مرشّح عشيرة / رامي علاونة

مرشّح عشيرة
ربطتهما صلة القرابة وأمضيا سنوات الدراسة سوية في المدرسة، لكن سنة التوجيهي كانت فاصلة بالنسبة لهما.
لم ينجح فلاح، ولم تكن لديه الرغبة في محاولة ثانية فقد “أكمل” بكل المواد ما عدا مادة التاريخ، كما انه لم يكن “فالحا” بالدراسة من الأصل في جميع الصفوف فكان ينجح دائما بمساعدة الأصدقاء و “دفش المعلمين”.
أما بالنسبة لقريبه راشد الذي كان طالبا مجتهدا، فقد نجح في التوجيهي وحصل على معدل ممتاز أهلّه لدخول الجامعة فقرر دراسة الإقتصاد. أنهى دراسته الجامعية بإمتياز، ثم ما لبث أن حصل على منحة من جامعة أمريكية لدراسة الماجستير والدكتوراة في العلاقات الدولية.
سافر راشد للدراسة التي أنهاها بامتياز وبفترة زمنية قياسية، ثم عمل استاذا جامعيا لعدة سنوات الى ان اصبح مديرا لمركز دراسات الشرق الأوسط في نفس الجامعة التي تخرج منها، بالإضافة الى عمله في الاستشارات والأبحاث لعدة مؤسسات ومراكز دراسات سياسية واقتصادية دولية.
امضى في أمريكا عقدين من الزمن مليئة بالنجاح والإنجازات والمؤلفات ألى أن عاد الى أرض الوطن للعمل في العاصمة في إحدى مؤسسات الدراسات الاستراتيجة العالمية كمدير إقليمي لفروعها في المنطقة.
أما فلاح، فقد فتح له والده “دكانة” صغيرة بعد ان رفض إعادة دراسة التوجيهي. ومع الأيام، فُتحت له أبواب الرزق، ففتح عدة دكاكين ومغسلة سيارات ومحل قطع غيار، كما اصبح يتاجر بالسيارات و الأراضي فجرت “العملة” بين يديه.
كان من القلائل الذين “طجّت معهم” تجارة البورصة فتوسع كثيرا في تجارته واعماله حتى بات من أكبر الأسماء في سوق العقارات والسيارات المستعملة وقطع الغيار في المدينة.
طيلة هذه الفترة، لم يتواصل القريبان سوى مرات معدودة عندما كان راشد يمضي إجازاته القصيرة في البلدة.
ذات صباح، تفاجأ راشد بزيارة صباحية من قريبه فلاح. استقبله راشد بحفاوة وجلس الإثنان يتجاذبان أطراف الحديث و يستذكران أيام المدارس الى أن قارب اللقاء على الانتهاء.
فلاح: ماشي يا قرابة انا بدّي اروح. يوم الجمعة إن شاءالله بنتغدا سوا بالبلد.
راشد: فيش داعي يا قرابة. انا الجمعة بتغدا مع الحجي.
فلاح: لا، بتيجي! الحجي كمان معزوم وكل القرايب جايين.
راشد: ان شاء الله. على خير.
فلاح: بس بدّي منك خدمة، يا قرابة.
راشد: اؤمر يا قرابة!
فلاح: ما يؤمر عليك ظالم. بدّي تكتبلي “كتاب” وتجيبه معك يوم الجمعة.
راشد: كتاب شو يا قرابة؟ تأليف الكتاب بوخذ مني سنتين ثلاث!
فلاح: يا زلمة مش كتاب كتاب…قصدي زي هذول اللي بِنْقَرن قدّام الناس بالجمعات الكبيرة.
راشد: آآآه قصدك “كلمة”!
فلاح: لا يا زلمة شو كلمة! بدّك الناس تعملني مسخرة! بدي أقل شي صفحتين ثلاث.
راشد: هي اسمها “كلمة” او “خطاب”. ماشي يا قرابة، بس شو الموضوع و شو المناسبة؟
فلاح: عقبال عندك … فزت بالانتخابات الداخلية للعشيرة و بدهم يرشحوني للبرلمان!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى