مبادرة السلام العربية وقمة الجزائر

#مبادرة_السلام_العربية و #قمة_الجزائر
#فؤاد_البطاينة
ذُكر عن مندوب الجزائر لدى الجامعة العربية أن مبادرة السلام العربية ستكون على جدول أعمال القمة العربية. وهي بالمختصر التي اعتمدها العرب في قمة بيروت عام 2002 وتقوم على انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة لعام 1967 بما فيه الجولان، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك مقابل اتفاقيات سلام وعلاقات طبيعية مع اسرائيل. وبالمناسبة تتذرع هذه المبادرة نصاً بالعجز العسكري وتسقط كل الخيارات البديلة وتقفز للإستسلام، وتتجاوز الإعتراف العربي باسرائيل واحتلالها الأول، إلى الإعتراف باحتلالها للأراضي التي كانت تتبع الدولة الفلسطينية بموجب خطة قرار التقسيم.
رفضت اسرائيل المبادرة مباشرة ولم تبذل الرباعية الدولية أية ضغوطات لدعمها رغم تبجحها بتأييد ودعم حل الدولتين. وكان من المنطق السياسي المفترض أن يسحب العرب مبادرتهم عندما رفضتها اسرائيل، وأن يبنوا على ما ينطوي على هذا الرفض من نوايا اسرائيلية تتجاوز المنجزات الاحتلالية في فلسطين، وأن يقوموا بوضع استراتيجية ضغوطات عربية جماعية سياسياً واقتصاديا على الكيان، وأن تراجع مصر والأردن موقفهما من معاهدتي السلام اللتين ابرمتا حسب النص في اطار حل شامل للقضية الفلسطينية، وكذا كان على سلطة أوسلو أن تتنبه وتفعل، باعتبار المبادرة العربية تضمنت ما هو متقدم على إعلان المبادئ. وأيضا مراجعة ما تحقق لإسرائيل على صعيد الأمم المتحدة من إلغاء لقرارات تاريخية إثر عملية مدريد.
إلّا أن ما فعله حكام العرب بدلاً من ذلك هو أن قاموا بإهداء إسرائيل بالمجان كل ما التزموا به بمبادرتهم رغم رفض اسرائيل لها. بل زادوا على التطبيع تعاونهم وتحالفهم والطعن بالقضية الفلسطينية وحقوق الفلسطينيين ومقاومتهم، وكان في هذا موقف سياسي متطور ومؤلم غير معلن اتجاه القضية الفلسطينية، ورسالة مفتوحة فهمتها إسرائيل وأمعنت في احتلالها وطغيانها ولم تفهمها الشعوب العربية. واليوم بلا ورع أو خجل بل وفي استحمار مفضوح لشعوبنا يضعون تلك المبادرة ذاتها على جدول أعمالهم. صدق من قال ( الذين يستحون ماتوا ).
الحديث عن الحلول السلمية ومبادراتها بعد المرحلة التي قطعتها أنظمة الجامعة العربية مع اسرائيل مدعاة للسخرية، فكلها أصبحت خلفهم وربما ما كانت لتطرح لولا رغبة الجزائر كدولة مستضيفة للمؤتمر. فماذا لديهم من جديد أو قيمة مضافة تضفي عليهم من المصداقية، وبأي وجه يقابلون به اسرائيل بعد ما قدموا لها كل ما لديهم. لا شك بأن أي طرح لهم جديد لن يندرج إلا تحت بند التسول والتوسل، والأوطان لا تُسترد بهذا.فالجزائر تستضيف مؤتمر المطبعين والملتزمين بمعاهداتهم واتفاقياتهم مع الكيان المحتل،في حين أن قبول اسرائيل للتسويات السياسية لا يمكن إلّا بالضغوطات عليها وتهديد احتلالها وهذا يحتاج لثورة على نهوجهم السياسية الخيانية أولاً . فلا يقابل الإحتلال إلّا المقاومة.
القمم العربية وجامعتها انتهت إلى تراجع قضيتنا وفشل أقطارنا على المسرح الدولي ولم يعد لمنشئيها ومستخدميها حاجة لها. ويكفي دلالة أن الذين يُحضّرون لقمة اليوم يبحثون عن بنود تستحق قمة عربية أو عن مسألة يلتقي العرب عليها أو يستطيعون فعل شيء إزاءها فلا يجدون، وذلك بعد أن فتكت أنظمتهم بالقضية الفلسطينية وأصبحت بلا وزن أو اعتبار وحكامها من سقط البشرية وحثالتها . لكن الشعب الفلسطيني أصبح اليوم أكثر وعياً للحالة العربية ودورها السلبي في القضية، ويأخذ اليوم زمام المبادرة على الأرض الفلسطينية التي بإذن الله وإرادة الإيمان ستصنع اختراقاً للحالتين الدولية والعربية، وتشكل الرقم الصحيح في وحدة شعبنا الفلسطيني ومقاومته
الوضع العربي في أسوأ حالاته السياسية والقيمية والأخلاقية تاريخياً. والوضع الإسلامي لا يبتعد كثيراً، فبالأمس سمعنا كلاماً والله عجباً من وزير الدفاع التركي وهو يصرح بأن تركيا تجمعها مع اسرائيل قيم وروابط. ولا نعرف أية قيم تجمع اليهود الصهاينة وغير الصهاينة بالمسلمين، وأية روابط تجمع دولة تدعي الإسلام والإنعتاق من طوق الصهيونية ورجال الدونمة مع كيان يحتل فلسطين الأقصى والمقدسات. لا بديل عن اختراق للحالة العربية أولاً. وهذا ما ستصنعه المقاومة.
وبهذا أقول، لو صحت النوايا وتوفرت إرادة التحدي وبقيت هناك أنظمة عربية تشعر بمركزية القضية الفلسطينية وتشعر بالخطر الصهيوني وتتطلع لمواجهته وليس للاستسلام، فعليها أن تتنادى لتكتل عربي مواجه، يُنشئ جامعته العربية ويحتضن القضية الفلسطينية والمقاومين ويساعد في بناء مقاومة فلسطينية تحريرية واحدة ويقدم لها الدعم بأشكاله. وهذا التكتل سيكون أكبر حام لها وحافز للشعوب العربية والإسلامية والحرة كي تتفعل.
كاتب وباحث عربي اردني

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى