أبو نوار : وصول ذيب للأوسكار كان حلما وتحقق

حين نال المخرج الأردني ناجي أبو نوار عن فيلمه “ذيب” جائزة أفضل مخرج في مسابقة اوريزنتي في مهرجان فينسيا السينمائي العام الماضي، قال في تصريح “كان حلما وتحقق”، لكن الحلم اليوم بات أكبر ببلوغ “ذيب” قائمة الأفلام التسعة في التصفية ما قبل النهائية لترشيحات الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي.
الإعلان عن هذه النتائج أول من أمس، كان بمثابة مفاجاة لأبو نوار الذي لفت في تصريح إلى “الغد”، إلى أنه عرف ذلك عند الثالثة صباحا بعد رنات هاتفه النقال التي لم تتوقف مكالمات ومسجات وايميلات، ما دفعه للاستيقاظ على حلم جميل جدا وواقع أجمل تمثل في هذه التسمية.
ويملك “ذيب” الذي كتب السيناريو له باسل غندور، فرصة كبيرة ربما في بلوغ المرحلة النهائية، لأنه الفيلم الوحيد المرشح من قارة آسيا؛ حيث ينافس إلى جانب فيلم من فرنسا والدنمارك والمجر وكولومبيا، ليتم الإعلان عن الخمسة النهائية في 14 من الشهر المقبل قبل إعلان الفيلم الفائز في حفل الأوسكار بدورته الـ88 في 28 شباط (فبراير) المقبل.
ويلفت ناجي إلى أن هذا الإنجاز لا يرتبط به وبطاقم الفريق وحسب، بل هو سابقة في تاريخ الأردن ككل أن يصل فيلم أردني إلى هذه المرحلة، وهذا اعتراف بأنه فيلم ذو مستوى عال وقادر على منافسة أفلام بتوقيع مخرجين كبار، أي أنه صنع بمحبة وجد كبيرين وشغف لا يقل عن كل ما بذل فيه من جهد.
وينوه إلى أن صناعة الأفلام الأردنية قادرة على صنع وتقديم أعمال ذات مستوى تنافس عالميا، ما يبني ثقة لدى المستثمرين وصناع الأفلام ويعزز ثقتهم بتقديم إنجازات طموحة مميزة.
ويؤكد أبو نوار أن الحلم الذي رافقه وطاقم الفريق الذي ما يزال مرتبطا مع بعضه بعضا بعلاقة لم تنتهِ بانتهاء التصوير وعرض الفيلم في جولات عالمية نال فيها جوائز عدة، هو عنصر النجاح الأساسي.
وتدور أحداث الفيلم بين سحر الصحراء الأردنية ووادي رم، ليأتي “ذيب” لينقش نضوجه في رحلة ملحمية بين صراع البقاء وترجمة دروس الحياة بالفطرة، ويلتقط العلاقة بين المكان والأفراد والقدرة على التكيف في حقبة تعود لما قبل الحرب العالمية الأولى والثورة العربية الكبرى في 1916 وإنشاء الخط الحجازي الحديدي والتغيرات التي طالت تلك المنطقة.
والتوحد بين الأبطال بعفويتهم ولهجتهم البدوية الخاصة، التي ترجمت للعربية الفصحى على الشاشة نظرا لخصوصيتها وصعوبة فهمها، لون الفيلم بأصالته أكثر فأكثر وجعله مزيجا من رحلة سحرية لا تخلو من المعاناة. تلك التعابير التي يحملها ذيب في وجهه قالت كل شيء؛ ألمه ولهفته وقوته التي اكتسبها من محيطه ومن شقيقه حسين وظفها في البقاء على قيد الحياة بعد تعرض حسين للقتل بالقرب من البئر.
فيما المكان والزمان والحقبة رسمت بشاعرية من خلال التصوير والمشاهد الخلابة التي تعكس جمالية الموقع من جهة والخصوصية التي يحتلها الأردن كموقع لتصوير الأفلام كونه أول موقع عربي صور فيه فيلم، وهو فيلم “لورنس العرب”.
فيما العفوية بدت واضحة جدا في أداء الممثلين رغم أنهم يقفون لأول مرة أمام الكاميرا، لكنهم خضعوا لورش تدريبية استمرت 8 أشهر، ولكن خصوصيتهم تنبع من كونهم من البدو وقادرين على العيش في الصحراء وركوب الإبل، ويعرفون طبيعة المكان وتألفهم معه، فضلا عن اللهجة البدوية التي لها سرها الخاص.
من جهتها، قالت المنتجة المنفذة في فيلم “ذيب” نادين طوقان، إن تسمية الفيلم في فئة الأفلام الأجنبية التي تتنافس في الأوسكار تعد اعترافا دوليا بأهميته، وهو تأييد مهم يلقي الضوء على الزخم المستمر للجهود المبذولة في صناعة الأفلام والمخاطرة التي قادها صناع وطاقم فيلم “ذيب”.
وتضيف طوقان “أن مثل هذا الإنجاز يدعم حركة السينما النشطة في بلدنا التي لا يزيد عمرها على 12 عاما بقليل، كما ويؤثر بشكل ايجابي على جيل صناعة السينما الناشئ في المنطقة، الذين يعيدون تقديم السينما العربية لجمهور متعطش للقصص الجيدة على الشاشة الكبيرة”، لافتة إلى كونها جزءا من عملية إنتاج أعمال عديدة خارج الأردن لسنوات عدة مضت.
وتؤكد أن ثمة عنصرين مهمين لتقديم عمل بجودة ممتازة وقيمة وهما؛ الأصالة والتحدي الشخصي بمواجهة التميز والتفرد لتقديم الأفضل بأقصى حد.
وطاقم الفيلم يضم في الإنتاج ناصر قلعجي وليث المجالي؛ أما أبطال الفيلم فهم؛ جاسر عيد، حسن مطلق، حسين سلامة، مرجي عودة، جاك فوكس، فيما كتب السيناريو ناجي أبو نوار وباسل غندور، ومونتاج روبرت لويد، تسجيل الصوت فلاح حنون، تصميم الصوت داريو سويد، الموسيقى جيري لاين، تصميم الديكور أنا لافيل، تصميم الملابس جميلة علاء الدين، الشعر والمكياج سليمان تادرس، مساعد المنتج ينال قصاي عيد الصوالحين ومعن عودة.
ونال الفيلم دعما مهما بأشكال عدة من الهيئة الملكية للأفلام وصندوق الملك عبد الله الثاني للتنمية، إلى جانب الدعم الذي ناله الفيلم من “صندوق سند” في أبو ظبي، و”مؤسسة الدوحة للأفلام”، وصندوق “فيجونز سود إيست” السويسري. والشركاء المحليين مثل مياه الترا وJHRC وزين وأرامكس ولومينوس ميديا وMAC.
ومن هنا، فإن بلوغ “ذيب” هذه المرحلة، هو ليس مجرد إنجاز ونجاح، بل دليل على قوة الحلم والعمل بروح الفريق لتقديم مستقبل صناعة السينما الأردنية التي حتى اليوم بلغت العالمية، وبانتظار القائمة النهائية يبقى الحلم مستمرا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى