أوباما : لسنا في حرب / خالد عياصرة

أوباما : لسنا في حرب
قبل أيام ألقى الرئيس الاميركي باراك اوباما خطاب ” حالة الأمة ” وهو خطاب سنوي يتحدث به الرئيس أمام الكونغرس عن حالة الامة, والأعمال والسياسات التي قامت بها ادارته, خلال العام, الخطاب هو الأخير له قبل أن يترك كرسيه للقادم الجديد.
الخطاب يعد الأجمل من بين خطابات الرؤساء الاميركان منذ ثلاثة عقود الماضية, من حيث لغة, والمحتوى, والقدرة الخطابية الملفتة على جذب انتباه المتابع, بل قل على التأثير فيه.
ركز الخطاب على الشأن الداخلي الاميركي. ومر مرور الكرام على السياسة الخارجية, التي رسمت منذ اليوم لجلوسه على كرسي الرئاسة, ولم تتغير مع اشتعال النزاع في مناطق عديدة من العالم.
إلا أن المحللين في الشرق الاوسط يصرون, على تحميل الخطاب ما لا يحتمل.
فمرور اوباما السريع على الملفات التي يعتبرونها اساسية, ولا تعتبر من جانب الادارة الاميركية كذلك, أشعل نيران الانتقاد ضده, على عتبار أن أوباما واميركا من خلفه تتهرب من واجباتها اتجاه المنطقة.
كما ان الخطاب لم يأت بجديد, ولم يخرج عن دائرة الخطابات السابقة له.
فداعش, والحروب الأهلية في سوريا والعراق وليبيا, وأزمة النظام المصري , وديكتاتورية القادة, لا تشكل لاميركا قضايا مركزية. تجبرها على تعطل مشاريعها الداخلية, من أجل حلحلتها.
فالعالم ليس محصورا بمنطقة دون غيرها, وثمة قضايا أكثر اهمية, تضغط على الداخل الاميركي, وإدارته أهم مما يعتبره البعض طريقا لحرب عالمية ثالثة, وان المتشددون, عنصر أساس في هذه الحرب, التي تراها اميركا وهمية ولا تشكل خطرا على داخلها, فلماذا يركز عليهم اذن؟ ” المتشددون لا يمثلون خطرا وجوديا على اميركا ” يقول الرئيس الاميركي ؟
البعض اعتبر أوباما فاقدا للجراءة ولا يملك حلا, للمنطقة, لذا آثر الهروب والاختباء خلف الملفات الداخلية, وكأن الخطاب بالأصل موجهة للخارج, لا إلى الداخل الاميركي.
وهذا غير صحيح, فاولوية الإدارة الأميركية دوما تركز على الداخل لا على الخارج, وقوة اميركا, تتأتى, من داخلها المحصن, لا من خارجها.
كما لا تؤثر على نظرة اميركا للعالم التي ترسم ملامحها خصوصا ما تعلق بمناطق النزاع , بيد ” CIA”, بالاتفاق مع إدارة البيت الابيض. القائمة على تقوية الدولة انطلاقا من الداخلها لا من خارجها.
كما أن جل خطابات أوباما, تفرد, مساحة للشأن الاقتصادي الذي بدأ يتعافى من ازماته, التي ضربته خلال العقد الماضي, وحدت من تقدمه, الى جانب, اصلاح السياسات الداخلية للبلاد.
دون التركيز على الشأن العسكري, وما يشاع عن ضعف الاقتصاد الأميركي ليس إلا ” خيال سياسي ” سيما وأن الإدارة الأمريكية الحالية وحتى القادمة, ستعتمد استراتجية تنويع مصادر القوة الاقتصادية, خصوصا ما له علاقة بالطاقة النظيفة, والاستثمار فيها , وعدم الركون على النفط وتقلباته, كضرورة, لضمان, تفوقها, سيما وأن اميركا, ليست في حرب, وتعيش اليوم في ظل اقتصاد تراه, الإدارة قويا, وقادرا على الاستمرار, ما ينعكس على داخل الأمريكي.
المؤسف, أن البعض اعتبر عدم تركيز الرئيس, على المنطقة , دليل انسحاب منها , لكن الحقيقة تقول غير ذلك, فالمتصارعين, في المنطقة, يخدمون, الرؤية الامريكية, دون, الحاجة, إلى بذل المزيد من الجهود والخطابات والجنود !, و الرؤيا الأميركية للعالم, تعتمد على اجهزة, الاستخبارات تقررها,و تحدد ملامحها, لا أنظمة المنطقة و ساستها, أو كتائب المحللين, التابعين لهم.
كما ان ورقة الحرب على الإرهاب التي تلوح بها الانظمة, ليست ورقة ضاغطة على الإدارة الأميركية. فهي ورقة وهمية, تم تضخيمها,من قبل الانظمة, للإبقاء على سطوتها, وديكتاتوريتها, وسيطرتها, على شعوب وموارد المنطقة.
فوق هذا يمكن اعتبار الخطاب رسالة الحزب الديمقراطي للداخل الاميركي, يظهر لك طبيعة السياسة الأميركية القادمة, أي ان سياسة أوباما ومشاريعه, سيستمر, بها الرئيس الأمريكي القادم, من خلال التمهيد لتقديم هيلاري كلينتون, المرشح الاقرب للفوز ببطاقة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية, وهو حقيقية ما يرعب خصومه في الحزب الجمهوري الذي انتقد الخطاب ومحتواه, لكونه لا يعبر عن حقيقية اميركا وقوتها.
أوباما حاول تبريد الداخل الأمريكي بعد توالي تصريحات مرشحو الحزب الجمهوري خصوصا دونالد ترامب, العنصرية لطمأنة المواطنين, مطالبا اياهم الأمريكي ب ” عدم التخوف من المستقبل” يمثل رمنا, اساسيا من مكونات المجتمع.
اخيرا : أوباما تحدث إلى الشعب الأمريكي لا إلى ساسته, عن أمريكا لا عن خارجها, تحدث عن الاقتصاد لا عن الحرب, عن السلام, لا عن الارهاب, للشعوب, لا الى الانظمة, وقد نجح في ذلك.
كاتب اردني
Kayasrh@gmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى