توضيح الموضح

#توضيح_الموضح

د. #هاشم_غرايبه

في المجابهة الأخيرة بين الأمة وأعدائها، والتي خاض غمارها المجاهدون الغزيون نيابة عن الأمة، وحيدين بلا ناصر أو معين من الجحافل الجرارة التي تحتفظ بها الأنظمة الحاكمة لديار المسلمين لحمايتها من شعوبها، ومن غير داعم من أموال السحت التي تزخر بها خزائنها، فلا تنفق منها في الجهاد في سبيل الله، بل في الصد عن سبيله، وتمويل الحملات العسكرية التي يشنها أعداؤه على المسلمين كل بضع سنين.
في هذه المرة تضاعف حنق الأمة على المنافقين من بيننا الموالين للغرب، أكثر من الأعداء الحاقدين ذاتهم، إذ تبدى بشكل واضح كم أراد الله تعالى أن يكشفهم ويزيل السواتر الرقيقة عن وجوههم الكالحة.
طوال الخمسين يوما الماضية، ران عليهم صمت المقبورين، حيث كانوا يخشون أن تكون كل صيحة عليهم، ويعلمون أن أقصى ما تسمح لهم سيدتهم (أمريكا) التي يؤمنون بها من دون الله، هو الصمت، ومن أراد التقرب منها عليه إدانة أفعال المجاهدين ووصم بطولاتهم بالإرهاب.
هكذا لم يعد بإمكان الأنظمة العربية خداع شعوبها أكثر مما خدعتهم به الى الآن، والقول أنهم بموالاتهم العدو إنما يريدون بالأمة خيرا، فقد تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، وأصبح التقييم لبيان المنافق منهم من الصادق ساطعا، فكانوا على درجات:
1 – للأمانة التاريخية فقد انفرد الموقف الأردني الرسمي بفارق بيّن عن باقي الأنظمة، ومع ذلك فلم يصل الى الحد الأدنى وهو تأييد المجاهدين الصريح ولو بأضعف الإيمان، بل لم تصل للمطالبة حتى بوقف العدوان، فجلُّ المطالبة كانت بهدنة لإتاحة الفرصة لإيصال المساعدات (الإنسانية!)، وكأن ما يتعرض له المدنيون كارثة حدثت قضاء وقدرا.
2 – أغلب الأنظمة كانت تتوقع هزيمة سريعة للمقاومين، فصدعت بتعليمات أمريكا بالتزام الصمت، فتعاملت مع الحدث بحيادية مطلقة، وكأن الحدث يجري في قارة أخرى.
3 – بضعة أنظمة هي من سقطت منذ البداية في مستنقع النفاق، فكشفت عن أنها ليست حتى محايدة، بل متحيزة للعدو، فلم تسعفها مقولتها المعتادة (صواريخ عبثية.. ومغامرة غير محسوبة).
هي معروفة أصلا بالنفاق، وإن كانت تخفي ذلك بل وتدّعي أنها حامية للإسلام، لكن ما كشف نواياها الحقيقية هو تاريخها المعروف بعدائها للدعاة للحكم بمنهج الله وبطشها بهم، وتمثل ذلك تطبيقيا بولائها للكيان اللقيط، بل ومحالفته عليهم، متمثلا بتصنيف المقاومة الفلسطينية المسلحة ارهابا، لتبرر محاصرتها علانية، وقمع من يدعمها أو يناصرها، وبصورة أشد مما يقوم به العدو ذاته.
هذه الأنظمة معروفة من غير ذكر أسمائها، إذ أنها أكثر من خشيت انتصار المجاهدين، لذا طالبت ولية أمرها (أمريكا) بعدم التوقف عن العدوان الى حين القضاء نهائيا عليهم، لأنها تخشى على وجودها، فلن تسكت شعوبها على خيانتها للأمة.
هؤلاء المصطفون في خندق الأعداء، كانوا هم الخاسر الأكبر في ملحمة الطوفان البطولية.
وهم ليسوا مفاجئين للأمة، فهم موجودون عبر كل العصور، متسترين بشعارات حب الوطن والعقيدة، فلا ينكشفون إلا عند الملمات، لكنهم بعون الله يندحرون دوما.
المفاجأة دوما في أعوان الأنظمة ومؤيديها، قد يكون مفهوما أن يكون هؤلاء من (اليساريين) المعادين للإسلام فكريا، ممن يلبسون مسوح الوطنية والتقدمية، فعداء هؤلاء قد يكون مناكفة حمقاء بمنافسيهم (الإخوان المسلمين)، واعتقادهم بأن الكيد بالإسلام وحصاره يضعفهم، لكن الأخطر من هؤلاء هم أولئك الذين يتلبسون بالتدين ويحتكرون الافتاء، تكسبا وتزلفا للسلطة الحاكمة، فيزوّرون الشرع لتسويغ افعالهم الدنيئة.
من ذلك أقوالهم: أن الجهاد لا يصح إلا بأمر ولي الأمر، وأن الشرع يوجب على الرعية الطاعة له بلا نقاش، ولا يجوز مساءلته ولوعصى الشرع، فما يراه ولي الأمر فيه مصلحة هو الصواب، بغض النظر عن مخالفته للنصوص الشرعية الصريحة.
فإن كانت التغطية على أفعال بعض الأنظمة العربية المعادية للعقيدة وللمتمسكين بها، من بعض من يسمون أنفسهم بالتقدميين، أضرت بهم فأسقطتهم جماهيريا، إلا أنها لم تنفع تلك الأنظمة كثيرا.
أما التغطية على أفعالهم تحت ستار الدين فهي الأخطر، فهي التي وفرت غطاء لتلك الأنظمة، فأبقتها الى الآن، فأدامت خذلان الأمة.
لكن وقد كشف الطوفان كل العورات..فلا بد أنه سيكون لما بعده أمر مختلف.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى