محمود 22 مُكَرّرْ / جمال الدويري

محمود 22 مُكَرّرْ


اخي محمود الشمايلة
لم يعد في الحياة ما يستحق الحياة, غير كلمة حق تتسرب عبر الأرساغ المقيّدة, ومضائق الدماغ والفكر المحبطة, ودروب الوجدان المحاطة بالأسوار الشائكة, حتى تخلص عبر رحلة العذاب العام, والعامة الأحرار, الى رأس قلم أضحى قلبا للإنسانية والثورة على الواقع المأزوم, والانسان المظلوم, وحال الوطن المأزوم المكلوم المأكول المذموم, حبرا, يصفع وجه الورق الأبيض, بكلام ليس كالكلام, وشكوى حرّى مريرة صادقة, تتردد لها أصداء عالية, بين القلعتين الجنوبية والشمالية, وبين شيحان الصلد ورأس منيف المنيف,
لم تبِع ولم تتاجِر بالوطن, يا محمود, لم تتسلق ولم تسترزق على حساب الغلابى ولا دماء الشهداء, لم تستعطِ ولم تستجدِ, ولم تكنز الذهب والفضة على حساب قوت الضعاف واليتامى والحراثين وجذور الأرض وملحها, ليس باسمك ولا باسم محمد الأول ولي عهدك, ولا بقية أفراد العائلة والأنسباء والأصدقاء, شركات وهمية, واخرى فعلية, تقتنص الفرص والعطاءات, وتستحوذ على كامل الدسم, حتى لا يبقى لبقية الشعب الا المصل الخالي من كل بركة وخير, وما يسد الرمق.
نعم, لقد بقيت يا محمود, مثلنا جميعا, ومثل اولئك المحاميد الواحد والعشرين, وغيرهم كثر, الذين يقاسمونك الزنازين والتظلم, وشرف النزعة للحرية والعدل وحب الأردن, المستحوذ على أجسادنا وأكبادنا وأرواحنا وقلوبنا وحواسنا, منذ صرختنا الأولى في هذه الحياة, والى صرختنا المستنكرة للتغوّل على قوتنا ووجودنا ووطننا, والى ان تخبو كل الصرخات فينا, ونحن في رحاب العادل المطلق, والمخلّص المنقذ الأوحد, الذي لن يُظلم في ظلّه احد, سبحانه تبارك وتعالى, رب العرش العظيم.
الجبروت له وحده, والعظمة له وحده, والسلطان له وحده, وما دون ذلك, الا غُمّة وتنجلي, وغَيمة صيف ستدفعها ريح الى العدم, وطواويس منفوخة منفوشة تزهو بريشٍ ولونٍ, وحسب, طواويس نسيت ان صورة المرآة الى بلاء وزوال, وأن الهواء المنحبس في الحوصلة, الى تنفيس.
يا محمود, كن مع الله ولا تبالي, واني لمتأكد من نجاحك بالاختبار, لثقتي بأنك قد احسنت الاستعداد ومراجعة الدرس الوطني بكل تفاصيلة ودقائق حواشيه, ذاتيا ودون دروس خصوصية ومراكز تقوية لا تتقن الا البزنس والمتاجرة, واعلم اخي علم اليقين, بأن شركاتك خلفك لن تتعثر, وأسهمها في بورصة عمان ولندن ونيويورك, لن تعاني من هبوط او سقوط, لأن الأرادنة الأحرار خارج الجويدة, سيقومون بواجب العمل, وجهد تمثيلك خير تمثيل, ان شاء الله.
اما من تشغل فكرك بهم الآن, ومن داخل حيطان الحرية, ممن تركتهم في “الثلاجة” مقابل قلعة الصمود الأردنية الكركية الأبية, وأنت تغادر الى عاصمة الأمن والأمان, وأرض الغربة والاغتراب, فالله بهم أولى وأرحم, وإخوة لك كثر, منهم تعرف ومنهم لا تعرف.
للوطن وعشق التراب الأردني والكرامة, يا محمود, ضريبة غالية عالية, ندفعها عن طيب خاطر, نتسابق الى طوابيرها, زرافات ووحدانا, وبوركت ابا محمد, اذ سبقت, وفزت بالقصب, وبورك من سبق, ومن سيلحق,
ولا بد يا صديقي, في جولتك القادمة, من صفع وجه الورق الأبيض بسهام حبرك الحرّ, وبعد “نسوان حارتنا” من التطرق الى “زلام حارتنا” و “أزلام حارتنا” .

اخوكم, جمال الدويري

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى