قانون «الضريبة» الجديد في الأردن: خيار «دولة» وليس «حكومة» والواجب الأخير لوزارة الملقي

سواليف

زرعت النقابات المهنية الأردنية مساء الأربعاء لغمها السياسي الأول في أحضان ما سمته الحكومة تدشين حوار وطني مع المختصين والمواطنين تحت عنوان «قانون جديد للضريبة».

النقابات المهنية رفعت الغطاء مبكراً عن هذا القانون والذي تم الإعلان اصلاً عن صيغته التشريعية عبر موقف مبكر لها رفضت فيه التشريع الجديد جملة وتفصيلاً وزادت بأن اتهمت الحكومة بأنها تسعى للقضاء على ما تبقى من الطبقة الوسطى وتلاحق الفقراء وأصحاب الدخول المتدنية وتشرع قانونياً للطبقية في المجتمع.

أعلن هذا الموقف من نقابات المهن مسبقاً ومباشرة بعد الانتهاء من انتخابات نقابة المهندسين التي تعتبر أبرز النقابات المهنية.

بمعنى آخر تقول المؤسسة المركزية في الجسم النقابي كلمتها مبكراً ضد مشروع قانون الحكومة الجديد وقبل ذلك رفعت العديد من الأحزاب السياسية الغطاء نفسه عبر بيانات عمومية لم تتطرق للتفاصيل في الوقت الذي يكتنف فيه الغموض حتى الآن موقف مجلس النواب وممثلي الشعب.

في الأثناء عكس النائب خالد رمضان مزاج جزء من المناخ البرلماني بطريقته المسيسة عندما وضع مجلس البرلمان بصورة الرسالة التي وصلته من راصدين مدنيين أبلغوه مع بقية النواب بانهم يجمعون أرشيفاً متكاملاً لكل تعليقات النواب ومواقفهم المبكرة من قانون الضريبة الجديد لمقارنتها بموقهم الحقيقي تحت القبة عند التشريع.

الحكومة كانت قد دشنت حملتها لتسويق صيغة التصعيد الضريبي الجديدة بصورة تجميلية وعلى أساس أن مصلحة المواطن الأردني تتطلب المعادلة الضريبية الجديدة في الوقت الذي يتم فيه تخويف واقلاق الراي العام عبر سلسلة من التحذيرات بعنوان الانكفاء الاقتصادي في حال لم تتخذ الحكومة الإجراء التصحيحي الأخير منها.

مصدر وزاري مقرب من رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي أبلغ «القدس العربي» مباشرة بأن ما يحول دون تغيير الحكومة أصلاً بعد مطالبة الشارع بسقوطها هو واجبها المتمثل بقانون الضريبة الجديد والذي يفترض ان يوضع على جدول أعمال مجلس النواب في دورة استثنائية للبرلمان بعد شهر رمضان المبارك مباشرة.
يعني ذلك أن قانون الضريبة الجديد مثل برنامج الإصلاح الاقتصادي يمثل خيار «دولة» وليس خيار حكومة فقط وبالتالي قد لا تسترخي الفعاليات السياسية ولا تستقر الحكومة بقاءً أو رحيلاً قبل انجاز هذا الاستحقاق التشريعي الذي يثير قبل ولادته عاصفة من الاحتجاج والجدل.

الملامح الأساسية التي ترعب الرأي العام الأردني في القانون المعدل المعلن تتمثل في فرض ضريبة بنسبة 5% على كل مواطن دخله يزيد عن 666 ديناراً وتتصاعد هذه النسبة من الضريبة حتى تصل إلى 25 % حسب دخل الفرد أو العائلة.

الخبراء أثاروا مسبقاً مفارقة الرقم لان الحكومة تعتبر رسمياً العائلة التي يقل دخلها عن نحو 800 دينار تحت خط الفقر مما يعني وخلافا لتصريحات وزير المالية عمر ملحس بأن الغالبية من المواطنين دون خط الفقر الحكومي ستفرض عليهم ضريبة إضافة إلى جملة كبيرة من الضرائب التي يدفعونها جراء تضخم الأسعار بعد رفع ضريبة المبيعات وعلى الجميع بنسبة 16%.

الجديد جداً والمخيف أكثر في هذا القانون هو تلك العقوبات والغرامات التي سيفرضها على المتهربين من الضريبة والتي تصل إلى السجن لعشر سنوات كما صرح الوزير ملحس. والأكثر اثارة للجدل وبالتالي لمخاوف الطبقة الوسطى تحديداً هو ما صرح به ملحس ومدير الضريبة حسام ابو علي حول صياغات قانونية تسمح لدوائر الضريبة بالدخول على ارصدة الأفراد والمؤسسات والشركات البنكية. وهي خطوة يشكك مبكرا بعض الخبراء بدستوريتها ويمكنها ان تنتج المزيد من الجدل خصوصا على وضع مربك في الأوراق والنشاط التجاري والاقتصادي أصلاً على حد تعبير نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق.

الحاج توفيق قدم نصيحته لمسؤولين معنيين بالأمر كما صرح. وفي الأثناء نشر رجال أعمال ومستثمرون تغريدة إلكترونية تسأل عن إنتاجية الاستثمار الحقيقي في ظل حجم العقوبات في حال حصول خطأ ضريبي. وقبله أعلن رئيس مجلس النواب عاطف طراونة جملة نقدية صلبة ضد قانون الضريبة قد لا يستطيع لاحقاً الثبات عندها عندما يصل إلى مرحلة ادارة النقاش التشريعي على نصوص القانون الجديد.

في كل حال يزداد عدد المقربين من الحكومة والسلطة من الذي يحذرون من هذا الاسترسال في التصعيد الضريبي وقد انضم لهم وزير الإعلام الأسبق طاهر العدوان وهو ينتقد الحكومة لأنها تهدد المواطنين بالسجن والغرامة في حال التهرب الضريبي بينما ينبغي ان تشكرهم على اعتبار ان المواطن الأردني قد يكون من أكثر المواطنين في المنطقة دفعا للضرائب.

الفرصة بهذا المعنى متاحة دوما لترقب المزيد من الإثارة على صعيد النقاش الضريبي خصوصا وان الحكومة تبدو جادة في مسعاها ولا يوجد في الشارع او البرلمان قوى حقيقية يمكن ان تعيق مشروع الحكومة في التوسع الحاد في الشرائح الخاضعة للضريبة رغم ان الحكومة تزعم علنا أن نحو 90 % من الأردنيين لن يطالهم قانون الضريبة الجديد.

اللافت في السياق ان هذا التوسع الحكومي يطفو على السطح ضريبياً في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من ضائقة اقتصادية جراء ارتفاع كلفة المعيشة وفي الوقت نفسه الذي ينكمش فيه الاقتصاد وبعد رفع بررته الحكومة بصعوبة للضريبة العامة على المبيعات.
(القدس العربي – بسام البدارين)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى