اغتصاب بالتراضي / جروان المعاني

اغتصاب بالتراضي
أياً كانت دوافع ترمب فهي تخلو من أي اعتبار للعرب وزعمائهم، عدا عن كونها تعتبر في علم السياسة حركة حمقاء، خاصة وان زعاماتنا كانت تؤمن بالدور الأمريكي في حل الصراع، حتى أكثرهم رفضا ما كان يجرؤ على رفض هذا الدور، هكذا بجرة قلم اختلطت الأوراق وتاه المعتدلون في مصر والأردن والخليج والمغرب، وصارت كل أفعال إسرائيل مبررة حتى لو دفعت بالبقية الباقية من المقدسيين إلى أبو ديس .!
في اللحظة التي راقص فيها السيف مشتركاً (بالعراضة) وحصوله على مئات المليارات بلا مقاومة أدرك ترمب أن تحرشه بنا لقي ترحيبا فطمع وقرر المضي حد الاغتصاب ولما أدركنا رغبته بذلك ابتسمنا فصار اغتصاب بالتراضي وحينها هانت علينا كل مسميات العفة والكرامة وقبلنا أن نصلي على جنابة ..!
كل المخاوف كاذبة وكل التنديدات والاستنكارات لقرار ترمب هو ذر للرماد في العيون، فمنذ اللحظة التي تعاطف فيها زعماء الأمة مع وعد بلفور وحتى لحظة اشتراك العرب في نحر العراق ثم انخراطهم بالعداء لإيران وتقسيم السودان وما تلاه من تمزيق للشام وغيرها من البلدان العربية كان حتماً سيوصلنا إلى هذه النتيجة التي تشير إلى أن الأردن هو الوطن المنتظر للفلسطينيين ووحدهم شرفاء فلسطين والعرب يدركون هذا المخطط لكنهم جُردوا من كل قوة للممانعة والرفض .
منذ أعوام تغيرت ملامح القدس وحُرمت على العرب، وصارت الصلاة فيها حلماً حتى على شباب فلسطين، وصار كل حديث عنها شبيه في الحديث عن الطفل اللقيط الذي أُنجب سفاحاً، الكل يتعاطف معه ولكن الجميع يتبرأ منه، واليوم بعد ازدياد أعداد المدن اليتيمة حيث تهدم البيوت فوق رؤوس ساكنيها بات واضحاً معنى أن يحمل الحكام جنسيات أجنبية، وأن المليارات لن تشتري لهم محبة الشعوب وأن مصيرهم سيكون مشابها لمصير القذافي وعلي صالح ولو بعد حين .!
موضوع القدس بداية لانتهاء مرحلة التفاوض وبداية لفرض الحلول، فمن يريد الاستمرار بالحكم عليه الدخول لبيت الاغتصاب برضاه لا بل عليه أن يتزين ويكون مستعدا لإراقة دم شعبه إن حاولوا منع اغتصابه وهو الأمر المرعب، خاصة وأن الشعوب العربية كافة تعتمد على الراتب والراتب يأتي من الحكام الذين اكتنزوا المليارات ويحميهم مُغتصِبهم .!
لا بأس فنحن ندرك أن التاريخ دوائر، وأيام قليلة وسنناور من اجل الحصول على الفتات الذي قد نحصل عليه، وسنستقبل نائب الرئيس الأمريكي وسيقنعنا بلذة الاغتصاب، وستقتنع الشعوب ان لا حول لها ولا قوة وبأن الحكام العرب حريصون على بلادهم فبقاء بلادهم مرهون ببقائهم على كراسيهم، وبقاء كراسيهم يعني استمرار الحصول على الراتب أخر الشهر، فانا أدرك تماما أن هناك دول تكاد تُعلن إفلاسها وان هناك دول إذا مُنع عنها القمح ستصيبها المجاعة، وان الشعوب ركنت إلى الدعة ورغد العيش، وكل كلام عن الجهاد والقتال هو ضرب من ضروب الإرهاب وقد أفتى علماء الدين بحرمة الخروج على السلطان، وصار قادة الفكر من علمانيين وإخوان مكروهين من القادة والشعوب وكل كلمة محسوبة عليهم قد تؤدي إلى تصفيتهم .!
قالت العرب تاج القيصر لا يمكن أن يحميه من الصداع، والجميلات دوما هناك من يراودهن والقدس عروسٌ جميلة مهما تغيرت ملامحها واعتدي عليها سيغسلها الدم الطهور، ولن تُزف لمغتصبها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى