حكومة النهضة والإنجاز الاقتصادي

سواليف

حكومة النهضة والإنجاز الاقتصادي

د. ماجد العبلي

أغلب الحكومات في العالم العربي تلجأ عادةً للمبالغة في إبراز إنجازات شكلية زائفة، وتسويقها على أنها إنجازات غير مسبوقة، وتدّعي أن المواطنين سيلمسون نتائجها قريبا. وتأخذ الأجهزة الدعائية ترويج هذه الادعاءات لصرف انتباهنا عن مصالحنا الحقيقية، حتى يقتلنا الملل.

وفي الأردن، ومنذ تسلم الدكتور عمر الرزاز مقاليد الحكم في الخامس من حزيران 2018، فقد تبنى خطابا إنشائيا جميلا، علق عليه الأردنيون آمالا كبارا، لاسيما بعد سقوط حكومة هاني الملقي بحراك شعبي من ناحية، وكتاب تكليف سامٍ غاية في الإيجابة من ناحية ثانية. ولكن الخطاب الإنشائي لا يسمن ولا يغني من جوع، إذا لم يُترجم عمليا كإنجازات حقيقية لتحسين الواقع المعيشي للناس.

وبما أن القيادة الأردنية تتبنى- منذ عقدين- المدخل الاقتصادي طريقا وحيدا للنهوض الوطني، فقد قررتُ تفحص حقيقة الإنجاز الاقتصادي لحكومة الدكتور عمر الرزاز، من خلال تتبع بعض المؤشرات الاقتصادية، استنادا لـِ (نشرة مالية الحكومة العامة، المجلد (21) العدد (11) كانون أول 2019، باعتبارها أحدث مصدر حكومي منشور حتى تاريخه).

وباعتبار أن رئيس الوزراء تسلم عهدة الحكم منذ منتصف العام 2018، فليس من العدل تحميله مسؤولية الأداء الاقتصادي لهذا العام (2018)، في حين أنه يتحمل بالكامل مسؤولية الأداء الاقتصادي للعام 2019.

لذلك فقد تتبعتُ المؤشرات الاقتصادية المختارة لمدة خمس سنوات (2015-2019)، حيث قمت بتقسيم هذه الفترة الكلية إلى فترتين فرعيتين: الأولى (2015-2018) واعتبرتها بالكامل الفترة السابقة لعهد الرزاز. والثانية (2019) باعتبارها فترة الرزاز التي يتحمل مسؤوليتها بالكامل، علما أن البيانات المتوافرة لا تغطي العام 2019 بالكامل، وإنما الأحد عشر شهرا الأولى فقط (من كانون ثانٍ/يناير -إلى تشرين ثانٍ/ نوفمبر).

وقد اخترت عشوائيا خمسة من المؤشرات الاقتصادية الدالة، وهي: إجمالي الدين العام، والاحتياطات من العملات الأجنبية، والناتج المحلي الإجمالي، ومعدل البطالة، وعدد الشركات المسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة.

أولا: الفترة السابقة لعهد الرزاز (2015-2018):

1- إجمالي الدين العام:

ارتفع الدين العام من ( 24876.8 ) مليون دينار بداية الفترة (2015) بنسبة (92.4) من الناتج المحلي الإجمالي، إلى (28308.2) مليون دينار نهاية الفترة (2018) بنسبة (94.4) من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بمعدل زيادة نصف نقطة مئوية واحدة كل عام.

2– الاحتياطات من العملات الأجنبية:

تناقصت الاحتياطت من العملات الأجنبية من (14153.5) مليون دولار عام 2015، إلى (11523.6) مليون دولار عام 2018، بمقدار (2629.9) مليون دولار وبنسبة انخفاض مقدارها (18.58%).

3– الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي:

ارتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من (27265.4) مليون دينار عام 2015، إلى (28970) مليون دينار عام 2018، بارتفاع مقداره (1704.6) مليون دينار وبنسبة ارتفاع مقدارها (6.28%).

4- معدل البطالة:

ارتفع معدل البطالة من (13.1%) عام 2015 إلى (18.6%) عام 2018، بنسبة ارتفاع مقدارها (5.5%).

5- عدد الشركات المسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة:

انخفض عدد الشركات المسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة من (6337) عام 2015، إلى (5475) عام 2018، بانخفاض مقداره (862) شركة، وبنسبة انخفاض مقدارها (13.6%).

ثانيا: فترة الرزاز (2019):

1- إجمالي الدين العام:

ارتفع  الدين العام من (28308.2 ) مليون دينار نهاية العام 2018 بنسبة (94.4) من الناتج المحلي الإجمالي، إلى ( 30403.8) مليون دينار خلال عام 2019 بنسبة (97.6%) من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك بمعدل (3.2) نقطة مئوية واحدة خلال عام واحد، بزيادة سنوية مقدارها (640)% مقارنة مع معدل الزيادة في الفترة السابقة لعهد الرزاز.

2– الاحتياطات من العملات الأجنبية:

ارتفعت الاحتياطت من العملات الأجنبية من (11523.6) مليون دولار عام 2018، إلى (11720) مليون دولار عام 2019، بزيادة مقدارها (197.1) مليون دولار وبنسبة ارتفاع مقدارها (1.68%).

3– الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي:

انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من (28970) مليون دينار عام 2018، إلى (21918) مليون دينار عام 2019، بانخفاض مقداره (7052) مليون دينار وبنسبة انخفاض مقدارها (32%).

4- معدل البطالة:

ارتفع معدل البطالة من (18.6%) عام 2018 إلى (19.1%) عام 2019، بنسبة ارتفاع مقدارها (0.5%).

5- عدد الشركات المسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة:

انخفض عدد الشركات المسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة من (5475) عام 2018، إلى (3764) عام 2019، بانخفاض مقداره (1711) شركة، وبنسبة انخفاض مقدارها (31.2%).

ويمكن تلخيص كل ذلك في الجدول التالي:

  • جدول المؤشرات الاقصادية للفترة (2005-2019)
    فترة ما قبل الرزاز فترة الرزاز  
المؤشر 2015 2018 النمو% 2019 النمو مقارنة
إجمالي الدين العام (مليون دينار) 24876.8 28301.2 2.0+ 30403.8 3.2+ تراجع كبير
احتياطي العملات الأجنبية (مليون دولار) 14153.5 11523.6 18.59- 11720 1.68+ تحسن طفيف
الناتج المحلي الإجمالي (مليون دينار) 27265.4 28970 6.28+ 21918 32- تراجع حاد
معدل البطالة 13.1 18.6 5.5+ 19.1 0.5+ تراجع
عدد الشركات المسجلة 6337 5475 13.6- 3764 31.2- تراجع حاد

*الجدول من إعداد كاتب المقالة استنادا لنشرة مالية الحكومة المشار إليها.

يلاحظ من هذا الجدول، ومن خلال مقارنة فترة الرزاز (2019) بالسنة السابقة (2018)، أن حكومة الرزاز حققت تحسنا طفيفا في مؤشر واحد (احتياطي العملات الأجنبية) بنسبة (1.68%)، بينما حققت تراجعا في المؤشرات الأربعة الأخرى تراوح بين تراجع طفيف في مؤشر معدل البطالة، وتراجع كبير في مؤشر إجمالي الدين العام، وتراجع حاد في مؤشري: الناتج المحلي الإجمالي، وعدد الشركات المسجلة لدى وزارة الصناعة والتجارة.

وبناء على ذلك فإن حكومة الرزازلم تحقق نهضة في الجانب الاقتصادي، وإنما على العكس تماما، فقد حققت إخفاقا واضحا. وهذا يستدعي السؤال التالي: وهل حققت حكومة الرزاز أيّ نهوض يمكن رصده في المجال السياسي أو المجال الاجتماعي، أوالمجال الثقافي؟…

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى