فلسفة الإقتصاد الإسلامي / د. هاشم غرايبه

فلسفة الإقتصاد الإسلامي

يقول د. زهير الأعرجي في كتابه” العدالة الإجتماعية وضوابط توزيع الثروة في الإسلام”، إن ما يميز النظام الإسلامي هو اعتباره أن الرابطة الانسانية هي الحبل الذي يربط الافراد ضمن نظام عادل يضمن لكل منهم قدراً معقولاً من الحقوق والعدالة والمساواة ، بغض النظر عن عقائدهم واجناسهم واصولهم العرقية.
ولو استعرضنا المبادئ التي قامت عليها الأنظمة الإقتصادية التي ابتدعها البشر، سنجد التالي:
مبدأ المدرسة الماركسية يرتكز على حتمية الصراع الاجتماعي للمحافظة على ديناميكية المجتمع الانساني، باعتبار ان توفر الخيرات بشكل يفيض عن حاجة المجتمع، سيؤدي حتماً الى التنافس والصراع الاجتماعي، ولما كان المجتمع يتطور بصورة دائمية فان انعدام العدالة سيتناسب مع حجم الثروة التي سينتجها المجتمع.
وجاءت نظرية (ماكس وبر) بفكرة نقيضة بالقول بان فكرة نشوء الطبقات الاجتماعية لا تحصل نتيجة الصراع الطبقي، بل تحصل نتيجة تداخل عوامل ثلاثة وهي: العامل الاقتصادي (الثروة)، والثاني: العامل السياسي (القوة)، والثالث: العامل الاجتماعي (المنزلة الاجتماعية).
أما المدرسة التوفيقية التي اتبعها النظام الرأسمالي فتقول: إنه اذا اريد للمجتمع الانساني التكامل من حيث العمل والانتاج والابداع، فما على افراده الا القيام بادوار مختلفة لخدمة النظام الاجتماعي، على اساس المهارة الشخصية والابداع، ولما كانت هذه الادوار تتطلب جهوداً متفاوتة، جسدياً وفكرياً وتضحيةً في الوقت والطاقة البشرية، فالمفترض عقلياً ان الذي يقوم بهذه الادوار يكافأ مكافأة مالية، تغريه بالانخراط بذلك العمل، وتشجعه على القيام بذلك الدور.
بينما ترتكز النظرة الإسلامية على المبادئ التالية:
اولاً : التأكيد على كرامة الفرد الانساني، فلا يجوز للآخرين تجويعه وسلب كرامته الانسانية، بل ان البشرية مسؤولة ـ على المستويين الفردي والجماعي ـ عن اشباع حاجاته الاساسية من الطعام والشراب واللباس والسكن والعناية الطبية والحماية.
فالرابطة الانسانية التي تشد الانسان باخيه، والشعور المشترك بين افرادها في التعاون على اساس الاصل بانهم من جنس واحد، يعتبران اللبنة الاساسية في بناء النظام الاجتماعي الذي يُقرّه الاسلام.
ثانياً : المجتمع عبارة عن وحدات هي الأسر، وليست أفرادا، والإقتصاد الأسري تكافلي تضامني ابتداء، ثم تتوسع التكافلية عموديا في الأصول والفروع، وأفقيا في الأقارب والجيرة، ثم ترتقي لتشكل المجتمع الإنساني .
ثالثاً : ان النظام الاجتماعي مكلّف بايجاد عمل لكل فرد، مهما كانت عقيدته التي يؤمن بها، حتى يستطيع اعالة نفسه والقاصرين من افراد عائلته.
ولاجل تضييق الفوارق الطبقية وايجاد نظام عادل بين الافراد، فانه لا بد من معالجة مشكلة سوء توزيع الثروة عن طريق جعل حصة ثابتة للفقراء في اموال الاغنياء، في التكليف الوجوبي والاستحبابي، وربط تكليف تسديد الحقوق الشرعية للمستحقين بالعبادة الواجبة وبالعمل الصالح.
أما الحقوق الشرعية المفترض دفعها من قبل الاغنياء لسد احتياجات الفقراء، فهي تأتي من عدة أبواب منها: الزكاة الواجبة ،والصدقات المستحبة، وصدقة الفطر، والأضاحي، والعقائق، والكفارات، والنذور، والوصايا والوقف.
هكذا نكتشف الفارق الجوهري بين مبادئ الإقتصاد الإسلامي ومبادئ الإقتصادات البشرية ونلخصها بما يلي:
1 – الهدف تحقيق كفاية البشر جميعا لذا فهو اجتماعي تكافلي، فيما تعتمد الإقتصادات البشرية على التنافس واقتناص الفرص وتوزع الثروات بحسب المهارات (المعرفة) والقدرات(القوة).
2 – في النظام الإسلامي المال مال الله يستخلف فيه البشر فيديره الأكفاء لمصلحة الجميع، وتلبية احتياجاتهم، أما في الأنظمة البشرية فتعتبر المال سلعة خاضعة للتنافس الحر، لا يحوزها إلا الأمهر والأقوى، فتستخدم لتكديس الثروات وزيادة القوة والنفوذ.
من أجل ذلك نجد أن الإسلام وقوى البغي والإستكبار في حالة عداء أبد الدهر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى