د . سفيان التل … نمر بأسوأ ظرف سياسي واقتصادي في تاريخ الأردن

سواليف

• أكثر من 60% من ميزانية الدولة غير خاضعة للمراقبة ولا احد يعلم كيف تُنفق.

• الغالبية الساحقة من البرلمان لا يقام لهم وزنا في الأمور السياسية، وسجوننا تعج بالشباب بتهم لا تزيد عن وضعهم “لايك”.

• الحكومات غير مؤهلة فوظيفتها تنفيذ ما يملى عليها، والأردن يعيش ضغوط أمريكية غير طبيعية.

• نحن ن نمر بأسوأ ظرف سياسي واقتصادي في تاريخ الأردن .

• تدمير قطاع التربية والتعليم وتحويل الجامعات إلى ميادين تعمل بالمشارط والقناوي.

• زيادة أسعار الخبز هو جزء لا يتجزأ من خطة استفزاز المجتمع.

• فرض مزيد من الضرائب من الواضح جدا أنها ستشمل الطبقة المتوسطة والفقيرة.

حاوره محمد بدوي
في لقاء خاص وحصري لـ”الحياة” مع الخبير المائي والبيئي والكاتب السياسي الدكتور سفيان التل حول أهم القضايا والتطورات على صعيد الإقليم والشأن الداخلي في البلاد وتاليا نص اللقاء :-

*في ظل الإقليم الملتهب وفي ظل الأحوال الاقتصادية التي تمر بها البلاد وفي ظل الفقر والبطالة وتدهور الأحوال المعيشية للمواطن كيف تقيمون الأوضاع السياسية والاقتصادية في الأردن؟

– نحن نمر في أسوأ ظرف سياسي واقتصادي مر به تاريخ الأردن فالأمور تسير من سيء إلى أسوأ. فعلى المستوى السياسي فقد أُبعد جميع المفكرين والقادرين على وضع الحلول السياسية لما نُسميه بالتوازنات الدولية القائمة فالذين تم اختيارهم للإدارة السياسية اعجز من أن يديروا حظيرة أغنام، فهناك خطة للإقليم كاملة تحدثنا عنها ونبهنا لها منذ سنوات طويلة وكان أهمها عام 2012 في مقابلة تلفزيونية مع قناة الجوسات. والتي شدت الناس لدرجة أنها استمرت لأكثر من 3 ساعات وما تزال على اليوتيوب. وقدمت فيها على الشاشة خرائط كافة الدول العربية والتفتيت الذي ستتعرض له هذه الدول، وكان ذلك قبل الذي حدث في سوريا وتحدثنا عن تفتيت العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان والجزيرة العربية ودول الشمال الإفريقي، وتحدثنا عن تصريحات كيسنجر التي يتداولها الشباب هذه الأيام من تفتيت الدول العربية والإسلامية ويظنون أنها حديثة في حين أنها كانت عام 2011 ومنذ ذلك التاريخ لليوم التفتيت وإثارة مستمر والحروب مستمرة.
إضافة إلى ذلك إن الغالبية الساحقة من البرلمان، والذي يعين أعضاءه شبه تعيين، يستهتر بهم إلى ابعد الحدود، ولا يقام لهم وزنا في مناقشة الأمور السياسية التي ينص الدستور على وجوب مناقشتها في البرلمان. هذا الوضع السياسي أصبح موضوع حديث لدى الكثير من الناس، ما اضطر الهيئات الرسمية لتجنيد البرلمان لإصدار قوانين لتكميم الأفواه ومنع ومصادرة الحريات. فسجوننا تعج بالشباب بتهم لا تزيد عن وضعهم “لايك” على تعليق سياسي واضح. وبالتالي أسوأ من هذا الوضع السياسي لا يمكن أن يمر به الأردن.
أما على المستوى الاقتصادي فإن أكثر من 60% من ميزانية الدولة غير خاضعة للمراقبة ولا احد يعلم كيف تنفق مجموع الديون التي حصل عليها الأردن والتي تزيد عن 30 مليار واقتربت من 100% من الناتج المحلي الإجمالي. بالرغم من أن القانون لا يسمح للديون أن تجاوز نسبة 60% من الناتج المحلي الإجمالي. الوضع الكارثي في هذا القطاع أننا لا نعرف أين اختفت هذه الديون وأين صُرفت. وان هناك قطاعات كثيرة جدا تحتاج لميزانيات كقطاعات المرور وقطاع الإسكان وحالات الفقر ومعالجة قضايا الذين يقتاتون من الحاويات…الخ. فوق كل هذه الديون فقد بيعت معظم مقدرات الوطن باسم الخصخصة، حيث بيعت الأراضي في العقبة والبتراء والبحر الميت والعبدلي ومدينة الحسين الطبية … الخ. وبيع الفوسفات والبوتاس وبيع الماء وبيعت الكهرباء والاتصالات والاسمنت وما تزال الكثير من ثروات الأمة محجوزة في باطن الأرض بحجة أو بأخرى ولا يُسمح باستخراجها وإنفاقها على تنمية البلاد، ومنها على سبيل المثال لا الحصر النفط والغاز والنحاس والسلكة وغيرها.
وسبق ذلك تدمير قطاع التربية والتعليم، وتحويل الجامعات إلى ميادين تتعامل بالمشارط والقناوي، بدلا من أن تكون مراكز علم وإشعاع لأبنائنا. وحُشد فيها من هو غير مؤهل للدراسات الجامعية، ووضعت كل العراقيل أمام النابغين والمتفوقين الذين اخذوا يبحثون في شتى أنحاء الأرض عن أماكن يمكن أن يتعلموا فيها. ونتج عن كل هذا أن أضحى التعليم غير مجدي اقتصاديا، فالذي يتعلم الطب لا يكفي دخله لطول عمره أن يغطي المبالغ الذي دفعها على دراسته، وغرقت البلاد حاليا بخريجي الجامعات العاطلين عن العمل وغير المؤهلين لأي عمل منتج.

*في ظل هذه المعطيات كلها التي تحدثت عنها يا ترى ماذا قدمت الحكومات المتعاقبة حتى هذه الحكومة الحالية؟
– الحكومات غير مؤهلة للحكم، فلها وظيفة تنفيذ ما يملى عليها فقط.، فالأردن يعيش ضغوط أمريكية غير طبيعية وقد وصلوا إلى الحد الذين استطاعوا معه أن يغيروا القانون بحيث سمحوا لمزدوجي الجنسية بان يكونوا رؤساء وزراء وزراء ونواب واعيان. وهو الوضع القائم حاليا في الأردن، حيث يحكم الأردن حكما أمريكيا مباشرا على المستويين الأمني والمدني.

*ماذا عن دور المجالس النيابية فيما يتعرض له الأردن من أزمات اقتصادية وسياسية؟

– استثنى مجموعة من النواب فُسح لهم المجال أن يكونوا في المجلس لإتمام تمثيلية الديمقراطية، بينما هناك نواب آخرين في البرلمان جاءوا بترتيبات وباتفاقات مسبقة. ويعرف كل أردني أن الغالبية الساحقة من نواب يتخذون قراراتهم على الهاتف، وهذا ما سُمي بمجموعة “الو”. وعند الحديث عن بيع أراضي البتراء فان البرلمان ارتكب خطيئة تاريخية بحق نفسه، يجب أن تحاسبه الأجيال عليها. وذلك عندما عدل القوانين بما يسمح لإسرائيل باستملاك الأراضي والدخول في المشاريع الاقتصادية العملاقة، وقد تم ذلك عندما تم إقرار قانون “صندوق الاستثمار” وكانت القضية المدوية عندما استثنوا الشركات الإسرائيلية من أن تساهم بهذا الصندوق قبل الظهر وتراجعوا عن قرارهم بعد الظهر وسمحوا لإسرائيل بالاشتراك. علما بان هذا الصندوق يحتكر حصريا دون غيره جميع المشاريع العملاقة في الأردن كالمفاعلات النووية ومشاريع الطاقة وسكة الحديد ومشاريع أنبوب النفط ومشاريع النقل والثروة المعدنية والربط الكهربائي والبنية التحتية وأي مشاريع أخرى يقرها مجلس الوزراء حصريا. يضاف إلى ذلك إن هذا الصندوق معفى من جميع الضرائب والرسوم التي تفرض على الموظف المسحوق من الدرجة العاشرة الذي لا يكفيه راتبه لطعام يومه.

*ماذا عن نوايا الحكومة بقرار رفع الضرائب الذي كثر الحديث عنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة فكيف تنظرون إلى هذا القرار؟

– التغييرات الجديدة لفرض مزيد من الضرائب من الواضح جدا أنها تشمل الطبقة المتوسطة والفقيرة أكثر مما تشمل الشركات والبنوك وغيرها وان السطو على المال العام اخذ حدودا لا حصر لها وان خزائن الدولة أصبحت فارغة لكثرة السطو عليها وبالتالي فبطون هذه المجموعة لا تشبع وبعد أن بيعت معظم مفاصل الدولة لم يبقى لديهم إلا جيوب المسحوقين.

*ماذا عن المعلومات والتقارير التي تحدثت عن نوايا حكومية برفع أسعار الخبز كيف تنظرون أيضا إلى مثل هذا القرار؟

– زيادة أسعار الخبز هو جزء لا يتجزأ من خطة استفزاز المجتمع. وانوه هنا بأنني شخصيا وأنا مسئول في وزارة البلديات خاصة في تخطيط الأراضي، حيث مُنعت خططا لإنقاذ الأراضي الزراعية والتوسع بزراعة القمح للاكتفاء الذاتي. وكانت السياسات التي تنفذ هي فتح جميع الأراضي الزراعية للبناء حتى أصبحت الأرض الزراعية مخيمات لاجئين ومن ثم للبناء عليها، وتركت الأرض غير المنتجة. وقد سبق وتحدثت وقبل أن يصل للأردن أي فوج من اللاجئين السوريين، بان مخيماتهم سوف تكون دائمة وأنها ستكون توطين وتجنيس وان ذلك سيتم خطوة خطوة وتحت شعارات براقة باستضافة إخواننا والاهتمام بهم وحل مشاكلهم.

*كيف تنظرون إلى مستقبل البلاد في ظل كل هذه المعطيات الاقتصادية والسياسية التي تحدثتم عنها وفي ظل الإقليم الملتهب؟

– الأردن يسير من سيء إلى أسوأ، والأجهزة الحاكمة غير قادرة على مواجهة الخطة الدولية لإعادة تقسيم وتفتيت المنطقة، وقد استسلمت لكل هذه الضغوط ولو أنها اعتمدت على شخصيات وطنية عاقلة ومفكرة وفاعلة تجيد فهم التوازنات الدولية وقدراتنا في هذا المضمار لاستطاعت هذه الطاقات أن تحصل على أفضل الحلول للأردن. وما كنا لنصل إلى الحال المزري الذي وصلناه.

الحياة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى