قضية ” العون المطيع” تشريع للنهب / عبد الفتاح طوقان

قضية ” العون المطيع” تشريع للنهب

قضية الدخان التي ظهرت في الساحة الاردنية هي قضية فساد بمشتقاته المختلفة التنفيذية والتشريعية والتي باتت استراتيجية بعض الحكومات المتعاقبة وخاصة بمساندة من قوي سياسية في الدولة، في ظل تغييب الدولة لأدوات حقيقية لمكافحة الفاسد والإعلان عن تفاصيل المتهمين كاملة الا إذا تم الحصول على أشاره خضراء حسب تصريحات وزيرة الاعلام.
والقصد “لا إشارة لا مكافحة” في مفهوم جديد للإدارة السياسية للدولة، وسأعرج عليها لاحقا.

يوفر السماح بزراعة ١٢٠٠ دونم تبغا وخلافة، فرصة لابتزاز المجتمع والمتاجرة بقوته اليومي ومعيشته وتسليم مصيره لمافيا قوى الفساد والقطاع الخاص الذي لا يهتم إلا بربحيته، كما أنه يسمح بالضرورة بتهيئة المجتمع للإدمان ويقوم بتعويم واغراق السوق الأردنية بمواد وسلع مزورة ومضرة في حين الأردن وقع على الاتفاقيات الدولية لمنعها والحد من استخدامها. وهذا ما يعرف بالفصام السياسي للدولة ويصف البعض ذلك بالتدليس على المنظمات الدولية.

وعوضا عن قيام الحكومة والسلطة بتأمين الحد الأدنى لحماية وتوفير بيئة خاصة ومستقرة وضامنة للحد الأدنى من المعيشة التي تضمن الكرامة والحرية للمواطن بعيداً عن رهنه لقوى الفساد والقوى النافذة في السلطة، تقوم بالتغطية على سياسات الفساد بانتظار الإشارة، والتي تنفي كل الحقوق التي يتم الحديث عنها ان الحكومة صاحبة الولاية، بل تضعها في خانة حكومة لا تحقق تلك المسئولية الوطنية الا عندما “تفتح الإشارة الضوئية”..

مقالات ذات صلة

و اعود الي القضايا الرئيسة و المخالفات التي وقعت فيها الحكومة الأردنية خيث انها لم تنفذ او تلتزم بما جاء في ورشة العمل التي عقدت في الأردن و الخاصة بالقطاعات للإقليم في شرق المتوسط لتشجيع دخول بروتوكول القضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ حيز النفاذ وذلك في شهر مايو/ أيار ٢٠١٧، تحت رعاية وزير الصحة الأردني د. محمود الشياب وزير الصحة اعتباراً من ١/٦/٢٠١٦ وحتى الآن، أي انه في حكومة د. الملقي المطرودة وحكومة د.الرزاز الحالية. وضربت الحائط بقرارات منظمة الصحة العالمية التي هي جرء منها وسمحت بزراعة التبغ و تغاضت عن فساد ناتج من صناعة غير مرخصة و تهرب ضريبي و استسلمت و قدمت حماية للتجارة غير المشروعة.

ورغم أن الأردن ومصر تم اختيارهما من ضمن ١٥ بلدا للمشاركة في مشروع لتحقيق اهداف التنمية المستدامة من خلال، والنهوض بتنفيذ الاتفاقية، الا انها كانت “عونا مطيعا” للفساد في هذا القطاع و لم تلتزم بمشروع ما اطلق عليه
FC2C 2030

وقبل ذلك بسنوات وبعد أن اعتمدت جمعية الصحة العالمية السادسة والخمسون في أيار/ مايو 2003 اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ فُتِح باب التوقيع عليها حتى يوم 29 حزيران/ يونيو 2004. ووقعت 168 دولة على اتفاقية المنظمة الإطارية خلال الفترة المذكورة معربة بذلك عن رغبتها في أن تصبح أطرافاً فيها والأردن “وقعت ” الاتفاقية الا انها بواقعة ” العون المطيع” ظهرت خديعة بعض حكوماتها وانها غير ملتزمة.

ورغم توقيع الأردن علي عدد من اتفاقيات دولية تحذر التبغ و تكافح الدخان الا انها حكومتها “الضعيفة ” و في السر، دون علم الوزراء، و بانكار معرفتهم، عادت لتمنح رخصة لزراعه ١٢٠٠ دونم تبغا في الاغوار، و تسمح بصناعة التبغ دون ترخيص و ادخال ماكينات صناعة الدخان عبر الجمارك و الحدود و تحت انظار الدولة بكل أجهزتها.” نعم بكل أجهزتها” خدمة مطيعة وعونا جديدا لتجار تجارة الموت* و للدخان حسبما وصفتهم الصحف المحلية (* التوصيف منقول) ، من وزارة الصناعة و التجارة الي المالية الي الداخلية و غيرهم، الكل متواطئ بل الأدهى ان وزيرا للمالية اسبق شريكا في تأسيس الشركة و اسمه مسجلا في سجلات الشركات بوزارة الصناعة ، ثم ينسحب منها فلا يحاسب بينما “مطيع عوني ” ينسحب من نفس الشركة فيحاسب.

واقصد ان المعاملة يجب ان تكون بالمثل، الجميع امام القانون سواء، لا فرق بين وزير وغفير، وهنا لا اطالب بان يفرج عن “مطيع” بل ان يتم حجز الوزير “المعين” و معاملته بالمثل، ومحاسبته والتحقيق معه حيث لا احد فوق القانون يا دولة رئيس الوزراء المبجل وخصوصا بعد ان صرحت وزيرة الاعلام الناطق الرسمي ان الحكومة التي تعمل بالإشارات الضوئية قد وصلها ضوء اخضر لمكافحة الفساد و عدم التستر علي احد و القبض عل المتهمين و التحقيق معهم.

وتلك “الإشارة” في حد ذاتها، هي أيضا قضية فساد حكومي حيث ماذا لو لم يصل ” الضوء الأخضر” الذي تحدثت عنه لفضائية المملكة وزيرتكم الموقرة؟، هل بقي الحال على ما هو عليه ضمن الضوء ” احمر”. كثيرا ما أشرنا انه هناك فرق بين الصحفي وبين الناطق الإعلامي ووزير الاعلام، وان الحس السياسي والثقافي والرؤية واختيار الالفاظ والتعابير ودقتها وتوقيتها غاية في الأهمية عوضا عن “النطق باستخدام تقنية الهاتف وإشارات ضخ المعلومات الموحى بها وفصول واحكام الميم الساكنة”.

ونتساءل مجددا اليس نبات الدخان ينقل بعض الأمراض الفيروسية تهدد باقي أفراد العائلة النباتية والتربة،
هل توجد خريطة زراعية في الاردن لزراعة التبغ، وهل تسمح الظروف المناخية ام انها غير الملائمة، ما هو المردود الاقتصادي للدولة المزايا الاقتصادية التي على أساسها منح الترخيص للشركة، ما هي الاراض التي سيتم استقطاعها لزراع التبغ على حساب محاصيل زراعية اخري في الاغوار، كميات المياه وتوافرها، الايدي العاملة الخبيرة والتقنية العالية المطلوبة، المبيدات المستخدمة في زراعة التبغ الا تؤثر على البيئة، وتؤثر على العديد من المحاصيل المجاورة؟
.
وأيضا لماذا قامت الحكومة الأردنية الموقعة على الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة الدخان فى ١٧يوليو ٢٠٠٣ لحماية البيئة وصحة الأفراد بمنح الترخيص والتنصل من توقيعها والتزامها الدولي؟
الا يستحق ذلك التحقيق مع من فعلها؟
.

تشير الوثائق التاريخية إلى أن التبغ عرف في فلسطين في عهد الدولة العثمانية، زمن السلطان أحمد الأول عام ١٦٠٣م، وحظر السلطان مراد الرابع تدخينه في مدينة القدس في عام ١٩٣٣م، فيما دخلت زراعة التبغ إلى فلسطين من لبنان في القرن التاسع عشر إلى صفد وترشيحا، حيث فرضت الدولة العثمانية ضريبة على زراعة التبغ مقدارها ٢٥% من المحصول، تقدر عيناً، ويجوز دفعها نقداً.

مطلوب للوثائق الحديثة معرفة في عهد من حدث كل ذلك؟ ومن الذي شكل قائمة المتهمين من سائقين وعاملين ومزارعين وطفلا واستثني من هم وراء الحدث الذي تعرفهم وسائل التواصل كما تعرفهم حكومتك التي – عفوا – لا تجرؤ على الاقتراب منهم لان الإشارة حمراء فقامت بالحبوة السياسية الاولي نحو اخرين.

اذا وقع الاختيار علي “ع” و ارتبط ب “م” الحرف الذي يليه “بست” متهما رئيسا، فالأولي أيضا التحقق و التحقيق مع ” ع” و الحرف الذي يسبقه باثنين و يرتبط “بست” متواليات عددية، الشعب يعي تماما و يعرف الحقيقة فلا داع للعبة الكلمات المتقاطعة السياسية في لحظة تساقط الدومينو.

طريقك خضراء انشا الله دولة الرئيس قبل ان تغلق الاشارة.

aftoukan@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أصبت كبد الحقيقة، بارك الله بك و أخذ بيدك نحو العدل و اجتثاث كل مواقع الفساد و الخيانة.

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى