في الرمق الاخير/ مهند أبو فلاح

* ( في الرمق الاخير ) *
مهند أبو فلاح

ايام قليلة جدا باتت تفصلنا عن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عما سميت بصفقة القرن بعد طول انتظار و ترقب مشوب بالقلق خيم على الاجواء السياسية في منطقتنا العربية و خلق حالة من التوتر حتى على الصعيد الداخلي في أردننا المعني مباشرة بأدق تفاصيل الصراع العربي – الصهيوني و القضية الفلسطينية لاعتبارات كثيرة ليس أقلها أهمية التداخل الجغرافي و الديمغرافي بين الأردن و فلسطين
بعامة و الضفة الغربية بخاصة التي كانت لفترة غير قصيرة جزءً لا يتجزأ من المملكة الأردنية الهاشمية ما جعل كثير من الملفات الساخنة تطفو على سطح الاحداث كقضية اللاجئين ( حق العودة ) و قضية المقدسات الإسلامية و المسيحية في القدس ( الوصاية الهاشمية ) الخ ………. .

الملفات الساخنة التي نظرت إليها الديبلوماسية الأردنية و على أعلى المستويات باعتبارها خطوطا حمراء و على رأسها ملف القدس باتت على المحك منذ اعلان سيد البيت الأبيض عن قرار نقل سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس و اعتراف إدارته بها كعاصمة للكيان الصهيوني على نحو اثار موجة سخط واسعة داخل الشارع الاردني في شهر كانون الأول / ديسمبر من العام ٢٠١٧ و تمت تعبئة الشارع محليا استعدادا لمواجهة محاولات فرض حقائق على الأرض من قبل واشنطن لصالح الدويلة العبرية .

الجهود الأردنية الرسمية المبذولة لممانعة صفقة القرن اصطدمت بواقع اقتصادي مرير ناتج عن ارتهان البلاد لعدة عقود لنهج اقتصادي اتصف في أحسن الأحوال أن جاز التعبير بالتبعية لصندوق النقد الدولي على نحو جعل قدرة شعبنا على التعبير عن معارضته لهذه الصفقة السيئة الصيت في الحضيض و دفع كثيرا من عامة الناس إلى حالة من اللامبالاة
و الاستسلام و مما زاد الطين بلة اتفاقية الغاز بين الاردن و الكيان الصهيوني التي خرجت إلى حيز الوجود مؤخرا في مطلع العام الحالي ٢٠٢٠ بحيث أصبحت شريحة هائلة من الرأي العام المحلي غير مقتنعة و متشككة بجدية السلطات الاردنية في معارضتها لهذه الصفقة و خلقت فجوة و هوة واسعة سحيقة بين القيادة و القاعدة الشعبية .

الفجوة القائمة بين القيادة و الشارع الاردني او أزمة الثقة بلفظ آخر هو ناقوس الخطر الذي يجب ان يدق و يقرع بقوة الان لانه فعليا هو اشد ما يتهدد الأردن خلال المرحلة القادمة في اي مسعاً قد يبذله خلال الرمق الاخير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في وقت تعاني فيه جبهتنا الداخلية من شرخ عميق قد يكون السبب الرئيس في عدم قدرتنا على مواجهة المخططات الأمريكية و الصهيونية الرامية إلى تهويد ما تبقى من فلسطين و تصفية قضيتها على حساب أمتنا العربية بشكل يهدد أمننا الوطني ، مما يستوجب من نخبنا الفكرية استنفار كافة جهودها لإعادة ترميم العلاقة بين قمة الهرم السياسي و القاعدة الشعبية على أمل تدارك الموقف قبل فوات الأوان لعل و عسى ان يكون الأردن هو الحصان الأسود القادر على قلب المعادلة السياسية و الإقليمية رأسا على عقب من حيث لا يحتسب عرابو هذه الصفقة الملعونة .

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى