.نشرة جوية!!

[review]

 

 

 

مقالات ذات صلة

خاص في الامارات اليوم

يا اخي والله انهم (دواهي ) حتى في طريقة كسب محبة الناس لهم…
تخيلوا انه بعد ان انهى جولة قصيرة في  (استيديوهات) مقر الاذاعة البريطانية (BBC) في اسكوتلندا، و دون أي يعطي زيارته  أي طابع رسمي او سياسي ، ودون ان يُذكر عن الجولة  ولو بخبر مقتضب في النشرة..فجأة  رحّبت المذيعة بمقدم  النشرة الجوية الجديد ..ليظهر بعدها  ولي العهد البريطاني الأمير تشارلز أمام خارطة الطقس قارئاً الدرجات الدنيا والعليا لحرارة ذلك اليوم متمنياً وقتاً جميلاً للسادة المشاهدين ..
**
 بمنتهى البساطة والذكاء قام بعمل روتيني وتلقائي تعجز عنه نصف التلفزيونات الرسمية العربية .. لم  يحل ضيفاً ثقيلاً ، ولم يحاول أن "يخربط" فقرات النشرة ، ولا ان يقطع السياقات المتصلة.. فقط ، قدّم فقرة صغيرة للغاية عادة ما تعطى للمذيعين المبتدئين أو للمقدمين الذين يظهرون للمرات الأولى على الشاشة..
تخيلوا لو ان مسؤولاً عربياً قرر زيارة التلفزيون الرسمي لبلاده . ثلاثة أيام والأرصفة تلون بالابيض والأسود من مقر اقامته الى مؤسسة الاذاعة والتلفزيون آخذين بعين الاعتبار الطرق المحتملة التي سيسلكها ، بينما يشطف الإسفلت بسائلي الجلي  "جولدن" و"فيري"..وتلمع النوافذ وتزين "الاوتوسترادات" بالأعلام الوطنية" ، اما المذيعات فيبتن قبلها بيومين في اهم صالونات التجميل ليظهرن بكامل الأناقة والزهو امام المسؤول في يوم الزيارة…وما ان ينزل من سيارته حتى يحيط به عشرات الحرس والمرافقين وعشرات من القيادات المؤسسة الإعلامية ليطلعوه على القفزات الإعلامية الهائلة التي حدثت بعهده..ناهيك عن الخبر الرئيس الذي سيحتل نشرات الأخبار والذي عادة ما يتولى كتابته   أعتى المحررين ، وبالرغم من انهم  يعرفون  بموعد الزيارة قبل اسبوع  الا انهم يبدأون النشرة بــ: فاجأ  (دولة، فخامة، سيادة، جلالة، سمو)  موظفي مؤسسة الاذاعة و التلفزيون بزيارة تفقدية هذا الصباح واطلع  خلالها على اقسام الاخبار والبرامج المختلفة مشيداً بجهود العاملين في المؤسسة..هذا وقد اطلع مدير…كذا وكذا…على كذا وكذا…مبدياً…كذا وكذا…طبعاً مع التركيز على صورته وهو يضع يده خلف ظهره ويبحلق في الشاشات العلوية وأجهزة "المكسر" ..ويبقوا يعيدون بنفس الخبر على رأس كل نشره مع كامل التفاصيل إلى يغفو المشاهد او يحطم الشاشة …
حتى النشرة الجوية التي قراها الأمير تشارلز…كانت ستزوّر لو جرت في احد بلدان العالم الثالث ..فمع حضور الزعيم  لا يجرؤ مذيع الارصاد الجوية  الا ان يقول : الأجواء ليوم غد ربيعية والشمس مشرقة  (حتى لو كانت زيارة الزعيم  في كانون) ..ولا بد ان يخفض درجات الحرارة الى  أقل من معدلها في مثل هذا الوقت من السنة بعشر درجات (حتى لو كانت زيارة الوالي في آب اللهّاب)…

في عالمنا الثالث   لدينا قدرة هائلة على  تزوير أي شيء، وكل شيء.. بدءاً بالانتخابات وانتهاءً  بحالة الطقس…

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

 

نشر في صحيفة الامارات اليوم

الاربعاء 16-5-2012

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى