أبو البرايز

أبو #البرايز
سهير جرادات
دعوني أحدثكم عن زميل في #الدراسة تزاملنا في مرحلة ” #الروضة ” المعروفة صفوفها ب ( البستان والتمهيدي )، وهي التسمية الدارجة قبل ان تتحول الى اللغة الإنجليزية وتعرف ب (كي جي 1 وكي جي 2)- ( kg1 kg2)، وتعني أول مراحل #رياض_الأطفال ، والتي يكتسب فيها الأطفال مهارات الاختلاط والتفاعل مع الآخرين قبل دخولهم #المدرسة .
مدرستنا ( خاصة ) وكانت تسمح بالاختلاط ( ذكورا واناثا) من الروضة لغاية الصحف الرابع الابتدائي ، تُحَرِّمُه بعد ذلك ، وزميلنا هذا كانت تظهر عليه علامات (الانطوائية )، حيث كان يتخذ مكانا ( متطرفا ) خلال فترة الاستراحة المعروفة باسم ( الفرصة) ليتناول ( سندويشته) بهدوء ، وكان لا يشارك #الطلاب اللعب، ولا يتبادل معهم الاحاديث والكلام، ورغم انه كان أطول طالب بالصف و( شاطر) بدروسه ، إلا انه كان ( منطويا ) على نفسه ، ويخاف على ( اغراضه ) كثيرا .
وفي احد الأيام ، ( دعس ) احد طلاب الصف على طرف ( شنطة ) هذا ( الانطوائي ) ، ولا ندري هل كانت الحادثة مقصودة ؟ أم عن غير قصد ؟ لانه كان يحرص على ان يعرضها بالطريق ، او أنها محاولة لاستفزازه ، وكل مانحن متأكدون منه أنه ثارت ثائرته وجن جنونه وبدأ بالصراخ والشتم ، وذهب مسرعا مشتكيا للإدارة ، وفي اليوم التالي احضر والده لاستكمال (الطوشة ) مع #إدارة_المدرسة .
لتنتهي المباحثات التي جرت بين اسرة الطالب وإدارة المدرسة ، بحضور( #معلم ) الصف بأن طالبت أسرة الطالب (بتعويض ) مالي كبير بدل ثمن ( الشطنة ) التي ( مسها ) زميلنا ولم ( ينتهكها ) .
لتبدأ بعدها المشاورات بيننا نحن الطلبة ، حيث ان زميلنا ( الداعس ) على الشنطة من الصعب عليه جمع مبلغ ( التعويض ) ، لذا ورغم صغر سننا وقلة مصروفنا اليومي ، قررنا نحن طلاب الشعبة جمع هذا المبلغ باقتطاعه من المصروف اليومي ، وقررنا ان نجمعه ( برايز ) أي قيمتها عشرة قروش ، وبعد ان تم جمع كامل المبلغ ، وقررنا ان ( نفك ) المبلغ الى العملة المعدنية ( شلونه ) أي خمسة قروش لنضعها في أكياس النايلون التي كانت مخصصة لوضع السندويشات، وبذلك سنرضي غرور هذا الطالب ( الانطوائي) ، عندما يدخل في نهاية الدوام على اسرته ويداه تحملان أكياس ( الشلونه ).
وخوفا من ان يفهم خطأ لقب ( اخو الشلن ) الذي سيصاحب زميلنا ، كونه تعبيرا يحمل المدح والشتيمة ، لذا اتخذ ( طلاب الشعبة ) قرارا بفك المبلغ ( الشلونه ) الى ( التعاريف ) ، والتي تعرف بنصف قرش ، أي خمسة فلسات ، ومن يوم ما حمل صديقنا ( المداس على شنطته) الأكياس المليئة ب( التعاريف ) البرونزية اللون، لذا اصبح اسمه المتعارف عليه في المدرسة ( أبو البرايز ) ، ومنا من كان يطلق عليه ( أخو التعريفة ) وبعضهم أصر على ان يناديه ب ( اخو الشلن ).
ظننا نحن الأطفال بأن الامر قد انتهى ، الا ان مديرة المدرسة وهي زوجة ( المعلم ) قررت بالاتفاق مع معاونتها ( مساعدة المديرة ) التي تعرف في المدرسة ب (ضابط الإيقاع ) ان تتخلى عن الطالب طويل القامة ( الانطوائي ) بعد ان تمت ( تعريته ) امام جميع طلاب المدرسة ، وليس طلاب الروضة او أولاد الصف فقط ، وبذلك تم التخلص منه وطرده من المدرسة نهائيا ..
وبعد سنوات ، اكتشفنا ان هذا الزميل ( الانطوائي ) حصل على تقرير طبي يثبت عدم لياقته الصحية وذلك لإعفائه من ( واجب ) اداء تمارين اللياقة البدنية ، وفي الوقت ذاته برزت لديه هواية تعلم قيادة الطائرات الخاصة التي تساعده على التحليق عاليا ..لكن الى أين : لا ندري!!
Jaradat63@yahoo.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى