فن القلم
و هل يتوسل القلم الى الكلمات ام هي التي تتوسل اليه ، تتسابق الى رأسه ، تتباهى بفصاحتها و عميق معانيها، تجتهد كتلميذات يسعين الى التألق في عين المدرس ، يستنطقن مديحه و تتوق كل منهن للمركز الاول، فهذه الاولى في الفصاحة و تلك الاولى في البلاغة و اخرى اولى في الذوق و رابعة هي الاولى في الرقي و خامسة و سادسة و لربما عاشرة ، تفتح كل منهن صفحات دفترها و قد رتبت حروفها و زينتها و نمقتها ليقع عليها الاختيار .
يقف ذلك القلم كالمعلم الحائر في صف للموهوبين ، يتأنى كي يحسن الاختيار فما يلبث الا ان يجمع كل الدفاتر و يحفظها في خزانته، يعيد ترتيبها باتفاق مع مزاجه و خاطره ، لا يغفل عن اي منها يرسم من حروفها في كل مرة لوحة لا تشبه سابقتها ، و يعزف لحناً على وتر من اوتارها فينتقل من مقام غليظ الى اخر رفيع و من لحن حزين الى اخر بهيج ، يذهل تلميذاته اللواتي ينهال منهن التصفيق ، و تتعالى ضحكاتهن بسماع حروفهن و قد اصبحت نشيدا اجمل و تنهمر دموعهن لقصيدة ابلغ من معانيهن منفردات وحيدات .
