حكايات صباحية / م. عبدالكريم ابو زنيمه

حكايات صباحية
اعتادت فيفي مع صباح كل يوم أن تسرد لزميلاتها في العمل حكاية رومانسية عن العلاقة الزوجية بينها وبين زوجها فوفو “فؤاد” ، فكانت تدعو زميلاتها يومياً لشرب فنجان قهوة وهناك تبدأ الاحاديث وفيفي لا تفوت الفرصة لتسرد حكاية أو لمسة رومانسية بينها وبين فوفو وغالباً ما كانت تتلقى مكالمةً ما.. تستأذن زميلاتها وتأوي جانباً وتجيب على المكالمة بصوتٍ منخفض مصحوباً بضحكاتها التي غالباً ما تنتهي بعد أن ترفع صوتها لتسمع زميلاتها.. “وبعدين معك يا فوفو ما هلا أبل شوي كنا سوى..صرت مشتائلي حبيبي ! ” استمرت حكايات فيفي الصباحية حتى بالغت وقالت أنَّهما لا يشتريان إلا فرشاة أسنان واحدة يستعملانها سوياً ! وأنَّهما يأكلان حبة شوكلا واحدة بالتناوب شريطة أن تكون هي البادئة لتزيدها حلاوة من لسانها ! هذه الحكايات سببت الغيرة والحسد لدى زميلاتها وأحياناً كانت سبباً لنشوب خلافات زوجية بين بعض زميلاتها وأزواجهن غير الرومانسيين !
تراجع صباح – وهي زميلة دائمة العضوية في مجالس فيفي الصباحية -مركز السكري وهناك تجلس بجانب سيدة قدمت لمراجعة المركز أيضاً ومع الدقائق الاولى بدأت الكيمياء النسائية تتفاعل بينهما، فما إن عرفت السيدة أنَّ محدثتها صباح هي زميلة لفيفي حتى بدأت بالدعوة إلى الله بأن ينتقم من فؤاد لما سببه لفيفي من اضطهادٍ وأذىً نفسي ولما تلقته منه من ضربٍ وسوء معاملة، إضافةً لسلب راتبها ورهنه بقرض قيمته (15 الف) دينار ! ” وفوق هيك ملعون الوالدين هاجرها وما شافت خلقته من سبع سنين !”، صُعقت صباح بما سمعته لكنها تظاهرت بأنَّها مُطّلعة على مأسآة فيفي لتحصد كل ما يمكن حصده من هذه الغنيمة غير المتوقعة ! جاء دورها للمعالجة..نودي على صباح أول مرة وثاني مرة وثالث مرة وهي غائبة في عالم آخر، ما إن عادت صباح للبيت حتى بدأ البث بينها وبين زميلاتها حتى تسببن بتعطل شبكة الاتصالات في تلك الليلة !
حكايات فيفي لا تختلف عن حكايات رؤساء حكوماتنا ! فما إن يجلس دولته على كرسي الرئاسة حتى يبدأ بموشحاته الرومانسية وعشقهِ للشعب وتفانيه لخدمتهم، حكاياتهم وتصريحاتهم يتداولها الشارع الأُردني للفكاهة، فيفي كانت تعرف حقيقة واقعها وكانت تقص حكايتها بمحضِ إرادتها.. أما هم فمرغمون على قص حكاياتهم علينا، فيفي كانت تأتِ كل صباح وبمنتهى النشاط والحيوية لسرد حكاية أُخرى من حكاياتها، أما هم فحاضرون غائبون نائمون وكل المياه تجري أمامهم ولا يحركون ساكناً وآخر ما حدث من كوارث في وسط تعاميهم عمّا يجري هو تهريب القطع الأثرية التي ضُبطت في كندا ! وأنا على يقين لو أن مواطناً عادياً حاول تهريب علبة بولوبيف لقامت الدنيا ولم تقعد جرّاء جريمته هذه !!! ينشطون وتدب الحياة فيهم عندما تصاب الموازنة بالعجز ليبتدعوا ضريبة جديدة على المواطن الفقير، حكاياتهم لم ولن تنتهي وهم يعرفون أنّنا لا نصدقهم ولا نثق بهم… بينما فيفي استقالت من عملها عندما كشف كذبها ! وغداً نلتقي مع تهريبة جديدة !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى