مشهدان… عربيان المهندس /سمير الحباشنه

المشهد الأول
السلام على فلسطين التي تسكن في مهجنا بعد ان تعذّر .. ان نسكن فيها
كنا نتوق كعرب في مئوية الثورة العربية الكبرى أن نعيش في كنف زمن صنيعة الانجاز لكننا» مع الاسف» نكتوي بنار «فضيحة المجاز»
*****
كيف للقمر أن يضئ بلادا جللّها الحزن، وتلونت بالدم،و بدأ حقد بعضنا على بعض و كأنّه يعيش فينا منذ قرون.. و قرون.. يتحيّن الفرصه للانطلاق ..
كيف للقمر أن يضئ سماء العرب بعد أن حوّلوا تنوّع الأخوة الذي اقرّ به الاسلام الى خلاف أعداء، واستبدلوا حوار الكلمة بحوار البندقيه !؟
خلاف… نسينا بموجبه صراعنا الرئيسي مع محتل الارض و مهجّر الانسان و مزيّف الهوية و قاطع الزيتون، شجرة السلام باعتبارها الشاهد الأخير على وجودنا.
لكننا بموجبه أيضا غلّبنا صراعا ثانويا و هميا داخل الدين الواحد و العرق الواحد بل و الشارع الواحد…فقسّمنا بغداد عاصمة الأمة لألف سنة و يزيد، بجدارات مثل جدار الفصل العنصري الذي بنته اسرائيل !. صراع تكاد الصهيونية في خضمه أن تصبح ايدولوجيه صديقه ! وابناء الجلدة الواحدة خصوم مذاهب وطوائف..كنا لعنّا ملوك الطوائف في الاندلس، لكننا جيل يتمثلهم.. ولكن بأبشع.
*****
«ايدولوجيا … قابلة للصياغة « ؟ … نعم هي ايدولوجيتهم في الغرب،هي لهم حين التقى قادة اوربا في «ويست فاليا» فنفخوا في ايدولوجيتهم روح الحياه والديمومة، مركزها واحد هو الانسان والمواطنه، معيارها الابداع، غلّبوا الكفاءة على العرق و المذهب و الطائفة
فنجحوا، وتحولوا من شتات متباغض متقاتل، الى جسم واحد يعمل بتكافل و تكافئ، فكانت النتيجة .. اوروبا اليوم.. والغرب اليوم.. الحاضرة التي تتوجه لها العيون و تتمثّلها العقول.
*****
أما نحن فقد حوّلنا ايدولوجيا العرب الى فعل قابل للتفكك، كنا منذ فجر الاسلام، امّه واحده ، حضارة عربيه بايقاع سلس ، تماهت به ثقافة ما قبل الاسلام، دارة الندوه، الكرم، المروءة، عبق الصحراء و سمات العربي المسرف اعتدادأ و انفه و انتماء، ، وبآثار سمحة من الاديان التي سبقت الاسلام… سمات ثقافيه عربيه شذبها الاسلام برسالته القيمية التي تعترف بالآخر و تغلّب التسامح و الأخلاق» انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»
هكذا كنا وفق هذه المعادلة المركبة فوصلنا الذروة.. حضارة اتجّهت لها العيون والعقول..
وهانحن اليوم .. نتخلى عن ذلك، و نتبنّى ايدولوجية التفكيك التي تأخذنا نحو التخلف و ربما الإندثار..!
*****
لغات متصارعه ؟.. لا… بل لغة واحدة لكنها متطاحنه، مثل جسم أصيب بالسرطان يقتل بعضه بعضا..
فأمّتنا اليوم مفتوحة على كل الاحتمالات، حروب تولّد حروبا، او تجزئة جديدة، تجعلنا نبكي على التجزئة الراهنة، التي شتمناها و ادنّاها قرن كامل من الزمن، مع اننا في كل يوم كنا نضيف مدماك جديد،فعمّقنا التجزئة وحوّلنا الامة الى أمم، والشعب الواحد الى شعوب، والارض الواحدة الى أراض.. بحدود محصنة حتى الطير يخاف ان يجتازها ! فكانت النتيجه وطن سكنه الموت كبديل للحياه، و سكنه الخراب كبديل للبناء ، وطن تنعق به الغربان، والطيور الجارحة التي تأكل لحم أطفالنا المحترق بقنابلنا.. هو فعلنا .. فعل أيدينا حيث تبنينا الوهم فحولناه الى حقيقية مدمره
*****
يالعيني وطن يئن ألما !، تبكيه اجيال ولا يقدر الوعي و الحس الصادق على انقاذه …!
فضيحة المجاز قصائد محفورة بألم رؤية الدم الزكي البرئ ينسكب في غير مكانه..
قصائد من قلب أدمته الحاله العربيه وانقسام الحاله الفلسطينية، جغرافيتين فلسطينتين، وحكومتين و هميتين تحت الاحتلال.. ياللهول و ياللفضيحه …
و السؤال…هل يخرج العقل العربي من حالة الانفصام والغيبوبة و فقد الذاكرة ، فنتوقف عن السباحة في مياه آسنه ..؟!
جيلنا الحاضر وان بقي على محمله، فقد اقترف فضيحه سوف تتذكرها أجيال و أجيال عربيه قادمه و تلعن الفضيحة و مقترفيها
المشهد الثاني
بعد مرور كل هذه الاعوام على النكبة الفلسطينية، بل … النكبة العربية بقيام اسرائيل، هل يفشل رهان بن غوريون حين قال :
« يموت جيل النكبة فتنتهي القضية»
اليوم نحن أمام جيل فلسطيني ، يحيي ذكر النكبة بزخم، ليس بالبكاء ولا بشتم المسببين
بل بالتشبث بالأرض.. في مواجهة الاستيطان
بالعلم و بالمعرفة في مجابهة تقدمهم و دعم الغرب لهم
ببناء المؤسسات كمقدمة للدولة الفلسطينية في مواجهة انكارهم للحقوق الفلسطينية
بتماسك فلسطيني الداخل.. نموذج لم تقوى عليه العرب
بصمود قل نظيره .. و بعروبه غير ملوثه
و خلاصة …. فاذا كانت نكبة فلسطين هي التي أجّلت مشروع النهوض العربي … فان نهضة العرب المنتظره سوف تهب رياحها من فلسطين.
« من وحي ديوان فضيحة المجاز للشاعر الفلسطيني الشاب عيسى أبو جوده»

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى