، فسألته لماذا؟ فقال إن هناك أشخاص يكون مصروف لهم كمية كبيرة من الأدوية، وأحيانا من عدة جهات، أو لا يعودوا محتاجين لبعض الأدوية، فيأتون بهذه الأدوية الزائدة ليضعوها عنده ليعطيها لمن يحتاجها دون مقابل، فشكرته على مبادرته وأصررت على دفع ثمنه حتى يبقى ذلك الدواء لمن يحتاجه ولا يقدر على دفع ثمنه، بصراحة الفكرة أعجبتني كثيرا، وبعدها بفترة اصبح لدى الوالدة “حفظها الله” أبر بنسلين للسكري زائدة نتيجة صرف نوعية مختلفة لها، فأخذت الإبر الزائدة لاعطيها للصيدلي ليقدمها لمن يحتاجها دون مقابل، فقال لي أن هذه إلابر عليها طلب في أحد المراكز الإجتماعية ودلني عليه فذهبت وسلمتها لهم، لقد شاهدت مخابز فيها رفوف للخبز والكعك تقدمها للمحتاجين دون مقابل، وشاهدت محل للخضار والفواكه يقدمها للمحتاجين دون مقابل أيضا، وكلاها مبادرات رائعة يستحق القائمون عليها كل الشكر، اما فكرة توفير الأدوية دون مقابل فأعتقد انها ربما تكون الأهم، لأنه عندما يصرف لنا الطبيب الدواء فإنه يكتب لنا بالباكيت، وعندما نستخدمه فإننا في الغالب نستخدم نصف الباكيت أو أقل من نصفه، وأحيانا مجرد تناول ثلاث أو أربع حبات أو كبسولات فقط تكون كافيه للشفاء من المرض “بإرادة الله”، اما ما يزيد من الدواء فاما اننا نلقيه في النفايات أو نضعه في صيدلية المنزل لكي نستخدمه مستقبلا عند الحاجة، حتى أصبحت الصيدلية المنزلية متخمة بعشرات الأنواع من الأدوية التي لم نعد نعرف دواعي استخدامها، وبعد فترة عند “تعزيل” الصيدلية، نجد أن معظم الأدوية قد أصبحت تواريخها منتهية وغير صالحة للاستخدام، فتجد طريقها إلى النفايات على الرغم من أنها كان يمكن أن تساعد انسان فقير بحاجة ماسة إليها.
وحيث اننا اليوم نعيش ظروف اقتصادية صعبة، فإنني اقترح لو يتم تفعيل مبادرة من قبل الأخوة الصيادلة الأخيار تقوم على مبدأ دعوة مراجعيهم لإعادة ما يزيد من دواء لديهم صالح للاستخدام، لتقديمه إلى من يحتاجه من غير المقتدرين دون مقابل، وأعرف مسبقا ان مثل هذا الاقتراح سيقابل ببعض التساؤلات مثل أهمية تخزين الدواء بصورة مناسبة وان المواطن غير قادر على ذلك وكذلك موضوع الربح والخسارة نتيجة عرض كمية من الدواء دون مقابل وغيرها من التساؤلات التي لا أعلم عنها كوني من خارج مهنة الصيدلة، ولكنني على ثقة بأنه لو توفرت النوايا المخلصة الصادقة فإنه لا بد من إيجاد الحلول لتلك التساؤلات، إن هذه المبادرة اقترحها على نقابة الصيادلة خصوصا والاخوة الصيادلة عموما، لكي يكون لهم موقف إيجابي للتخفيف عن المواطنين، فهذا واجب ديني وإنساني ووطني، قال صل الله عليه وسلم: من فرج عن مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، والله ولي التوفيق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى