عودة “صالح”…الراقص على رؤوس الثعابين

عودة “صالح”…الراقص على رؤوس الثعابين
إحسان الفقيه

========
يقال أن الحارث بن عباد بن ضبيعة طلّق بعض نسائه بعدما خَرِف، فخلف عليها من بعده رجل كانت تظهر له من الوجد به ما لم تكن تظهره للحارث بن عباد، فلقي زوجُها الحارثَ بن عباد فأخبره بمنزلته منها، فقال له الحارث: عش رجبا تر عجبا ، فأرسلها مثلاً يُضرب في تنقّل الدهر وتقلّب الأحوال.

ولقد عشنا رجبا كثيرًا، ورأينا عجبا أكثر، فمن العجب أن يصبح علي عبد الله صالح بين عشية وضحاها وبدون مقدمات، الصديق الصدوق، الذي يُستعان به لحسم العمليات في اليمن ضد الحوثيين، بعد أن تعهد بصفحة جديدة مع المملكة السعودية .
يبدو أنه يتحكم في الكتاب كله بجميع صفحاته، وأنه بيده مقاليد الأمور بالفعل، واستطاع أن يتحول في هنيهة من الرئيس المخلوع إلى الرئيس السابق، وأضحى هو البطل المنقذ المُخلّص، الذي أخذ على عاتقه تطهير البلاد من الحوثيين، ودعوة رجال القبائل للدفاع عن الوطن والثورة والوحدة التي تتعرض اليوم لأخطر مؤامرة يحيكها الأعداء، وينفذها الحوثيون.
أخيرًا فهم صالح الموقف وأدرك أن هناك عدوا يسمى بالحوثي ينفذ أجندة إيرانية،
رائع، هيا لنصفق للرجل فقد عاد إليه صوابه، فلنجعل منه بطلا….
الحقيقة أن العاصفة هدأت لدرجة أنها لم تعد قادرة على تحريك غصن شجرة، فلم تجد لها مخرجا يحفظ ماء الوجه سوى قبول عرض الرئيس المخلوع (عفوا الرئيس السابق)، لفتح صفحة جديدة، وتصديره في المشهد، ليتولى إدارة الصراع الذي سينتهي بالتفاوض وتقسيم الكعكة.
وأما دول التحالف العربي، فترجع خطوات للخلف، وتقوم بدور الوسيط الذي يتحدث عن وقف الحروب والدمار وإسالة الدماء، ويُلطّف وزير الخارجية السعودي الأجواء بتأكيده أن “للحوثيين الحق بالمشاركة في العملية السياسية وليس السيطرة على الدولة…نحن بحاجة لإقناع الحوثيين بالالتزام بالقانون والتطلع إلى صالح اليمنيين”، لتتضح معالم الفترة القادمة أو تكاد، حيث يعاد إنتاج النظام القديم برجله الأبرز علي عبد الله صالح من جديد، وتذهب مكتسبات الثورة اليمنية أدراج الرياح وكأن شيئا لم يكن، ويتم إدراج الحوثيين في العملية السياسية بنفوذها المتصل بالمصدر (إيران)، فيما تعتمد دول الخليج في مصالحها السياسية والأمنية على رجلها الذي وصف لهم سابقا الحكم في اليمن بأنه “رقص على رؤوس الثعابين”، فهو وحده الذي يعلم جحورها ويميز بين السام منها وغير السام، ووحده الذي يروضها فترقص على عزف سياساته.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى